
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، أطلقت جماهير فريق الرجاء البيضاوي المغربي أغنية جديدة لدعم فلسطين وشعبها بعنوان "القضية"، في خطوة أخرى تعكس موجات التضامن والدعم الواسعة للشعب الفلسطيني من جميع فئات المجتمع المغربي. وتبرز الأغنية أهمية القضية الفلسطينية منذ الطفولة، وتشيد برموز القضية مثل "حنظلة" ومحمد الدرة، وتدعو إلى استمرار النضال والصمود من أجل التحرر، تزامناً مع استمرار الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
تبدأ كلمات الأغنية التي أطلقها فصيل "غرين بويز ": "مهما دازت (مرت) السنين. القضية الأولى هي فلسطين. عشنا مسيرة ملايين من الطفولة حتى دبا (الآن) سنين. عايشينا شخصية حنظلة (شخصية كاريكاتورية للفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي، أيقونة عربية ورمزاً للفلسطيني المضطهد والمتحدي) رمز الشموخ والعزة. غزة الخليل ورام الله. في دي إن إي (الحمض النووي)، وريززتانسا (مقاومة)". وتقول الأغنية: "فلسطين فلسطين فلسطين. علمك عالي في كورفا سيد (الفصيل المساند لفريق الرجاء) فدول العالم ديما موجود. ومهما دوز (تمر) العقود. الحرية تجي (تأتي) بالنضال والصمود. راه واضحة البرقية. لوانها محمية. ديما (دائماً) مع القضية. فلسطين حرة عربية. سوارت (مفاتيح) الملكية. جو وبحرية". تضيف: "فلسطين فلسطين فلسطين مشهد يتكرر كل مرة. دم الأبرياء والشهداء. صرخة محمد الدرة (الطفل البالغ 11 عاماً أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر/أيلول 2000). في العلياء صوتها صدى. من النهر إلى البحر. أرض الزيتون ولادة. بالكوفية حتى النصر. عائدون للقيادة. فلسطين فلسطين فلسطين".
وتأتي هذه الأغنية الجديدة بعد الأغنية الشهيرة "رجاوي فلسطيني" التي أصدرها جمهور الرجاء البيضاوي المغربي عام 2019 لمساندة الشعب الفلسطيني والمطالبة بالحرية لفلسطين والقدس، والتي لقيت انتشاراً واسعاً في العالم العربي، كما تأتي بعد أشهر من إطلاق مشجعي فريق الوداد البيضاوي لكرة القدم أغنية جديدة برسائل سياسية وإنسانية بعنوان "أرض الصمود".
منذ بدء عملية طوفان الأقصى، لقيت غزة والقضية الفلسطينية صدى واسعاً لدى مشجعي الفرق الرياضية في المغرب وجمعياتها التي مزجت ولعها بكرة القدم وعشقها لفرقها بالتمسك بدعم الفلسطينيين في فترة فاصلة من تاريخ نضالهم، ورفض ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من مجازر. وحصل ذلك بالتوازي مع مبادرات تضامنية أطلقتها فرق رياضية غيّرت شعاراتها الرسمية على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعت العلم الفلسطيني مكانها. كما حوّلت جماهير الفرق المغربية خلال الأشهر الماضية مدرجات الملاعب على امتداد البلاد إلى لوحات دعم فريدة للقضية الفلسطينية عموماً، وشعب قطاع غزة خصوصاً.
يقول أسامة، أحد الناشطين في "غرين بويز"، لـ"العربي الجديد": "يعبّر جمهور الرجاء البيضاوي الرياضي بهذه الأغنية عن نبض الشارع المغربي المحب لفلسطين والداعم لها على مر التاريخ، وتؤكد جماهير الأمة بعفويتها وبساطتها من خلال الأغنية الجديدة مدى تعلقها بالقضية الفلسطينية". ويؤكد أسامة أن "هناك إحساساً دائماً بالمسؤولية الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية التي لم تغب يوماً عن جمهور الرجاء العاشق للكرة والمدافع عن قضايا اجتماعية على المستوى المحلي وعن قضايا عادلة، ومشجعو الرجاء البيضاوي يبقون حالة فريدة محلياً وعربياً بسبب تبنيهم مبادرات اجتماعية ودعمهم ودفاعهم عن قضايا قومية وإنسانية".
ويرى رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية رشيد لزرق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "استمرار مبادرات جماهير الكرة المغربية في دعم القضية الفلسطينية، بعد إطلاق ألتراس الرجاء أغنية القضية، يوجه رسائل سياسية وإنسانية واضحة تعبر عن الموقف الشعبي الثابت تجاه معاناة الشعب الفلسطيني". ويوضح لزرق أن "الأغنية الجديدة تضاف إلى سلسلة مواقف عبّرت عنها الجماهير المغربية منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، والتي شكلت لحظة فاصلة في وجدان الشعوب العربية، خاصة في المغرب، حيث أصبحت مدرجات الملاعب منابر لصوت فلسطين". ويلفت إلى أن "كرة القدم لم تمنع الجمهور المغربي من الانخراط الواعي في قضايا الأمة، وظلّ مشجعو الأندية، وفي مقدمهم جماهير الرجاء البيضاوي، يبرهنون أن الوفاء لفلسطين لا يرتبط فقط بالمناسبات، بل هو موقف مبدئي لا تزعزعه تقلبات السياسة ولا يمكن نسيانه وسط حماسة المباريات". ويرى أنه "في زمن تحاول فيه بعض الأطراف تهميش صوت الشعوب، يُثبت جمهور الكرة المغربي أن المواقف لا تُشترى، وأن التضامن مع فلسطين ليس موضة، بل التزام أخلاقي وإنساني دائم".
من جهته، يقول عضو المكتب الوطني للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية)، محمد العربي النجار، لـ"العربي الجديد"، إن "الملاعب والملتقيات الرياضية من أهم الفضاءات التي يعبر فيها المغاربة، خاصة الشباب، أكانوا جماهير أو رياضيين أو حتى كوادر إدارية، عن التضامن غير المشروط والنابع من الارتباط العاطفي والوجداني مع الشعب الفلسطيني". يتابع: "تبعث رسائل التضامن من قلب الملاعب بأساليب وإبداعات مختلفة ومتنوعة يصعب حصرها، ويبقى أبرزها رفع الأعلام الفلسطينية والكوفيات والرموز الفلسطينية داخل المدرجات أو ترديد أغانٍ وأهازيج موحدة بين الجماهير، أو رفع لافتات معبرة. والهدف من أساليب التعبير المختلفة هو نصرة الشعب الفلسطيني، والتعبير عن الدعم غير المحدود لقضيته العادلة، ولا ننسى الدور الكبير الذي يضطلع به بعض نجوم الرياضة المغربية، وفي مقدمهم لاعبو كرة القدم، بالتدوين عبر منصات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية والتعبير بصراحة عن دعم الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم التي ترتكب ضده. كما ساهم بعض المعلقين الرياضيين في توجيه رسائل تضامنية مهمة، سواء من خلال مقدمات التعليق على بعض المباريات أو عند مرور مشاهد للأعلام الفلسطينية أو الإبداعات التضامنية من المدرجات أثناء النقل المباشر لها".
ويقول إن "كل هذه الفعاليات الرياضية التضامنية المختلفة لم تظهر فقط بعد معركة طوفان الأقصى، بل كانت استمراراً لمسيرة طويلة من التضامن الرياضي المغربي، أبرزه في مونديال قطر 2022 وكأس العالم للأندية الذي نُظم في المغرب العام الماضي، إضافة إلى بعض أغاني الجماهير المغربية التي وصلت إلى العالمية وكل هذه الفعاليات لقيت تجاوباً كبيراً من الرياضيين والجماهير الفلسطينية التي ردت التحية أكثر من مرة رغم معاناتها في ظل الاحتلال وحرب الإبادة القائمة. وأفسح ذلك في المجال أمام باب كبير من التواصل بين مختلف جماهير البلدان العربية والإسلامية الداعمة لفلسطين، ما خلق جواً من التنافس وتبادل التجارب بين هذه الجماهير طورت وسائل الدعم لضمان الجودة والاستمرار في إظهار التضامن الرياضي النبيل".
وتواصل غالبية الجماهير العربية إظهار تضامنها مع غزة. ومن بين الأندية التي عبّرت عن تضامنها أو تضامَن مشجعوها مع غزة، الفيصلي والوحدات في الأردن والوداد المغربي والأهلي طرابلس في ليبيا، وأيضاً مولودية الجزائر واتحاد العاصمة الجزائريان، إضافة إلى ناديي الأفريقي والترجي التونسيين، والعديد من اللاعبين والدوريات العربية الأخرى.

Related News

