"البداية بعد النهاية"... الطاغية السابق في حياة جديدة
Arab
1 day ago
share

 

ظهرت رواية "البداية بعد النهاية" (The Beginning After the End) المعروفة اختصاراً TBATE، عملاً أدبيّاً على منصة Tapas في يناير/كانون الثاني 2017، من تأليف الكاتب الكوري-الأميركي تيرتل مي (TurtleMe)، ورسم الفنان الإندونيسي فويوكي23 (Fuyuki23). حققت الرواية انتشاراً بفضل مزيجها الفريد بين عناصر الانتقام/التناسخ (Isekai) والعمق النفسي للشخصيات، ما دفع إلى تحويلها إلى ويبتون Webtoon في يوليو/تموز 2018، ثم إلى مسلسل أنمي من إنتاج استوديو A-Cat تحت إشراف المخرج كيتارو موتوناغا، الذي صدرت حلقته الأولى في إبريل/نيسان 2025.

الانتقال من الصفحة المرسومة إلى الشاشة المتحركة لم يكن سلساً، فبينما حملت الحلقة الأولى بذور قصة واعدة، واجهت انتقادات حول جودة الرسوم المتحركة، وتباينت ردات الفعل بين تفاؤل المشجعين وخيبة أمل المنتقدين، خاصة عند مقارنتها بأعمالٍ مثل مسلسل Solo Leveling، التي رفعت سقف التوقعات لأفلام المانهوا.

تدور أحداث أنمي "البداية بعد النهاية" حول الملك غراي، الحاكم القوي المتجبر الذي يُقتل غدراً ليعود إلى الحياة باسم آرثر ليوين، طفلٌ في العالم الخيالي الذي اسمه ديكاثين، حيث السحر والمخلوقات الأسطورية. الفكرة الأساسية هنا ليست مجرد انتقام أو اكتساب قوة عبر رحلة البطل التقليدية، بل استكشاف لثنائية الطبيعة البشرية؛ الإنسان الطيب في عالم جيد، والشرير في عالم قاس. مثل عالم الأرض الوسطى في سلسلة "ملك الخواتم"، تُقدّم ديكاثين في "البداية بعد النهاية" عالماً غنياً بالممالك المتصارعة كالجن والأقزام والبشر، والسحر الذي يُعاد تعريفه عبر أنظمة مثل Augmenters وConjurors. الصراع المركزي بين آرثر وقوى Vritra (الآلهة المنبوذة) يُحاكي الصراع بين فرودو وقوى سورون، إذ يُعاد إنتاج فكرة الشر الذي يهدد وجود العوالم.

لكن سلسلة "البداية بعد النهاية" تختلف بتركيزها على التناسخ بوصفه أداة لاستكشاف ثنائية الطبيعة البشرية، فيكون السؤال: هل يمكن لطاغية سابق أن يُصلح نفسه في حياة جديدة؟ في مسلسل "صراع العروش"، تُمحى هويات الشخصيات أحياناً تحت وطأة السلطة، كما حدث مع جون سنو أو ملكة التنانين دينيريس. أما في "البداية بعد النهاية"، فإن آرثر يحمل ذكريات ماضيه ملكاً قاسياً، ما يخلق توتراً بين رغبته في الحماية وخوفه من تكرار الأخطاء. هذا الصراع الداخلي يُشبه تحوّل جيمي لانيستر من ملك القتلة إلى بطل مُعقد، الفرق هنا هو أن "البداية بعد النهاية" تُعطي البطل فرصة ثانية مُسبقة، بينما في "صراع العروش"، التغيير يأتي عبر المآسي المتتالية.

هذا العمق هو ما جذب الجمهور الأصلي للرواية والويبتون. الحلقة الأولى تُركّز على علاقة آرثر بوالديه أليس ورينولدز، اللذين يمنحانه الحنان الذي افتقده في حياته السابقة. المشاهد العاطفية، مثل لحظة تدمير آرثر لمنزله خطأً أثناء تجربته الأولى للسحر، ثم البكاء بسبب ذنبٍ شعر به لأول مرة، تُظهر كيف يعيد العمل صياغة الفكرة النمطية للتناسخ من خلال عدسة إنسانية.

المشكلة الكبرى تكمن في جودة الرسوم المتحركة، على الرغم من أن الاستوديو A-Cat حاول تقديم تصوير بصري يناسب العالم السحري، فإن المشاهد العنيفة، مثل انفجار المنزل، جاءت باهتة. اللقطات الثابتة (Still Frames) تكثر في المشاهد الحوارية، ما أفقد الأنمي حيويته المعتادة والمتوقعة. حتى تصميم الشخصيات، رغم دقّته في الويبتون، يبدو مسطحاً أحياناً، خاصة في تعابير الوجه التي تفتقر إلى التنوع. مثل البطل سونغ في مسلسل Solo Leveling، يُظهر آرثر نمواً سريعاً في القوة السحرية، لكن "البداية بعد النهاية" تتعمق أكثر في الجانب العاطفي، خاصة علاقته بوالديه. هنا، تُذكر مقارنة لا مفر منها مع مسلسل Solo Leveling، الذي قدم مشاهد حركة مذهلة رغم تشابه الفكرة.

يبدو أن "البداية بعد النهاية" ضحية للعنة التوقعات، فالقصة الطموحة تتطلب استثماراً أكبر في الإنتاج، وهو ما لم يحصل، ربما بسبب محدودية ميزانية الاستوديو أو خبرته. الحلقات الصادرة حتى الآن تُعاني من تباينٍ في الإيقاع. المشاهد الأولى التي تصف حياة غراي ملكاً قاساً، سريعة ومكثفة، بينما تُبطئ الأحداث عند انتقاله إلى عالم ديكاثين، إذ تُكرّس دقائق طويلة لتصوير حياته اليومية طفلاً. هذا التباين قد يُربك المشاهد الجديد، لكنه أيضاً محاولة لبناء العالم (World-Building) عبر تفاصيل صغيرة. اللافت هنا هو الرواية الصوتية الداخلية لآرثر (أداء Makoto Furukawa) التي تمنح العمل عمقاً فلسفياً ونفسياً، لكنّ الاعتماد المفرط عليها حوّل بعض المشاهد إلى كتابٍ مسموع بدلاً من عملٍ بصري.

رغم التشابهات مع الأعمال الكلاسيكية، فإن مسلسل "البداية بعد النهاية" يحمل بذوراً لتميّزه؛ فتركيزه على الفداء العائلي والنمو النفسي للبطل يمنح السلسلة عمقاً قد يُضاهي أعمالاً مثل Berserk، لكن نجاحها النهائي يعتمد على تحسين جودة الرسوم وتطوير الحبكة لتجنب الوقوع في فخ التكرار. وربما، تكون "البداية بعد النهاية" فرصة لاستعادة السحر الإنساني في عالم يغرق في الصراعات الملحمية الباردة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows