
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات القادمة من العراق، بالتزامن مع رسالة رسمية وجهتها الإدارة الأميركية إلى الحكومة العراقية، تضمّنت توضيحات بشأن القرار، كما حملت إشارات إلى رغبة واشنطن في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتوسيع نطاق التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008.
وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي أحمد عبد الله إن الرسالة الأميركية التي رافقت قرار فرض الرسوم الجمركية على العراق كانت شديدة اللهجة، وتتجاوز البعد التجاري البحت، مضيفًا أن مضامين الرسالة تحمل إشارات واضحة إلى وجود أبعاد سياسية ضاغطة، إلى جانب الأهداف الاقتصادية.
وأوضح عبد الله أن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على العراق، رغم محدودية صادراته إلى السوق الأميركية، يعكس رسالة رمزية أكثر منها اقتصادية مباشرة، وخاصة أن معظم الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة تتركز في قطاع النفط، الذي لا يشمله القرار.
وأضاف أنه من الناحية الاقتصادية، قد لا يسبب القرار ضررًا كبيرًا على المدى القصير بسبب ضعف الصادرات غير النفطية، إلا أنه يكشف بشكل واضح هشاشة الهيكل التصديري العراقي، واعتماده المفرط على النفط، وهو ما يُضعف قدرة العراق على المناورة في مثل هذه الأزمات التجارية. وأكد أن الرسالة تنبّه صناع القرار في العراق إلى ضرورة تنويع مصادر الدخل، وبناء قاعدة إنتاجية وتصديرية قادرة على الصمود في وجه التحولات الدولية والابتعاد عن المحاور الاقليمية، داعيًا إلى التحرك عبر القنوات الدبلوماسية والاقتصادية لتقليل آثار القرار، والاستفادة من الرسالة باعتبارها مؤشرا لضرورة إعادة تقييم السياسة التجارية للبلاد.
من جانبه، علّق المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح على رسالة الرئيس الأميركي في تصريح صحافي، قائلا إن الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة تقتصر تقريباً على النفط الخام، بكمية لا تتجاوز 200 ألف برميل يومياً وبقيمة سنوية تقارب 4.5 مليارات دولار"، مضيفاً أن "هذه الصادرات معفاة أساساً من الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس ترامب سابقاً".
وبيّن أن الإشارة في الرسالة الأميركية إلى إمكانية فرض رسوم بنسبة 30% لا تبدو منطقية، في ظل غياب صادرات عراقية غير نفطية ذات حجم تجاري فعلي إلى السوق الأميركية تستدعي مثل هذا الإجراء. وأشار إلى أن السوق العراقية تستورد سنوياً ما قيمته نحو 1.5 مليار دولار من السلع والخدمات الأميركية، تشمل المعدات الهندسية والكهربائية، والأجهزة الدقيقة، والطائرات المدنية، والتقنيات الرقمية، والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى السيارات والمنتجات الزراعية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التجارة محمد حنون أن الصادرات غير النفطية للعراق إلى السوق الأميركية ضئيلة جدًا، ما يقلل من الأثر المباشر للقرار، لكنه حذر من تأثيرات غير مباشرة محتملة على الاقتصاد العراقي عبر أسواق النفط العالمية، إذ قد يؤدي القرار إلى انخفاض نسبي في الأسعار، وهو ما يؤثر على الإيرادات العامة.
وأوضح أن الحكومة تحركت بشكل استباقي عبر أوامر عاجلة لتعزيز التبادل التجاري مع الولايات المتحدة، بما في ذلك التنسيق المصرفي والتفاوض السياسي، مبينًا أن القرار الأميركي يعكس عجزًا تجاريًا ثنائيًا ولا يستهدف العراق بشكل منفرد.

Related News

