جمّدت اليونان النظر في طلبات لجوء مهاجرين يفدون في قوارب من شمال أفريقيا مدّة ثلاثة أشهر، في مواجهة الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط التي شبّهتها حكومة أثينا بـ"الغزو". ويسمح هذا التشريع الطارئ، الذي صدّقت عليه غالبية 177 نائباً من أصل 293، للسلطات باحتجاز طالبي اللجوء في مخيّمات مدّة تصل إلى 18 شهراً. وقد جاء تأييد المشروع بصورة أساسية من نواب الحكومة المحافظة واليمين المتطرّف.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في تصريح لصحيفة بيلد الألمانية اليوم الجمعة: "اتّخذنا القرار الصعب، إنّما الضروري جداً، بتعليق آلية النظر في طلبات اللجوء بصورة مؤقتة للوافدين بحراً من بلدان شمال أفريقيا". وأضاف أنّ "هذا القرار يبعث رسالة واضحة لا تدع مجالاً لسوء التفسير لشبكات الاتجار بالبشر، مفادها أنّ اليونان ليست طريق عبور مفتوحاً"، مشدّداً على أنّ "الرحلة خطرة، والنتيجة غير مؤكدة، والأموال المدفوعة للمهرّبين تذهب هدراً في نهاية المطاف".
وتفيد بيانات وزارة الهجرة اليونانية بأنّ أكثر من 14 ألف شخص يخوضون رحلات هجرة غير نظامية وصلوا إلى البلاد منذ بداية عام 2025، من بينهم أكثر من ألفَين في الأيام القليلة الماضية انطلاقاً من ليبيا. وقد وصل المهاجرون بصورة رئيسية إلى جزيرة كريت، التي تقع في جنوب اليونان، والتي تُعَدّ من القبلات السياحية الأولى في البلاد، الأمر الذي أثار غضب السلطات المحلية والعاملين في مجال السياحة. وقال رئيس الوزراء الذي تعود جذوره إلى كريت، أمام البرلمان، هذا الأسبوع، إنّ "أيّ مهاجر يدخل بطريقة غير قانونية (إلى اليونان) سوف يجرى توقيفه واحتجازه".
من جهته، قال وزير الهجرة ثانوس بليفريس، في تصريح لشبكة سكاي تي في، إنّه "لا يمكن لليونان أن تستقبل قوارب تحمل ألف شخص يومياً"، مضيفاً أنّ بلاده سوف تجري "مراجعة صارمة" لكيفية تعاملها مع المهاجرين. وشدّد على أنّ "وزارة الهجرة اليونانية ليست فندقاً"، وبالتالي "لا يمكن لأيّ كان الدخول بصورة غير قانونية وطلب اللجوء وتلقّي مساعدات وثلاث وجبات يومياً ومأوى، وكلّ ذلك على حساب دافعي الضرائب اليونانيين والأوروبيين".
يُذكر أنّ بليفريس وصف تدفّق المهاجرين بأنّه "غزو من شمال أفريقيا"، علماً أنّ نحو ثمانية آلاف مهاجر وصلوا إلى كريت منذ مطلع هذا العام، بحسب وزارة الهجرة. وأوضح الوزير أمام البرلمان، اليوم الجمعة، أنّ من أصل مجموعة من أكثر من 500 مهاجر وصلوا أخيراً إلى كريت، فإنّ الغالبية الكبرى هم شبّان مصريون غير مخوّلين الحصول على اللجوء.
لكنّ القرار الأخير الذي اتّخذته اليونان وصدّق عليه نوابها يلقى انتقادات من مجموعات حقوقية، إذ يُعَدّ انتهاكاً للقانون الدولي وقوانين الاتحاد الأوروبي. كذلك، سُجّلت انتقادات من أحزاب يونانية معارضة وصفته بأنّه غير دستوري، وقد رأت المعارضة اليسارية في هذا القرار انتهاكاً لحقوق الإنسان. وبدورها، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها، وشدّدت على أنّ "الحقّ في طلب اللجوء هو أحد حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليه في القانون الدولي والأوروبي والوطني، وهو ينطبق على الجميع بغضّ النظر عن كيفية وصولهم إلى بلد ما أو مكان وصولهم".
(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)
