طرقات ليبيا تقود نحو الموت... نزيف متواصل
Arab
2 days ago
share

لم تعد الحوادث المرورية في ليبيا مجرد أرقام عابرة، بل كشفت الإحصائيات خلال الأشهر الماضية أنها تحولت إلى كارثة حقيقية ترعب الليبيّين، بعد أن حصدت الطرقات المتهالكة أرواح كثيرين وخلّفت المآسي لدى عشرات العائلات.

وفي الوقت الذي حثت فيه إدارة المرور والتراخيص على تكثيف جهود التوعية والالتزام بقواعد السلامة للحد من الخسائر، ظلت التساؤلات عالقة بشأن الإجراءات العملية الرادعة لوقف النزيف المستمر. فقد رصدت أقسام المرور والتراخيص في مديريات الأمن 762 حادثاً مرورياً تسبب في وفاة 200 شخص وإصابة 333 آخرين خلال شهر مايو/أيار الماضي وحده. وكشفت الإحصائية الصادرة عن إدارة المرور والتراخيص في وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، مطلع يوليو/تموز الجاري، عن حجم الدمار الذي طاول 1216 مركبة خلال هذه الحوادث. 
ولم يكن شهر مايو إلا حلقة في سلسلة متواصلة في مشهد ضحايا المرور المتكررة. وعلى الرغم من أن وزارة الداخلية لم تعلن إحصاءات شهر يونيو/حزيران حتى الآن، غير أن مديريات الأمن كانت تعلن تباعاً حوادث المرور ضمن نطاقاتها، من خلال منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي. ففي الثامن من يونيو، أعلنت مديرية طرابلس حادثاً مروّعاً جنوب غرب العاصمة أسفر عن وفاة ثلاث سيدات وإصابة امرأة رابعة والسائق، إثر فقدان السيارة توازنها وانحرافها خارج الطريق.

وفي اليوم التالي، لقي شاب (17 سنة) مصرعه جنوب مدينة هراوة التابعة لمنطقة سرت، وسط شمال البلاد، بعد أن انقلبت سيارته نتيجة السرعة الزائدة وفقدان السيطرة، وهو مشهد تكرر في اليوم العاشر من الشهر ذاته في طرابلس، حيث أعلنت المديرية وفاة شخص وإصابة آخر في حادث وقع في أحياء وسط العاصمة. وفي منتصف يونيو كذلك، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بفرع الكفرة، جنوب شرق البلاد، وفاة ثلاثة رجال قرب بلدة تازربو نتيجة اصطدام سيارتين ليلاً. وفي الثامن والعشرين من الشهر ذاته، توفي أربعة أشخاص وأصيب آخرون شرق مدينة رأس لانوف، وسط شمال البلاد، جراء تصادم سيارتين بسبب تجاوز السرعة. واختُتم الشهر بحادث مروري أليم في 30 يونيو في منطقة بويرات الحسون، غرب منطقة سرت، حيث لقيت امرأة حتفها وأصيب ابنها وابنتها.

وفي مارس/آذار الماضي، شهدت الشويرف، وسط الجنوب، حادثاً مروّعاً حصد أرواح ثمانية أشخاص في تصادم جماعي، ربطه عميد بلدية أوباري أحمد ماتكو بـ"سوء حالة الطريق وغياب الصيانة"، مشيراً خلال تصريحات صحافية إلى أن النيران التي شبّت في السيارتين حالت دون إنقاذ الناجين. وقبلها في الشهر ذاته، أعلن مستشفى الشهيد عطية الكاسح التعليمي في مدينة الكفرة وفاة أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين بسبب انقلاب حافلة ركاب، فيما أعلنت مراقبة التربية والتعليم في البيضاء (حكومي) الحداد في مدارس المدينة بعد وفاة خمسة طلاب في حادث سير، بينهم ثلاثة أشقاء، واصفة إياه بالمأساة الاجتماعية التي هزّت المدينة.
ولقيت مشاهد الطرقات الدموية اهتماماً دولياً، ففي نهاية ديسمبر 2024 صنفت منظمة الصحة العالمية ليبيا ضمن قائمة الدول الأكثر خطورة في الحوادث المرورية للعام 2024، وكشفت أن عدد ضحايا الحوادث بلغ 34 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. وتؤكد وزارة الداخلية في ليبيا هذا المنحى المأساوي، إذ أظهرت إحصاءاتها أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سجّل منفرداً 147 حالة وفاة و357 إصابة بليغة و228 إصابة بسيطة في 732 حادثاً. 

وسط الكوارث المتلاحقة يبرز السؤال بشأن أسباب استمرارها وارتفاعها، حيث يرى الضابط في شرطة المرور، أنس بوشعالة، أن السبب يعود لغياب الروادع المرورية في المناطق النائية، ويوضح لـ"العربي الجديد" أن الوفيات الجماعية تم تسجيلها في المناطق الريفية والقروية ذات المساحات المترامية. ويرجّح أن يكون عدم تقيد السائقين بقيود السرعة في هذه المناطق، هو السبب وراء ارتفاع مؤشرات الحوادث، خصوصاً في الطرقات الصحراوية، أو تلك التي تربط بين القرى والمناطق الريفية.
وفيما يعبّر عصام بوحرارة، مواطن من طرابلس، لـ"العربي الجديد" عن قلقه حيال استمرار الحوادث من دون حلول جذرية، يسأل عن الوضع في المدن الكبرى التي تشهد كذلك حوادث متزايدة، وعن غياب سلطة القانون للحد من نزيف الطرقات. ويطالب السلطات بالاعتراف بأن تهالك الطرقات هو السبب الأكبر خلف ارتفاع حوادث المرور، موضحاً أن الطرقات في المناطق الريفية والقروية قديمة ولا تزال على حالها منذ عقود. وإذ يقرّ بالمسؤولية الجماعية إزاء تحوّل الطرقات إلى وجهات تقود المواطنين نحو القبور، بحسب تعبيره، يشدد على أهمية تحمل السلطات مسؤولياتها لبناء استراتيجية واضحة من أجل إصلاح البنى التحتية المنهارة، وتطبيق القوانين المرورية بشكل جدي.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows