زيارة "أئمة" منتحلين إلى إسرائيل تثير غضب مسلمين وناشطين أوروبيين
Arab
2 days ago
share

أثارت زيارة ما سُمي "وفد أئمة مسلمي أوروبا" إلى إسرائيل رفضاً واسعاً بين المسلمين والناشطين في أوروبا، الذين دعوا إلى مقاطعة دولة الاحتلال، وخصوصاً أن هؤلاء انتحلوا الحديث باسم مسلمي أوروبا وعربها، وقال إمام مسجد السلام في آرهوس، وسط غرب الدنمارك، أبو لؤي منصور، لـ"العربي الجديد" إن الذين ذهبوا إلى حائط البراق في القدس المحتلة، وتباكوا بعد زيارة "متحف المحرقة"، والتقوا رئيس الكيان إسحاق هرتزوغ، لا يمثلون سوى أنفسهم "فهم ثلة منبطحون مطبّعون لا علاقة للأمة الإسلامية بهم، ولا هم أئمة، ومتجردون من إنسانيتهم وضمائرهم لأجل غسل أيادي مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزّة". ورأى أن تحركات هؤلاء ليست معزولة عن محاولات صهيونية لنشر سرديتها بعدما منيت بخسائر كبيرة في أوروبا. وشدد الإمام منصور على أن عرب ومسلمي أوروبا، بمن فيهم علماء الأزهر والمجلس الأوروبي للأئمة، رفضوا ونددوا بالزيارة.

وتلقى "العربي الجديد" بياناً من المجلس الأوروبي للأئمة وصف الوفد المذكور بأنه لـ"أئمة مزعومين وليسوا معروفين في أوساط المسلمين". وشدّد على أن حيثيات زيارة هؤلاء إلى إسرائيل والجهات التي تقف خلفها تأتي "لتؤكد طابعها الاستعراضي الاستفزازي، لخدمة أغراض مشبوهة لا تعبر عن موقف مسلمي أوروبا الراسخ في التضامن مع أهل غزة المظلومين، والتنديد بجريمة الإبادة الوحشية التي يمارسها ضدهم جيش الاحتلال الصهيوني، وما المسيرات الدورية والفعاليات اليومية في كل المدن الأوروبية، إلا دليل على ذلك". ودعا المجلس إلى مواصلة الفعاليات، وإلى تكثيف نصرة الشعب الفلسطيني، مشدداً على أن "كل مبادرة لتبييض جرائم المحتل هي خيانة لله ورسوله ودماء المستضعفين"، مؤكداً الحذر من "محاولات اختراق الوعي وتشويه الثوابت عبر شخصيات مأجورة أو مضللة".

وأثار وجود حسن الشلغومي رئيساً للوفد استهجان نشطاء حركة التضامن في فرنسا، التي يقيم فيها الرجل، ففي حديثه مع "العربي الجديد" اعتبر عضو حركة المقاطعة (بي دي أس فرنسا) ومسؤول فرع حركة السلام المؤيدة لفلسطين في شارنت ماريتيم الفرنسية، إريك توماس، أن الزيارة عبارة عن مهزلة، وقال إن "هؤلاء الأئمة المفترضين يحملون بالأساس السردية الصهيونية، ويقومون منذ زمن بتشويه تحركاتنا نحن كفرنسيين متضامنين مع فلسطين"، وأشار إلى أنه قبيل زيارتهم شن "الأئمة" المزعومون حملات عنيفة ضد أوروبيين متضامنين ومعادين لجرائم الحرب في قطاع غزة. ويرى المناضل الفرنسي العتيق أن مهمة أولئك كانت على الدوام "الاشتغال في كل مناسبة بتعزيز مخاوف الإسلاموفوبيا". وباعتباره أحد العارفين بالشلغومي يشدد على أن هذا الرجل هو ممن "استندت إليهم السلطات الفرنسية، وتحديداً الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الداخلية برونو روتيلو، في ترويج معلومات مضللة تضخم تأثير جماعة الإخوان المسلمين وتسللها لزعزعة الاستقرار".

الشلغومي.. ونماذج تفريخ مشبوه

حسن الشلغومي من مواليد تونس 1972، هرب منها في 1992، وأصبح شخصية جدلية منذ سنوات طويلة. وكان تحت مراقبة أمنية فرنسية بعد أن درس في المدارس القرآنية في لاهور ثلاث سنوات، واحتُسب أمنياً على "طالبان باكستان". ومنذ 1996 راح يعمل بالدعوة عضواً في جماعة التبليغ. ساومته المخابرات الفرنسية، بعد جلسات تحقيق معه، بأن يصبح مخبراً لقاء بقاء إقامته الفرنسية في 2024، وليس ثمة ما يؤكد أنه قبل العرض، وهو يدّعي أنه "صوفي"، ويتفاخر بإلحاق أطفاله بمدرسة كاثوليكية خاصة، دلالة على "اعتداله". بل وصل به الأمر في تقديم أوراق اعتماده أن قال في مقابلة تلفزيونية إنه يقول "فرنسا أكبر"، بدلاً من "الله أكبر".

لعب الشلغومي دوراً محورياً في ترتيب زيارة دولة الاحتلال، من خلال "شبكة الريادة الأوروبية" المعروفة اختصاراً بـ "إلنت"، وتهتم هذه الشبكة بـ"تعزيز العلاقات بين أوروبا وإسرائيل". ووفقاً لمصادر "العربي الجديد" في فرنسا جاءت الزيارة في سياق إسرائيلي لاستدعاء شخصيات قابلة للتطبيع ولترويج السردية الصهيونية تحت مسميات مختلفة حول الأمن والسلام. وبحسب المصادر فإن ما يقوم به الشلغومي نتاج علاقات مشبوهة بينه وبين لوبيات صهيونية فرنسية نافذة ومع حاخامات تطبيع. ولعبت العلاقة بينه وبين عمدة مدينة درانسي الفرنسية، جان كريستوف لاغارد، دوراً في فتح الأبواب أمامه، وصولاً لتنصيبه على إمامة مسجد حديث التأسيس في المدينة، وهي صفة سيستخدمها لاحقاً بكثرة. وذلك من دون إغفال امتداد علاقات الشلغومي الخارجية مع جهات عربية ترعاه كغيره على الساحة الأوروبية، كما تؤكد مصادر في فرنسا.

وتقوم أفكار المذكور على أن: "التطرف الإسلامي مرض في الإسلام يجب أن نحاربه"، وذلك بعد مقتل المدرّس صاموئيل باتي في فرنسا في أكتوبر/ تشرين الأول 2020. وقال أمام وسائل الإعلام: "هذا المرض تحاربه الدول الإسلامية، الإسلام السياسي محظور في بعض الدول، فلماذا لا نحظره هنا (في فرنسا)"، داعياً إلى نشر القساوسة في السجون للحديث مع الشباب المسلمين. وقد وصفه مستشاره السابق الصحافي من أصل باكستاني، فريد حناش، الذي شاركه تأليف كتاب "من أجل فرنسا" في سبتمبر/أيلول 2020، بأنه "كاريكاتور وإمام كذاب".

وتفيد آني ديفرسون، من حركة المقاطعة بي دي أس فرنسا، بأن مواقف الشلغومي، الذي تتخذه السلطات الفرنسية والإسرائيلية عنواناً للسلام والتعايش، "ليست فقط محل استهجان وإدانة، بل هي مستفزة للعقل". وقالت لـ"العربي الجديد" إنه "يحمل خطاب اليمين العنصري في فرنسا، وخطاب اليمين الصهيوني في إسرائيل بالتحريض على قارب مادلين، الذي حاول كسر الحصار عن غزّة، وتبنى حينها السردية الصهيونية بوصفه عضو البرلمان الأوروبي ريما حسن بأنها عضو في حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وبأنه يجب طردها من فرنسا".

وفي اجتماع الوفد مع رئيس دولة الاحتلال، إسحق هرتزوغ، لم يفوت الشلغومي تهجمه على النضال الفلسطيني ونعته بالإرهاب، ممتدحاً ما سماها "إنسانية الاحتلال". وأشارت جيفرسون إلى اشتراك الشلغومي مع التيارات الصهيونية "الملتصق بها" برفع "شعار مكافحة معاداة السامية، متسلحاً بمواقف اليمين العنصري في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وغيرها، وباعتبار وجود العرب والمسلمين والأجانب كسلة قمامة واحدة يجب رميها بعيداً". وتستغرب الفرنسية المتضامنة مع فلسطين مواقف الوفد "فنحن نفتش عن مبدئية تتعلق بالاحتلال وعنصريته الواضحة وتنفيذه جرائم إبادة، واتخاذ الدين مطية فاشية من الذين يسمون أنفسهم أئمة، يعني أنهم يتبنون سرديات المحتل ويطبقونها بأنفسهم".

الاستهجان من مواقف "الأئمة والشخصيات المهمة"، كما قدمهم الاحتلال، وصل إلى مؤيدي ائتلاف فرنسا الأبية، بزعامة جان لوك ميلانشون (المندد بجرائم الاحتلال)، وناشطي حركة أس أو أس (أنقذوا فلسطين) حيث قالت الناشطة، جيزيل. م، من الحركة إن "من يسمون أئمة يقومون بحملات تحريض ضدنا نحن الفرنسيين المتضامنين مع فلسطين، ويرتدون عباءة التسامح مع جرائم الاحتلال، متهمين كل من يتحرك في الشارع بأنهم مثليون جنسياً وقريبون من الإخوان المسلمين، وهو يذكرنا بخطاب ترامبي تكرر ضد خصومه، كما فعل أخيراً مع زهران ممداني، وهو ما قام به أيضاً حسن الشلغومي"، كما شرحت لـ"العربي الجديد".

وقد انتحل صفة الإمامة أيضاً في الوفد البريطاني الباكستاني، داهري نور محمد، المتعاطف بشدة مع جنود الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي الثامن منه ذهب إلى حدود قطاع غزة رافعاً العلم الإسرائيلي، والتقط صوراً مع من سماهم "ضحايا إرهاب حماس"، معبراً عن تأييده الحرب على غزة. كما أنه يستخدم مصطلح "يهودا والسامرة" للضفة الغربية المحتلة، كما يفعل عتاة التطرف الصهيوني - الديني الذين أطلقوا تسميات توراتية على الأرض الفلسطينية لتبرير احتلالها. وداهري هو ضيف دائم على صفحات صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" حيث لا هم له سوى تشويه الفلسطينيين.

ومثل الشلغومي جرى تفريخ داهري "السلفي"، كما يصف نفسه على حسابه في منصة إكس، بعد جلسات استخبارية حققت معه بشأن إسلاميته، لنكون أمام شخصية مشوهة في فهم الظلم والعدالة يمجد جرائم جنود الاحتلال التي يندد بها غربيون ليسوا مسلمين. وقال في زيارته الحالية: "لم أستطع تحمل رؤية الآلام والحزن على وجوه اليهود في الصور، كان الأمر يفوق خيالي تماماً". وزعم داهري أن المشكلة تكمن في أن "هناك مسلمين لا يزالون ينكرون الهولوكوسكت، ورسالتنا من هنا واضحة جداً للمجتمع المسلم: عليكم الاعتراف بحدوث الهولوكوست". ومثل رفيقه الشلغومي تبدو القصة والقضية الفلسطينية مختزلة في تحميل الضحية مسؤولية ما يرتكب بحقه من جرائم حرب، وعلى اعتبار أن "هناك مسلمين لا يعترفون بالمحرقة وعليهم زيارة المتحف، ليروا بأعينهم ويقرأوا التاريخ، ويشعروا بالألم والحزن الذي مر به الشعب اليهودي". وقام أحد أعضاء الوفد المشبوه في أثناء لقائهم بهرتزوغ بإنشاد "هتكفا" (النشيد الوطني الصهيوني)، والذي تحت كلماته ارتُكبت المذابح، وجرت النكبة الفلسطينية، واحتُلت الأرض، ودُنست مساجد وكنائس فلسطين المحتلة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows