على هامش المهرجان: لماذا التقديم ترويجياً؟
Arab
2 days ago
share

بعض المزعج في مهرجانات سينمائية، وفي غير السينمائيّة أيضاً، تقديم فيلمٍ مُشارك في هذه المسابقة أو ذاك البرنامج. فالتقديم، إذْ يُنشَر في كاتالوغ أو يُقال قبيل لحظات من بدء العرض الجماهيري (هذا غير حاصل في العروض الصحافية)، يُفترض به أنْ يُختَزل بأقلّ الكلام الممكن، وأنْ يكتفي قائله/كاتبه باختصار الحكاية، مع إضافة معلومات يجب ألّا تؤثّر بالمُشاهِد/المُشاهِدة قبل العرض.

هذا غير عابر. هناك من يقف أمام جمهور الصالة لتقديم فيلمه/ها، من دون اكتراثٍ بأصول التقديم، فيتسفيض في كلامٍ غير متوقّف عند الفحوى الدرامية/الحكائية، بل يتجاوزها إلى ما يُستشفّ منه أنّه "توجيه" مبطّن إلى كيفية المُشاهدة والتعاطف والتواصل، خاصة إنْ يكن مُقدِّم/مُقدِّمة الفيلم عربياً، أو ذي أصل عربي، فتكرّ الثرثرة، ويؤدَّى دور الضحية (كم تعبنا كم جاهدنا كم كافحنا من أجل تحقيق هذا الفيلم، والظروف المحيطة بإنجازه صعبة وقاسية، إلخ). هناك من يُضيف، في الـ"ختام"، أنّ فقرة "أسئلة/أجوبة" بعد العرض متاحة للجميع، والبعض غير متردّد عن القول إنّ في الفقرة كشفاً لخفايا وتفاصيل.

مدّة التقديم، إضافة إلى مضمونه (وفي المضمون ثرثرة كثيرة)، كفيلان بإقامة مسافة (سلبية) بين مهتمّ/مهتمّة وما سيُعرض. مهنياً، على الناقد والصحافي/الصحافية السينمائي المحترف ألّا يولي التقديم أهمية، بل أنْ يصمّ أذنيه عن كل كلامٍ، منتظراً (بفارغ الصبر!) بدء العرض، والانصراف بكليّته إلى ما "تُقدّمه" الشاشة من مشاهد وتفاصيل وخبايا.

أمّا المكتوب في الكاتالوغ، وإنْ يُكتفَى بنشره إلكترونياً في زمن تقليص التكاليف والاتكاء أكثر فأكثر على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج والإعلان/الدعاية، فيتضمّن أكثر من التقديم الكلامي أحياناً: مدح جماليات صورة ومعالجة وتمثيل، وتحليل يقترب من النقديّ بدل التزام المعنى العلمي للتقديم. ألن يكون هذا "توجيهاً" ضمنياً للاختيار، فالمُشاهدة؟ أإلى هذا الحدّ يحتاج فيلمٌ، أو الأفلام كلّها، إلى توجيه دعائيّ، يُغلَّف بكتابة منمّقة ترتكز على مفردات نقدية، للحصول على رضى جمهور/ناقد/صحافي ـ صحافية سينمائية، لن يتمكّنوا من مشاهدة كلّ شيء؟

هذا، باختصار، سَلبٌ موارب لحقّ المُشاهِد/المُشاهِدة في مُشاهَدةٍ منزّهة من كلّ ضغط وترويج مُسبَقَين. مع أنّ للتقديم، مكتوباً ومنشوراً أو سابقاً لكلّ عرضٍ جماهيري، دوراً في ترطيب المسافة الطبيعية القائمة بين فردٍ وفيلمٍ. ترطيب يجب ألّا يخرج من بساطةٍ وسلاسة واختصار: هذا الفيلم يروي هذه الحكاية، أو يتناول هذه المسألة، أو يعاين هذه الحالة، إلخ، وفقط لا غير. فلا صانع/صانعة الفيلم يحقّ لهما ترويجاً يسبق المُشاهدة في مهرجان أو نشاطٍ أو عرضٍ تجاري، ولا من يكتب في كاتالوغ يحقّ له "فرضُ" رأي أو شعور خاصّين به على قارئ/قارئة يريدان معرفة شيءٍ عمّا يرغبان في مشاهدته.

(كارلوفي فاري)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows