مناورات تايوان العسكرية: تحضير لصراع طويل الأمد
Arab
2 days ago
share

بدأت تايوان أول من أمس الأربعاء واحدة من أطول مناوراتها العسكرية السنوية، في محاكاة لما يعرف بـ"تكتيكات المنطقة الرمادية" في البر الرئيسي الصيني، وكخطوة افتتاحية في لعبة حرب مصممة لتعكس سيناريو صراع واقعي وطويل الأمد عبر المضيق. وتُمثل النسخة الـ41 من مناورات هان كوانغ تحولاً ملحوظاً عن الأعوام السابقة لجهة الحجم والمدة. وتضاعفت مدة التدريبات هذا العام إلى عشرة أيام، وتُجرى من دون نصوص مكتوبة أو جداول زمنية ثابتة لمحاكاة تقلبات ساحة المعركة، وفقاً لوزارة الدفاع التايوانية.

ضغوط الجيش الصيني

وقال مسؤولون في الوزارة إن التغيير يعكس بيئة تهديد متقلبة بشكل متزايد، خصوصاً في ظل الضغوط المتزايدة من جانب الجيش الصيني. وبالإضافة إلى القوات التايوانية، سيشارك في التدريبات، وفق وكالة فرانس برس، 22 ألفاً من جنود الاحتياط، وهو أكبر عدد يجرى استدعاؤه على الإطلاق لهذه المناورات التي تقام سنوياً منذ عام 1984. وبوشر استخدام أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة من طراز "هايمارس" التي تسلّمتها الجزيرة أخيراً من الولايات المتحدة في المناورات، فضلاً عن مشاركة دبابات "إم 1 إيه 2 أبرامز" أميركية الصنع في حدث منفصل، التي تابعها الرئيس التايواني لاي تشينغ ـ تي أمس الخميس. وقال لاي إن مناورات هان كوانغ في العام الحالي تجرى على أساس "تدريبات قتالية واسعة النطاق وواقعية".


لونغ يوان: تأتي المناورات في وقت تسعى فيه تايوان إلى تعزيز قدراتها الدفاعية

وأوضحت وسائل إعلام تايوانية أن أكبر مناورات عسكرية سنوية ستركز على اختبار جاهزية القوات القتالية عندما تفقد الاتصال بالقيادة المركزية، وعلى اختبار الخطط التشغيلية لمختلف مناطق الدفاع، وأداء القوات في الليل وقدرتها على الاستجابة بشكل فردي أثناء الضربات المضادة. ونقلت عن الأدميرال مي تشيا شو، رئيس هيئة الأركان العامة، قوله إن هذا النهج يهدف إلى تعريف جميع الوحدات ببيئات القتال الحقيقية والمحاكاة في مواجهة تهديدات العدو. وحسب الخطة المعلنة، فإن الجنود من كل وحدة سيقومون بشكل مستقل بتنفيذ قواعد الاشتباك للقوات المسلحة أثناء المواقف القتالية حيث يجرى تعطيل أو قطع الاتصالات مع القيادة العليا، ما سيمكّن الوحدات على جميع المستويات من التحرك بسرعة من دون انتظار أوامر من القيادة العليا في حال وقوع هجوم من الجيش الصيني. كما سيتحقق القادة من امتثال العمليات لقواعد الاشتباك العسكرية.

أيضاً، سيكون الدفاع عن جزيرة كيموي محوراً رئيسياً في التدريبات، وتعرف الجزيرة التي تسيطر عليها تايوان أيضاً باسم كينمن، وهي تبعد عشرة كيلومترات فقط عن مدينة شيامن في البر الرئيسي الصيني. وحسب ما نقلت وسائل إعلام تايوانية عن مصدر عسكري، ستُشدَّد الإجراءات الأمنية لمواجهة الطائرات من دون طيار التي يمكن إرسالها إلى كيموي من البر الرئيسي الصيني، وسيكون هذا أيضاً جزءاً من التدريبات. وتأتي هذه القرارات (إدراج الدفاع عن جزيرة كيموي ضمن التدريبات السنوية) رداً على مناورات حربية واسعة النطاق أجراها الجيش الصيني العام الماضي، سُميت "السيف المشترك"، وحاكت حصاراً لتايوان ومواقعها الدفاعية في كيموي وماتسو. وكانت قد سُجلت حوادث متعددة لدخول طائرات مسيّرة مدنية صينية من البر الرئيسي إلى كيموي في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أثار قلق تايبيه.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ صرحت في إفادة صحافية، أول من أمس الأربعاء، رداً على سؤال حول استخدام تايوان لأول مرة في مناوراتها العسكرية نظاماً صاروخياً سلمته لها الولايات المتحدة أخيراً، قائلة: موقفنا الرافض العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وتايوان ثابت وحازم. ولن تنجح محاولات سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي "السعي للاستقلال بالقوة" أو "السعي للاستقلال عبر القوات الأجنبية".

وفي تعليقه على المناورات العسكرية التايوانية، قال لونغ يوان، الباحث الزميل في جامعة تايبيه الوطنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه رغم أن التدريبات مجدولة في وقت سابق، لكنها تأتي في وقت تسعى فيه تايوان إلى تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل حالة عدم اليقين في العلاقة مع واشنطن، والأزمة التي أحدثتها تصريحات ترامب الأخيرة بشأن المظلة الأمنية الأميركية وحث تايبيه على زيادة الإنفاق الدفاعي. وبالتالي، هناك رغبة ملحّة في قياس القدرات الذاتية من خلال محاكاة تكتيكات المنطقة الرمادية التي تستخدمها قوات البر الرئيسي الصيني. وأضاف أن مواجهة هذه التكتيكات تمثل أولوية بالنسبة لتايوان نظراً لخطورتها وتأثيرها على الأمن القومي. وأوضح أن بكين تستخدم عدداً من التكتيكات التي تقع في المنطقة الرمادية بين السلام والحرب لتعزيز مصالحها وتثبيت مواقعها وقدراتها العسكرية، مثل بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وكذلك مضيق تايوان.


لين وي: تكشف المناورات عن ضعف ثقة الجيش التايواني وقدرته على مواجهة الجيش الصيني

تكتيكات تايوان والصين

ولفت لونغ إلى أنه من بين الأمثلة على تكتيكات المنطقة الرمادية التي تستخدمها الصين، توسيع الجزر الاصطناعية، واستخدام سفن خفر السواحل والمليشيات البحرية ومجموعة من الصيادين المدنيين الذين يتلقون تدريباً عسكرياً وينسقون أعمالهم تحت إشراف الدولة والجيش، لتأكيد السيطرة على الجزر والشعاب المرجانية المتنازع عليها. وقال إن مثل هذه التكتيكات أكثر كثافة في محيط تايوان، لذلك تتركز مناورات هان كوانغ حول طريقة الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ من دون الرجوع للقيادة، والعمل على فرض السيطرة وصد أي هجوم محتمل حسب الوضع الميداني والتطورات الآنية. في المقابل، رأى الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه المناورات، رغم أنها بدت وكأنها تهدف إلى تحسين دفاعات السلطات التايوانية الذاتية، فإنها تكشف فقط عن ضعف ثقة الجيش التايواني وقدرته على مواجهة الجيش الصيني، كما أن محاولة تصوير الأمر باعتباره شيئاً خارقاً مجرد استعراض سياسي للاستهلاك المحلي لا أكثر.

وأضاف أن مناورات هان كوانغ لا تبرز أي قدرة أو مقومات حقيقية لدى سلطات الجزيرة على مواجهة الجيش الصيني، في حين أن الأخير أثبت علو قدمه واستعرض قدراته العسكرية مراراً في العديد من التدريبات المشتركة حول جزيرة تايوان على مدار السنوات الماضية. ورداً على التحركات التي تصفها بكين بـ"الانفصالية" التي قام بها الزعيم التايواني لاي تشينغ تي، عزز الجيش الصيني الضغط العسكري على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي على مدى العام الماضي، بما في ذلك تكثيف الدوريات القتالية المشتركة، والتدريب على الهجوم البحري والبرمائي عبر مضيق تايوان، والتحليق شبه اليومي فوق منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية (ADIZ).

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows