ثقة الصينيين بالأطباء والمستشفيات غائبة أو محدودة
Arab
2 days ago
share

رغم النمو الاقتصادي السريع الذي شهدته الصين ظل نظام الرعاية الصحية عاجزاً عن تلبية احتياجات أكثر من 1.4 مليار نسمة، في ظل التفاوت الطبقي وعدم المساواة في التنمية بين الريف والمناطق الحضرية

على مدى الأسابيع القليلة الماضية، أثيرت في وسائل الإعلام ومنصات الإنترنت في الصين تساؤلات حول مسار غير تقليدي في الطب وانعكاسه على الرعاية الصحية، ووفقاً للتقاليد المعمول بها في البلاد، يجب على أي شخص يرغب في أن يصبح طبيباً أن يقضي نحو عشر سنوات في التعلم، منها ثلاث سنوات من التدريب طبيباً مقيماً، لكن مع انخفاض الإقبال على تعلم الطب، خضعت الشروط المشددة للتخفيض لاستقطاب المزيد من الطلاب.
دونغ خو خريج اقتصاد تحوّل إلى الطب من خلال برنامج "4+4" التجريبي في كلية بكين للطب الذي يسمح لخريجي التخصصات غير الطبية بدراسة أربع سنوات فقط. ويقلّد هذا البرنامج منهاجاً أميركياً، واعتمدته كلية بكين للطب في عام 2018. وحينها، قال رئيس الكلية إن "الفكرة هي اختراق للقيود السابقة الخاصة بتعليم الطب، وتجنيد المواهب متعددة التخصصات".
وتتزامن التساؤلات حول تدريب الأطباء مع الجدل الدائر حول استخدام الأدوية الرخيصة في المستشفيات العامة المثقلة بالأعباء، ووجود طوابير انتظار طويلة أصبحت سمّة بارزة في زيارات المستشفيات، ما يشير إلى أن نظام الرعاية الصحية في أزمة. 

وفيما يحظى الأثرياء وسكان المدن بأفضل رعاية طبية في مستشفيات راقية يديرها أطباء أجانب، يضطر معظم الناس العاديين إلى الذهاب إلى مستشفيات مكتظة. أما في المناطق الريفية، فيقصد الناس عيادات القرى أو يسافرون مئات الأميال للعثور على مركز طبي جيد، خاصة أن شروط الضمان الاجتماعي تحدد إقامة الفرد في مسقط رأسه للإفادة من امتيازات الضمان المتعلقة بالرعاية الصحية، وهذه جميعها عوامل تشكل تحدياً كبيراً للحكومة.
وبحسب أرقام أصدرها مركز الإحصاء الوطني خاصة بالعام الماضي، تضم الصين طبيباً واحداً فقط لكل 950 مريضاً، ما يعني أن هناك فجوة واضحة مع دول أخرى ذات نسبة أطباء أعلى، ونقصاً في عدد الأطباء العامين لضمان تقديم الخدمات الصحية في عموم البلاد. وهكذا تعاني المستشفيات من نقص الموظفين واكتظاظ المرضى، كما أن الأطباء المتخصصين مثقلون بالحالات، حيث يفحصون نحو 200 مريض يومياً. ويشعر الناس بالإحباط، ويلجأ بعضهم إلى العنف، ما زاد الاعتداءات على الأطباء التي أصبحت ظاهرة شائعة في الصين.
ويقول الباحث في المعهد الصيني للعلوم النفسية والاجتماعية دا بينغ مو لـ"العربي الجديد": "عوامل عدة تخلق أزمة الرعاية الصحية في الصين، من بينها ارتفاع عدد السكان مقابل النقص في عدد الأطباء، وتفاوت مستوى الخدمات الصحية بين المدن الكبرى، مثل بكين وشنغهاي وشينزن، والقرى والأرياف. وأيضاً يحجم خريجو كليات الطب عن العمل في المستشفيات العامة بسبب إدارتها السيئة وانخفاض الأجور، كما جعلت الصورة النمطية لحالات وتجاوزات شهدتها هذه المستشفيات، مثل طوابير الانتظار الطويلة وتكدّس المرضى والاعتداءات على الأطباء، بعض الطلاب يعيدون النظر في مسألة الالتحاق بكليات الطب في عموم البلاد. وبدوره، تسبب ذلك في زيادة الفجوة بين عدد الأطباء في الخدمة وعدد المراجعين. وربما أدى ذلك أيضاً إلى سماح بعض كليات الطب لخريجي التخصصات غير الطبية بإكمال دراسات الدكتوراه في الطب خلال أربع سنوات فقط".

من جهته، يلفت الأستاذ في معهد تسيونغ كوان للدراسات والأبحاث في هونغ كونغ لي يانغ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أسباب أخرى ساهمت في تفاقم انعدام ثقة الناس بالكوادر الطبية، من بينها مشكلة الفساد في المستشفيات والكوادر الطبية، ففي سبيل ترويج أدويتها، تدفع شركات خاصة عمولات للمستشفيات والأطباء الذين يصفون الأدوية، ما يدفع العديد من الأطباء إلى وصفها بتهور. وقد لا تكون فعّالة في بعض الحالات، وبالتالي يدفع المريض الثمن. وبعد كشف بعض هذه الحالات للجمهور، أصبحت هناك حالة من انعدام الثقة بالطاقم الطبي، لكن في المقابل، ليست البدائل الأخرى المتمثلة في زيارة مستشفيات خاصة في متناول الجميع، لأن تكاليفها باهظة، ما يزيد الأعباء على المواطن البسيط.
وتفيد تقديرات محلية بأن عدد المرضى الذين يفحصهم الأطباء الصينيون يومياً يفوق أربعة أضعاف عددهم في دول أخرى مثل الولايات المتحدة، لكن في المقابل، يتقاضى معظم الأطباء الصينيين أقل من 25 ألف دولار سنوياً، ما يُشجعهم على الإفراط في وصف الأدوية والفحوصات بسبب العمولات التي قد يحصلون عليها من شركات الأدوية. أيضاً، تفتقر العيادات الصينية إلى أطباء مؤهلين للتعامل مع حالات عرضية، لذا يلجأ مرضى كثيرون مباشرة إلى المستشفيات الكبيرة لعلاج الصداع ونزلات البرد، ما يجعل العيادات الخارجية مكتظة مثل محطات القطارات.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows