
دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس إلى "دعم لبنان من خلال الاستعادة الكاملة لأراضيه وبسط سيادة الدولة عليها وإطلاق مبادرة شاملة لدعم الجيش اللبناني بكل الوسائل"، محذّراً من أن "الوضع الأمني يمكن أن يتراجع بشكل كبير في غياب الجيش، وسينتشر تأثير ذلك على كل المنطقة، ولا أحد يرغب بذلك". كذلك، دعا عون الاتحاد إلى "رفع أي عقوبات أوروبية مفروضة على لبنان، وإلى العمل على عقد مؤتمر أوروبي- عربي لإعادة بناء لبنان، وإحياء اقتصاده بالتوازي مع مسيرته نحو سيادته الكاملة أمنياً وعسكرياً".
يأتي ذلك في وقت تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الأراضي اللبنانية، ومن أبرزها اليوم استهداف دراجة نارية في بلدة المنصوري في قضاء صور، جنوبي البلاد، ما أسفر عن سقوط شهيد وإصابة شخصين بجروح. وخلال حوار عقد بين عون ووفد أوروبي برئاسة سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، ساندرا دي ويل، تطرّق الحديث إلى السلاح الموجود على الأراضي اللبنانية خارج إطار الدولة، إذ شدّد الرئيس اللبناني على أنه "في موضوع السلاح الفلسطيني في المخيمات، لا يزال لبنان ينتظر مفاعيل المبادرة التي تقدم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجهة عمل اللجنة المشتركة التي تشكلت وتطبيق هذه المبادرة، وهذا يأخذ بعض الوقت".
وأضاف: "يتم العمل على سحب السلاح من بعض المخيمات في الجنوب، وفقاً لما نص عليه القرار 1701 الذي ينصّ على عدم وجود سلاح في منطقة جنوب الليطاني بما فيها المخيمات، ومن واجب السلطات الفلسطينية جمع السلاح من المخيمات وتسليمه إلى الجيش". أما في ما خصّ سلاح حزب الله، فأوضح عون أنّ الموفد الأميركي "توماس برّاك قدّم خريطة طريق، وسلّمناه ملاحظاتنا وتعليقاتنا، ولا نزال في انتظار تقديم ملاحظاتهم وتعليقاتهم. ليس هناك من وقت محدد، ولكن علينا رؤية ما ستؤول إليه الأمور، ولكننا شرحنا له الظروف العملية والتزام الحكومة بالعمل في هذا الاتجاه، وأنّه يجب أن تكون هناك حوافز في المقابل مع استمرار احتلال أراض والاحتفاظ بأسرى".
وحول الأحداث التي تحصل بين عناصر قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) والجنوبيين، قال عون إنها "أحداث محدودة وقليلة، وتتم معالجتها وتطويقها". وأضاف: "أهل الجنوب يقدّرون بالفعل، على اختلاف انتماءاتهم، الدور الذي تلعبه اليونيفيل هناك وليس فقط على الصعيد الأمني، بل أيضاً على الصعيد الاقتصادي والتنموي، وهناك جنوبيون يعملون في مشاريع تمولها القوات الدولية. وبالتالي إنّ أمن عناصر اليونيفيل أساسي بالنسبة إلى لبنان، والتعاون وثيق مع الجيش. ولا يمكن إغفال ما قامت بها إسرائيل خلال الحرب الأخيرة، والاستفزازات التي تعرض لها الجنود الدوليون في الجنوب، وإطلاق النار على مواقعهم، والتعرض لمواقعهم، ولكن ثباتهم كان محط تقدير من اللبنانيين".
وجدّد عون تأكيده "أهمية وجود اليونيفيل في الجنوب كونها تشكل أرضية للتواصل مع الطرف الآخر، وطالما أن هناك أراضي محتلة وأسرى لم يفرج عنهم وفي غياب ترسيم للحدود، فإن وجود القوات الدولية في الجنوب عامل أساسي، وهو ما يسمح أيضاً للجيش بإعادة تجهيز نفسه وقدراته في الجنوب". وتطرّق الرئيس اللبناني إلى مسألة اللاجئين السوريين، معتبراً أن "لبنان تحمّل عبئاً كبيراً في استضافته لأعداد النازحين لأكثر من عشر سنوات، ومع استقرار الأوضاع في أجزاء من سورية، من العادل والضروري البدء بتسهيل عودة النازحين بطريقة آمنة وكريمة ومنسقة، لأن لبنان لا يمكنه تحمل بقائهم بعد الآن".
ولفت إلى أنه "يجب أن يتحول الدعم الدولي وفقاً لذلك، ويجب أن يحصل النازحون على الدعم داخل الأراضي السورية". وفي ما خص الوضع الأمني على الحدود اللبنانية - السورية، لفت عون إلى وجود تعاون جيد جداً في هذا المجال. كذلك، شدد عون على أن "لبنان اليوم يقف عند مفترق طرق، إما أن نمضي قدماً بخطوات صعبة، ولكنها ضرورية، أو نخاطر بانهيار أعمق"، مؤكداً أن "دعم وشراكة الاتحاد الأوروبي أمران حاسمان في هذه المرحلة، ليس فقط (بصفتهم) جهات مانحة، بل حلفاء استراتيجيين يؤمنون بمستقبل لبنان".
وتطرق الرئيس اللبناني خلال الحوار إلى مسار الإصلاح والمشاركة مع صندوق النقد الدولي، قائلاً: "ليست لدينا أوهام أنه لن يكون هناك تعافٍ من دون إصلاحات هيكلية حقيقية، وهي ضرورة وحاجة وطنية وليست فقط مطلباً دولياً، ولأن لبنان يستحق مؤسسات قوية وحوكمة خاضعة للمساءلة واقتصاداً مرناً. لهذا السبب بدأنا مسار الإصلاح ليس فقط في القطاع المالي، ولكن أيضاً عبر المجالات القضائية والمؤسسية". وأضاف: "نعمل بنشاط على التعيينات الرئيسية، مسترشدين بمبادئ الجدارة والشفافية، من أجل التحرك إلى ما بعد التعيينات السياسية وإعادة بناء الثقة بالدولة. لقد تم إحراز تقدم في الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي".
وأشار إلى أن "قانون هيكلة المصارف في مراحل متقدمة في مجلس النواب على أمل أن يتم إقراره سريعاً مع نهاية الشهر الحالي، ونحن نعمل في مجموعة مركزة رفيعة المستوى لوضع اللمسات الأخيرة على قانون الفجوة المالية"، لافتاً إلى أن "حاكم مصرف لبنان كريم سعيد عاد للتو من زيارة ناجحة إلى واشنطن، ونحن متفائلون بشأن الانتهاء من الإطار قريباً".
الوفد الأوروبي يؤكد التزامه بالحضور الفاعل
من جانبها، لفتت السفيرة دي ويل إلى "تفاعل أوروبا مع الأهداف التي وضعها عون والكلام الذي عبّر عنه في خطاب القسم والذي كان طموحاً جداً، وشكّل أساساً للبنان للسنوات المقبلة"، مؤكدة "التزام الاتحاد الأوروبي بشكل خاص بالحضور الفاعل في هذا البلد، ودعمه الذي لم يتوقف منذ العام 2023 في مشاريع ومساعدات اجتماعية وإنسانية وتنموية، والتي تخطت الـ600 مليون دولار أميركي، إضافة إلى المساعدات العسكرية للجيش اللبناني والقوى الأمنية".
وشدد السفراء الأوروبيون في مداخلاتهم وفق ما نشره بيان الرئاسة اللبنانية على "تلاقي وجهة نظر بلادهم مع ما قاله عون بالنسبة إلى النازحين السوريين، وأنهم بدأوا بالفعل باتخاذ خطوات في هذا الاتجاه، وأن التقديرات الأولية لدعم النازحين العائدين هي قرابة 100 مليون يورو، وقد تم تأمين حوالي 88 مليوناً منها من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الاهتمام بدعم السوريين في الداخل لتعزيز اقتصادهم وضمان بقائهم في أرضهم".
على صعيد آخر، استقبل عون بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وعرض معه الأوضاع العامة في ضوء التطورات الأخيرة والمواقف من المسائل المطروحة. وأطلع عون سلام على نتائج زيارته إلى قبرص والمواضيع التي تم بحثها في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين، كما تطرق البحث إلى جلسة مجلس الوزراء غداً والمواضيع الواردة على جدول أعمالها.

Related News

