ضروريات تحقق أمن الملاحة الدولية
official
2 days ago
share

سبتمبر نت/ مقال – منصور الغدرة:

عاودت مليشيا الحوثي الإرهابية استئناف هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر، بصلف أكبر وأكثر قوة وفاعلية مما كان عليه الحال في الهجمات السابقة، لتغرق الاتفاق الذي كانت أبرمته مع الرئيس الأمريكي ترمب، مع سفينتين تجاريتين بشحنتيها السامة في أعماق البحر الأحمر، غير ٱبهة، ومتنصلة من الاتفاق الذي كانت أبرمته مع إدارة ترمب بوساطة عمانية، والقاضي بالتزامها بعدم العودة إلى استهدافها خطوط الملاحة الدولية بشكل عام، ولم يشر الاتفاق إلى السفن الاسرائيلية أو السفن التي تذهب إلى موانئ الاحتلال الصهيوني، لم يتضمنها الاتفاق سواء بعدم الاستهداف ولا بالاستثناء منه.

إن استئناف مليشيا الحوثي اعتداءاتها على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب بهذه القوة التي مكنتها في أقل من 24 ساعة من تنفيذ هجمات متعددة ومركبة، من إغراق سفينتي شحن تجاريتين، لم يفصح عن حمولة الأولى، وحمولة الثانية تبين أنها نترات الأمونيا، وهذه العودة القوية لاستهداف خط الملاحة الدولي والسفن في البحر الاحمر، من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية، مؤشر خطير، ويحمل ابعاد تنعكس سلبا على أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وعلى الترتيب للنفوذ والهيمنة الاقليمية، وقد أرادت إيران من خلال هذا التصعيد توجيه رسالة لإمريكا وادارة ترمب تحديدا، أن معركة المضايق والممرات البحرية الدولية التي كان يتوقع أن تشعلها إيران خلال حرب الـ12 يوما الأخيرة مع اسرائيل في مضيق هرمز، لم تخوضها إيران لطبوغرافية مسرح المعركة، والأضرار الجوسياسية الكبيرة التي ستلحق إيران من عدة أوجه بيئية واقتصادية وسياسية وعسكرية، وسيكون ذلك مبررا للادارة الامريكية منح الضوء الاخضر الدخول رسميا في الحرب إلى جانب إسرائيل، وإطالة أمدها وتدمير بنية إيران، والوصول إلى احتمالية اسقاط نظامها، وربما استعمار المضيق وشواطئه واحتلال فعلي لإيران ذاتها.

لكن إيران نقلت معركة الممرات الدولية إلى البحر الأحمر، وفعلت مليشياتها الحوثية بإشعالها في مضيق باب المندب والبحر الأحمر بدلا عن مضيق هرمز والخليج العربي، واختارت التوقيت هذا بالذات لتزامنه مع الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق بين اسرائيل وحماس يقضي بالوقف المؤقت للحرب مدة شهرين والذهاب إلى مفاوضات تفضي إلى وقف دائم للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، وترتيب الوضع المستقبلي للقطاع، وإذا ما تم هذا، فإنه سيجعل إسرائيل وامريكا تتفرغ لإيران استهدافا وحصارا وعقوبات إضافة إلى الضغوط الدولية الاوروبية ومضاعفتها على إيران وتحديدا برنامجها النووي والصاروخي وتصنيع الطيران المسير، فكان لأداتها في اليمن مليشيا الحوثيين الإمامية أن تتحرك لتحسين من موقفها التفاوضي، وإثناء اسرائيل عن الذهاب إلى تسوية وقف دائم لحرب الابادة التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة التي لا يرغب النتن ياهو أن يوقف الحرب عليها وقفا دائما، لولا الضغوطات التي يتعرض لها من إدارة ترمب ودول الاتحاد الاوروبي، وأسر الأسرى الاسرائيليين لدى حماس.

المتتبع لتكتيكات الهجمات الحوثية على السفن التجارية وخط الملاحة الدولي في البحر الاحمر يلحظ استراتيجية جديدة اتبعتها إيران ومليشياتها الارهابية، سواء من حيث السلاح المستخدم في هذه الهجمات أو التكتيك العسكري للهجوم، أو من حيث الجماعات المشاركة في الهجمات، التي تقودها مليشيا الحوثي في اليمن، إذ تؤكد المعلومات مشاركة جماعات إرهابية أو مليشيا تابعة لها في القرن الافريقي؛ وكذلك تنوع السلاح المستخدم في الهجمات، بين اطلاق الصواريخ والقذائف وبين إرسال الزوارق والطائرات المسيرة الانتحارية، فضلا عن تتابع الهجمات في زمن قصير وقياسي ما يجعل نجات السفينة المستهدفة بالهجوم الاول مستحيلة، وإن نجت تكون نسبة النجاة ضعيفة، ومؤكد تعرضها لإصابة كبيرة في الهجوم الاول ليتم ملاحقتها واستهدافها بهجوم ثان أكثر قوة وفتكا، كما هو الحال في الهجوم الذي استهدف السفينة الأولى «ماجيك سيز» التي ترفع علم ليبيريا، وتم اغراقها دون الافصاح عن حمولاتها بعد أقل من ساعة فقط من تعرضها للهجوم الثاني على بعد (51 ميلا بحريا) غرب مدينة الحديدة، بعدما كانت قد تعرضت للهجوم الاول على مسافة (51 ميل بحري) في جنوب مدينة الحديدة، لذلك كانت ٱثار وأضرار أول يوم من استئناف مليشيا الحوثيين مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، كبيرة كارثية بكل المقاييس، رغم الحديث عن إخلاء طاقم السفينة المكون من 24 شخصا بسلام بينما تركت السفينة للزوارق الإيرانية تغرق السفينة مع حمولتها المقدرة بـ«35800» طن من مادة نترات الامونيا، وهي مادة سامة تستخدم في صناعة المتفجرات والأسمدة.

وبعد أقل من 24 ساعة من إغراق «ماجيك سيز» اغرقت مليشيا إيران السفينة الثانية «إترنيتي»- ترفع علم ليبيريا أيضا – هي الأخرى بعد استهدافها بهجوم واحد مركب من عدة هجمات متزامنة ومتنوعة (جوي وبري وبحري)، بعد استهدافها بخمسة صواريخ باليستية وصاروخ مجنح وعدد من الزوارق المسيرة المفخخة وثلاث طائرات مسيرة ومفخخة أيضا، وهو ما أدى إلى اغراقها على الفور ومقتل أربعة من طاقمها وانقاذ خمسة ٱخرين، فيما لايزال بقية طاقمها المكون من 21 شخصا، مفقودين ومصيرهم مجهول، وكذا حجم حمولتها من نترات الامونيوم، مجهولة أيضا، فما أفصح عنه بأنها تحمل شحنة من مواد نترات الامونيا دون تفصيل معلومات غير كافية وربما مضللة.

هذا التطور الملفت في التكتيك العسكري البحري، الذي استخدم في مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، لا يمكن لمليشيا الحوثي أن تقوم به لوحدها دون مساعدة وإشراف مباشر من الخبراء العسكريين الإيرانيين، خاصة وانهم كانوا قد اشرفوا قبل سنوات على تنفيذ مشروع مناورة عسكرية لمليشيا الحوثي ومليشيات إيرانية في القرن الأفريقي يحاكي فيه هذا النوع من الهجمات البحرية على السفن في البحر الأحمر وباب المندب، وبالتالي هذا يؤكد أن تهديد أمن السفن التجارية والملاحة الدولية في البحر الاحمر سيظل قائم طالما ظلت إيران ومليشياتها الحوثية مسيطرة ومهيمنة على الارض وشواطئ البحر الأحمر، والحل الوحيد لتحقيق استقرار وأمن الملاحة الدولية لا يمكن أن يتحقق إلا بدعم الحكومة اليمنية وقواتها المسلحة لخوض معركة حاسمة وسريعة تجتث مليشيا الحوثي الإيرانية من اليمن، فتأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر مرهون بدعم القوات الحكومية ومساندتها حتى تتمكن من بسط سيطرتها وسلطتها على كامل الأراضي اليمنية.

 

 

 

 

 

ظهرت المقالة ضروريات تحقق أمن الملاحة الدولية أولاً على سبتمبر نت.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows