سلمان أبو عمرة.. شاب فلسطيني ينقل بلغة الإشارة ويلات حرب غزة
Arab
3 days ago
share

وسط الموت والدمار والتجويع والنزوح في قطاع غزة المحاصر والمستهدف منذ أكثر من 21 شهراً، يتكفّل الشاب الفلسطيني سلمان أبو عمرة البالغ من العمر 27 عاماً، من مدينة دير البلح وسط القطاع، بمهمّة إنسانية استثنائية؛ هو ينقل، بلغة الإشارة، معاناة شعبه إلى العالم، وتحديداً إلى فئة الصمّ فيما تمضي إسرائيل في حربها المتواصلة على غزة.

وسلمان أبو عمرة، الذي يعاني ضعفاً في السمع ويستخدم سمّاعة للمساعدة، يجوب شوارع دير البلح وأزقّتها ليوثّق بهاتفه المحمول مشاهد القصف والقتل والدمار والنزوح والجوع في قطاع غزة. ويترجم هذا المحتوى بلغة الإشارة، من خلال تسجيلات مصوّرة ينشرها على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهدفه من ذلك إيصالها إلى آلاف من الصمّ في داخل القطاع الفلسطيني وخارجه. ويحوّل أبو عمرة الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى مشاهد مفهومة بلغة الإشارة، فينقل من داخل المستشفيات ومراكز الإيواء تفاصيل الإصابات والتجويع ونداءات الاستغاثة.

ويُقدَّر عدد الصمّ في قطاع غزة بنحو 12 ألفاً، بحسب سلمان أبو عمرة الذي يؤكد أنّهم يواجهون تحديات مضاعفة في ظلّ الحرب الإسرائيلية، إذ يُحرَمون من معرفة ما يجري حولهم أو التنبّه إلى المخاطر المحدقة بهم. ويقول لوكالة الأناضول: "أحاول مساعدة الصمّ الذين لا يعرفون القراءة والكتابة. وبما أنّني أسمع قليلاً، فإنّني أوثّق ما أراه وأسمعه بلغة الإشارة، وأشرح لهم ما يجري في قطاع غزة".

يضيف سلمان أبو عمرة أنّ "الصمّ جزء من هذا المجتمع، ومن حقهم أن يفهموا ما يحدث في لغتهم"، لذا "أذهب إلى أماكن الأحداث وأجمع المعلومات وأنقلها بلغة الإشارة في تسجيلات فيديو". ويشير إلى أنّ الصمّ لم يكونوا قادرين على معرفة ما يجري من حولهم، لكنّهم صاروا أكثر وعياً واطّلاعاً على الواقع بفضل تسجيلات الفيديو التي يعدّها، ويتابع أنّ كثيرين حول العالم صاروا كذلك يعرفون تفاصيل ما يحدث في قطاع غزة عبر هذه التسجيلات.

ويشرح الشاب الفلسطيني أنّ مبادرته شخصية بحتة، وتهدف إلى توعية الصمّ في داخل قطاع غزة بالمستجدّات الميدانية ومواقع الخطر من خلال تسجيلات توعوية ينشرها يومياً. ويلفت إلى أنّ مبادرته صارت مورداً مهماً لفئة مهمّشة ولا سيّما في ظلّ الحرب. ولا يخفي أنّه تلقّى مناشدات من مرضى ومصابين هم في حاجة ماسة إلى علاج، فعمد إلى ترجمتها إلى لغة الإشارة ونشرها، الأمر الذي ساهم بوصول المساعدات إلى عدد منهم.

وفي إطار مبادرته، يبثّ سلمان أبو عمرة تسجيلاته المصوّرة عبر تطبيقات واتساب وتيك توك وإنستغرام، فتلقى تفاعلاً واسعاً، وقد حقّق عدد منها آلاف المشاهدات. لكن على الرغم من جهوده المتواصلة، يواجه الشاب الفلسطيني تحديات يومية جمّة في ظلّ الانهيار الكامل للبنية التحتية في قطاع غزة المحاصر والمستهدف. ولعلّ أبرزها صعوبة إعادة شحن هاتفه والوصول إلى الإنترنت، بسبب الانقطاع شبه الدائم للكهرباء وخدمات الاتصال، كذلك يشكو من غياب وسائل النقل وسط الحرب الإسرائيلية الدموية والمدمّرة. لكنّه لا يتوقّف، ويواصل عمله عبر مصادر بديلة للطاقة ونقاط اتّصال محدودة، في محاولة مستمرّة لإيصال رسالته إلى الصمّ في داخل قطاع غزة المحاصر وخارجه على حدّ سواء.

يُذكر أنّ إسرائيل تحاصر قطاع غزة منذ 18 عاماً، لكنّها شدّدت الخناق على الفلسطينيين فيه منذ بداية حربها في السابع من أكتوبر 2023، ثمّ أحكمت ذلك الخناق كلياً في الثاني من مارس/ آذار 2025، في حين أنّ أكثرية سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني صاروا بلا مأوى بعدما هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية مرّات عدّة ودمّرت بيوتهم، وحتى مراكز الإيواء التي راحوا يلجأون إليها.

وفي تسجيلاته المصوّرة، يوجّه سلمان أبو عمرة نداءً إلى العالم بضرورة "وقف الحرب على قطاع غزة، وإدخال المساعدات العاجلة إلى المرضى (والجرحى) والنازحين"، ولا سيّما مع اعتماد إسرائيل سياسة التجويع الممنهجة في حقّ الفلسطينيين الذين تحاصرهم في القطاع، فالإمدادات الغذائية عالقة من الجهة الأخرى من المعابر وتنتظر فقط أمر إدخال من قبل سلطات الاحتلال. يُذكر أنّ الأخيرة راحت تسمح، في أواخر مايو/ أيار الماضي، بإدخال عشرات من شاحنات المساعدات فقط، في حين أنّ الفلسطينيين في القطاع يحتاجون إلى 500 شاحنة يومياً في حدّ أدنى.

(الأناضول، العربي الجديد)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows