زار وفد دبلوماسي أوروبي محافظة السويداء، جنوبي سورية، اليوم الأربعاء، في خطوة حملت أبعاداً سياسية وإنمائية معاً، وسط تعقيدات العلاقة بين المجتمع المحلي في المحافظة والنظام السوري في دمشق. وترأس الوفد القائمة بالأعمال في السفارة الألمانية بدمشق، إلى جانب القائم بالأعمال في بعثة الاتحاد الأوروبي في سورية ولبنان، حيث شملت الزيارة عدداً من المرجعيات الدينية والاجتماعية في المدينة، في وقت تستمر فيه حالة الاستعصاء بين الفعاليات المحلية وسلطات النظام.

واستهل الوفد لقاءاته بزيارة الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، في اجتماع مغلق، قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إنه تناول أبرز الهواجس السياسية والدستورية في البلاد، لا سيما في ظل الحديث عن مرحلة انتقالية. كما التقى الوفد المطران أنطونيوس سعد، راعي أبرشية بصرى حوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، قبل أن ينتقل إلى مقام عين الزمان، حيث اجتمع بشيخ العقل يوسف جربوع وممثل عن الشيخ حمود الحناوي، إضافة إلى عدد من شيوخ عشائر البدو في المحافظة.

وتناولت اللقاءات المشهد العام في السويداء من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، إلى جانب استعراض أبرز المطالب الشعبية، في وقت عبّر فيه الدبلوماسيون الأوروبيون عن نيتهم تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه، مؤكدين استمرار الاتحاد الأوروبي في دعم السوريين، بحسب ما نقل عن القائمة بالأعمال الألمانية.

في مداخلته، عرض الشيخ يوسف جربوع صورة قاتمة عن الوضع المعيشي والأمني في المحافظة، محذراً من مخاطر استمرار حالة الانهيار، ومؤكداً أن الأمن يشكل أولوية على سائر الاحتياجات. وتحدث جربوع عن الاعتداءات التي تعرضت لها الطائفة خلال سنوات الصراع، في ظل ما وصفه بـ"التشدد الديني والتحريض الطائفي"، داعياً إلى بناء دولة مدنية تحترم التعددية، وتقوم على حكومة تشاركية ودستور حضاري يضمن حقوق كل المكونات. وطالب جربوع بدعم مشاريع تنموية تخلق فرص عمل للشباب وتحدّ من الهجرة، منتقداً في الوقت نفسه ما وصفه بـ"التعطيل المؤسساتي الممنهج" في المحافظة، وداعياً إلى عودة المحافظ وتفعيل الضابطة العدلية.

من جهته، اعتبر مبعوث الاتحاد الأوروبي مايكل أونمخت أن محافظة السويداء تمثل نموذجاً للتعايش بين المكونات السورية، مشدداً على أهمية الحوار بين السوريين لتعزيز السلم الأهلي وبناء دولة موحدة. وأكد أن الاتحاد الأوروبي مستمر في دعم الشعب السوري منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، سعياً إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

وكان من المقرر أن يلتقي الوفد بعدد من ناشطي المجتمع المدني ومديري الجمعيات الخيرية، إلا أن اللقاء أُلغي بسبب ضيق الوقت، ما أثار استياءً في الأوساط المحلية. واعتبر بعض الناشطين أن استثناءهم من جدول الزيارة يعكس رسالة سلبية، ويختزل المشهد المحلي في السويداء بالمرجعيات الدينية والاجتماعية فقط، رغم أن الفعاليات المدنية تمثل صوتاً أساسياً في المحافظة.