
قبل بضعة أشهر، كان المدعي العام الأميركي بام بوندي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، ونائبه دان بونجينو، يروّجون لخططهم لنشر وثائق ينتظرها أنصار الرئيس دونالد ترامب، تتعلق بقائمة عملاء جزيرة جيفري إبستين، المتهم بالاتجار الجنسي واستغلال القاصرين، إضافة إلى وثائق خاصة بانتحاره. إلا أنه مع توجه الإدارة لإغلاق الملف هذا الأسبوع، تصاعدت الدعوات بين مؤثري حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" لإقالة بوندي، متهمين إدارة ترامب بنكث وعودها بالإفراج عن هذه الوثائق.
وكان ترامب قد بنى جزءاً من حملته الانتخابية على نظريات المؤامرة المرتبطة بمقتل شخصيات أميركية بارزة مثل جون كينيدي ومارتن لوثر كينغ وجيفري إبستين، مهاجمًا سلفه جو بايدن بشأن الأخير، إذ يتهم أنصاره "الدولة العميقة" بإخفاء معلومات حول وفاته، ويصرون على أنه "قتل ولم ينتحر". كما يطالبون بالكشف عن قائمة العملاء المتورطين في عمليات الاتجار الجنسي التي اتُهم بها إبستين.
روجت بوندي، وباتيل، وبونجينو، قبل توليهم مناصبهم الحالية، بأن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي يخفيان أسماء عملاء جزيرة إبستين، إضافة إلى معلومات حول مقتله، وتعهدوا بالإفراج عن "حمولة ضخمة" من هذه الوثائق. لكن وزارة العدل أعلنت، الاثنين الماضي، نشر مقطع فيديو مدته 10 ساعات يوثق ليلة موت إبستين، زاعمة أنه يثبت انتحاره، إلا أن الفيديو لم يتضمن الدقيقة الأخيرة التي حدثت فيها الوفاة، ما أثار موجة غضب بين المتابعين.
وألمحت بوندي سابقًا إلى وجود قائمة بأسماء عملاء إبستين على مكتبها بانتظار المراجعة، غير أن الوزارة نفت هذا الأسبوع وجود القائمة، وأعلنت أنها "لن تكشف عن أي معلومات إضافية"، ما يعني إغلاق القضية فعليًا. لكن بدلاً من إغلاق الملف، فتح حذف 61 ثانية من الفيديو (بين 11:58 ومنتصف الليل) الباب لتساؤلات جديدة. ورد الرئيس ترامب بغضب على سؤال صحافي حول القضية، الثلاثاء، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، قائلاً: "هل ما زلت تتحدث عن جيفري إبستين؟ لدينا الآن مأساة في تكساس ونجاحات أخرى، وما زلنا نتحدث عن هذا المنحرف. هذا لا يُصدق".
بدورها، بررت بوندي اختفاء الدقيقة من التسجيل بأن "أنظمة الكاميرات تعيد ضبط نفسها يوميًا بطريقة آلية مما يؤدي تلقائيًا لاختفاء دقيقة واحدة"، مؤكدة أن الفيديو لا يثبت انتحار إبستين، لكن "الأدلة الأخرى تشير إلى ذلك". كما رفضت نشر آلاف الفيديوهات الأخرى بسبب "اشتمالها على جرائم اغتصاب للأطفال". وتبريرات بوندي لم تهدّئ غضب مؤيدي ترامب، إذ اعتبر الإعلامي اليميني تاكر كارلسون تصريحاتها "تستراً صريحاً"، وسألت الناشطة اليمينية لورا لومر على منصة إكس: "كم مرة ستفلت هذه المرأة من العقاب قبل أن يتم طردها؟".
يذكر أن إبستين اعترف في 2008 بتهم تتعلق بالتحرش الجنسي بالقاصرات، وأدرج على قائمة مرتكبي الجرائم الجنسية، لكنه قضى 13 شهراً فقط في السجن، معظمها خارج الزنزانة بنظام "الإفراج للعمل". وفي 2019، أُلقي القبض عليه مجدداً خلال فترة حكم ترامب، ومات بعد 36 يوماً في السجن. وقد أعلنت نتائج التحقيقات في عهد بايدن أنه انتحر، وسط تشكيك أنصار ترامب بأن إبستين قتل لإخفاء تورط أثرياء ومشاهير في جرائم جنسية.
ورغم الضجة التي أثارتها القضية، لم يواجه أي شخص اتهامات باستثناء شريكته غيسلين ماكسويل، التي تقضي عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً بتهم الاتجار الجنسي بالأطفال. وكانت إحدى ضحاياه المزعومات، فيرجينيا جيوفري، قد ذكرت في مذكرة عام 2014 أنها "اُستُخدمت كعبدة جنسية لسنوات" من قبل إبستين وماكسويل وآخرين، من بينهم الأمير أندرو، الذي نفى هذه الاتهامات.
من جهته، طالب الإعلامي جيك تابر، عبر شبكة "سي أن أن"، إدارة ترامب بالكشف عن الوثائق التي لديها، مؤكداً أن "الشعب الأميركي يتم التلاعب به"، ومشدداً على أن تقرير التشريح الجنائي ولقطات المراقبة من منزل إبستين ما تزال طي الكتمان، إلى جانب معلومات قد تكشف أصحاب النفوذ المتورطين.

Related News

