
تواجه نحو 800 أسرة في محيط مدينة غرووي عاصمة ولاية بونتلاند شمال شرقي الصومال، من بينهم رعاة ومزارعون ونازحون داخليًا، أوضاعًا إنسانية متدهورة بعد أن اجتاحت السيول مناطقهم في أعقاب أمطار غزيرة هطلت يوم 13 يونيو/ حزيران الماضي، في إقليم نغال. وقد تسببت السيول في تدمير كامل لممتلكات هذه الأسر، بما في ذلك منازلهم وحقولهم الزراعية ومواشيهم، ما أجبر كثيرين على الاحتماء تحت الأشجار، دون مأوى.
ويقول فارح عبدي شيري، أحد المزارعين المتضررين، إنه خسر 30 رأسًا من الماشية ومحاصيل زراعية متنوعة كانت مزروعة على مساحة ثلاثة هكتارات في منطقة بالي القريبة من غرووي. وأضاف: "دهمتنا السيول فجأة، وأخذت كل ما نملك. فقدنا منازلنا وحقولنا، ونعيش الآن في عزلة تامة دون أي منفذ للحصول على المساعدة". وأشار إلى أن عائلته لم تتناول سوى وجبة واحدة يوميًا، تقدمها أسر مجاورة تعيش هي الأخرى في فقر مدقع.
وأكد أن الأوضاع الصحية والمعيشية تزداد سوءًا في ظل تفشي البعوض وغياب المياه النظيفة والمأوى الآمن. ولم يقتصر التأثير على القرى الزراعية، بل امتد إلى مخيمات النزوح حول مدينة غرووي، حيث تأثرت نحو 500 أسرة نازحة، جرفت السيول مساكنهم المؤقتة وأتلفت المواد الغذائية التي بحوزتهم. وفي السياق، تقول أيوتو علي فوليي، أرملة وأم لسبعة أطفال، إنها فقدت كل شيء خلال ساعات، بما في ذلك طعام اشترته بالدين. وتضيف: "لا نملك مأوى، ونعيش على فتات يأتينا من الجيران. حتى أدوات الطبخ لا نملكها. أطفالنا توقفوا عن الدراسة، والمدرسة أغلقت بسبب الأضرار".
وبحسب تقييم أولي أجرته وزارة الإغاثة وإدارة الكوارث في ولاية بونتلاند، فإن أكثر من 5000 أسرة نازحة تأثرت مباشرةً بالسيول، بالإضافة إلى 300 أسرة من المزارعين والرعاة. ويقول منسق الوزارة في إقليم نغال، عبد الحكيم بري نوح، إن الأضرار تتجاوز قدرة الحكومة المحلية، مشيرًا إلى جهود للتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية: "رفعنا تقاريرنا الأولية إلى المنظمات المعنية، وننتظر الآن خطوات عملية لمعالجة الوضع. العبء الأكبر وقع على سكان المخيمات".
وتشهد مناطق ولاية بونتلاند أزمة بيئية وإنسانية مركبة، نتيجة تقلبات مناخية حادة تشمل موجات جفاف شديدة متعاقبة تليها فيضانات مدمرة، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات النزوح والفقر. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن نحو 1.5 مليون شخص في بونتلاند تأثروا بالجفاف المتواصل حتى نهاية 2023، فيما سُجِّل نزوح أكثر من 200 ألف شخص داخليًا خلال العام نفسه فقط بسبب انعدام المياه والكلأ.
في المقابل، تشير بيانات صادرة عن الهيئة الإقليمية للمناخ في القرن الأفريقي (ICPAC) إلى أن الصومال، بما في ذلك بونتلاند، بات يشهد أشد موسم أمطار منذ أكثر من عقدين، ما تسبب في سيول جارفة ألحقت أضرارًا بالبنى التحتية ومصادر المعيشة. كذلك تفيد تقارير البنك الدولي بأن أكثر من 70% من سكان بونتلاند يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي، ما يجعلهم فريسة مباشرة لأي تغير مناخي أو كارثة طبيعية.
وتشير تقارير محلية إلى أن أكثر من 100 مدرسة في بونتلاند قد أغلقت مؤقتًا خلال موسم الأمطار بسبب السيول، ما يؤثر بتعليم آلاف الأطفال. وتضع هذه الكارثة آلاف الأسر في دائرة الخطر، وتزيد من تعقيد الأوضاع المعيشية في منطقة تعاني أصلاً من الفقر وغياب البنية التحتية. الخبراء يحذرون من أن التأخر في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاجتماعي والاقتصادي. وتطالب السلطات المحلية بتدخل فوري من الوكالات الدولية وشركاء الإغاثة لتقديم المأوى، والغذاء، والرعاية الصحية، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة طويلة الأمد.

Related News


