
لم تستقر أسعار الوقود في تركيا، ولم تتراجع مع بدء فصل الصيف كما وعدت الحكومة، بل استمرت أسعار المحروقات بالارتفاع إلى مستويات قياسية، إلى جانب توقعات بارتفاعات إضافية بسبب الضرائب المحلية والارتفاع المتوقع لسعر النفط العالمي.
وشهدت الأسعار ارتفاعاً منذ مطلع يوليو/تموز الجاري، بعد بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة على منتجات الوقود، استنادًا إلى مؤشر أسعار المنتجين الذي أعلنت عنه الحكومة، ليرتفع سعر ليتر البنزين بنحو 2.26 ليرة، والديزل 2.12 ليرة، وغاز البترول المسال بـ97 قرشًا، وهذه أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ويرى الاقتصادي التركي، مسلم أويصال أن رفع أسعار الوقود المستمر سيؤثر على تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي، ما سيزيد سعر المنتج النهائي على المستهلك الذي يعاني أصلاً من عبء المعيشة وارتفاع التضخم.
ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن "القطاعات الحقيقية" بتركيا تعاني من "مشاكل وأعباء" سواء على صعيد تنافسية الصناعة وملامح الجمود، أو على صعيد الخسائر التي مُني بها الفلاحون، بسبب الجفاف والحر، ما يفرض على الحكومة برأيه، إيجاد طرائق دعم للإنتاج والفلاحين، بمقدمتها تخفيض الضرائب والقروض الميسرة ودعم أسعار الوقود.
ويبين أن تلك التدابير الحكومية، ستنعكس على الاقتصاد الكلي، زيادة إنتاج وصادرات، وعلى المنتجين والمستهلكين، دعماً وتخفيفاً للأعباء التشغيلية والمعيشية. ويعترف بالوقت ذاته، بأن جلّ استهلاك تركيا من النفط يتم استيراده ومن الطبيعي أن يتأثر السعر المحلي بالعالمي، ولكن، لابد من الدعم خاصة في هذه السنة التي تراجع خلالها الإنتاج التركي، الزراعي والصناعي.
التأثيرات على الوقود
ويعاني سعر النفط من تقلبات مستمرة، فقد تراجعت الأسعار عالمياً بنحو 2% الثلاثاء مع تقييم المستثمرين التطورات الجديدة بشأن الرسوم الجمركية الأميركية وزيادة إنتاج "أوبك+" التي فاقت التوقعات لشهر أغسطس/آب، إلا أن الارتباك في القرارات الأميركية حول الرسوم التي سيطبقها الرئيس دونالد ترامب في مطلع أغسطس، وتهديده بزيادتها على عدد من الدول الكبرى، يزيدان التوقعات السلبية وعدم اليقين، ما سيؤثر على أسعار النفط والطلب عليه.
وقد لا يكفي، لاستقرار السوق، الاتفاق الذي أعلنته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها في "أوبك+" قبل أيام، على زيادة الإنتاج 548 ألف برميل يوميا في أغسطس/آب، متجاوزين بذلك الزيادات البالغة 411 ألفا التي نفذوها خلال الأشهر الثلاثة السابقة، لأن حجم الطلب المتوقع يفوق الزيادة المتوقعة.
وتتأثر تركيا المستوردة للنفط بالأسعار العالمية والحروب غير المعلنة بين الدول المنتجة والمستوردة، إذ يحتسب سعر الوقود بناءً على سعر المصفاة مع إضافة ضريبة الاستهلاك الخاصة وحصة هيئة تنظيم سوق الطاقة (EPDK). كما تُحدد الأسعار وفق متوسط أسعار المنتجات النفطية في السوق وسعر صرف الدولار، مع هامش ربح محدد.
وطبقت تركيا قبل أيام، للمرة الثانية هذا العام، ضريبة القيمة المضافة، 6% على استهلاك الوقود والتي يجري تعديلها كل 6 أشهر، على أساس مؤشر أسعار المنتجين، وعادة ما يكون للضرائب على الوقود تأثير كبير على التضخم الذي يعتبر من أهم المخاطر على الاقتصاد التركي، رغم التراجع بآخر بيانات هيئة الإحصاء قبل أيام وتراجع التضخم إلى 35.05%، وهو أدنى مستوى يُسجّل منذ 43 شهرًا.
ووفق المصادر فإن استيراد نحو 95% من استهلاك تركيا من النفط بفاتورة سنوية بنحو 50 مليار دولار، يضع كسر السعر أو دعم المستهلك، خارج معادلة الحكومة التي تسعى لتطبيق برنامجها الاقتصادي وفق حسابات، لا تأخذ الدعم المباشر بالحسبان.
إذ لا يزيد إنتاج تركيا من النفط عن 132 ألف برميل يومياً، في حين يصل استهلاكها إلى نحو مليون برميل، وتسد العجز عبر الاستيراد من روسيا التي تصل صادراتها من المستوردات التركية 33.6%، تتبعتها أذربيجان بنسبة 21.2%، وإيران بنسبة 17.1%، ولجهة الغاز الذي تزيد اكتشافاته بتركيا والذي بات يسد نحو 28.1% من الاستهلاك المحلي، فتستورده تركيا من الجزائر ونيجيريا، وقطر والولايات المتحدة والنرويج.
