تهريب النفط الإيراني تحت ستار عراقي يقلق بغداد من عقوبات أميركا
Arab
4 days ago
share

بات بيع النفط الإيراني بغطاء من أفراد ورجال أعمال في العراق مصدر قلق كبير للسلطات في بغداد من تداعيات العقوبات الأميركية، لا سيّما بعدما أعلنت واشنطن في أكثر من مناسبة اتخاذ إجراءات لكبح "أسطول الظل" الذي تتعامل معه طهران.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس الماضي، فرض عقوبات على شبكة أعمال عراقية قالت إنّها تتولى عملية تهريب النفط الإيراني تحت ستار قانوني عراقي، ويدير الشبكة رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد، وهو إجراء يأتي ضمن مجموعة إجراءات كانت قد أعلنت عنها واشنطن، في إطار حزمة معاقبة المتعاملين مع طهران في بيع وشحن النفط الإيراني عبر شركاء محليين وأجانب.

وذكر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، في بيان رسمي، أنه "تواصل إيران الاعتماد على شبكة غامضة من السفن وشركات الشحن والوسطاء لتسهيل مبيعاتها النفطية، وتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار... شبكة الشركات التي يديرها رجل الأعمال العراقي سليم أحمد سعيد تشتري وتشحن نفطاً إيرانياً بمليارات الدولارات مقنعاً أو ممزوجاً بالنفط العراقي منذ عام 2020 على الأقل"، مضيفاً أن "وزارة الخزانة ستواصل استهداف مصادر دخل طهران وتكثيف الضغوط الاقتصادية لتعطيل وصول النظام إلى الموارد المالية التي تغذي أنشطته المزعزعة للاستقرار".

وفي مارس/ آذار الماضي، قال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني إنّ ناقلات نفط إيرانية احتجزتها القوات الأميركية في الخليج كانت تستخدم وثائق عراقية مزوّرة، مضيفاً في تصريح صحافي: "وصلت إلينا بعض الاستفسارات الشفهية حول ناقلات نفط جرى احتجازها في الخليج من القوات البحرية الأميركية، وكانت تحمل قوائم شحن عراقية"، وأكد أنه "لم ترد أي رسائل رسمية مكتوبة بهذا الشأن... واتضح أن هذه الناقلات تابعة لإيران وكانت تستخدم وثائق عراقية مزورة، وقد أوضحنا ذلك للجهات المعنية بكل شفافية، وهم تأكدوا من صحة ما أبلغناهم به"، ورغم حدة التعليق الذي لم يسبق أن صدر عن مسؤول عراقي، إلّا أن وزارة النفط الإيرانية لم تصدر تعليقاً.

وفي فبراير/ شباط الماضي فرضت أميركا عقوبات على أكثر من 30 فرداً وسفينة مرتبطة بإيران، بما في ذلك رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية حميد بوورد، في السياق ذاته. وتتعامل إيران مع العراق باعتباره حليفاً اقتصادياً استراتيجياً يمكنه المساهمة في التخفيف من حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الولايات المتحدة التي تسعى إلى فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران، وهي السياسة التي اتبعتها واشنطن خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017 ـ 2021)، بهدف عزل طهران عن الاقتصاد العالمي، وتقليص عائدات صادراتها النفطية للحدّ من قدرتها على تطوير سلاح نووي.

وسبق أن أفادت تقارير اقتصادية وسياسية بأنّ شبكة معقدة لتهريب الوقود قد ازدهرت في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، عبر استخدام وثائق مزورة وأساليب أخرى، وأن معظم هذه الشبكات تدر على إيران ووكلائها أكثر من مليار دولار سنوياً، وتساعدها على اجتياز الأزمات الاقتصادية بسبب العقوبات، وضمنها شبكات نقل وسفن إيرانية تستخدم أوراقاً عراقية وتهرّب النفط الإيراني باعتباره عراقياً.

في السياق، قال السياسي المقرب من الحكومة العراقية نبيل العزاوي إنّ "واشنطن لا تريد أن يتحول العراق لفضاء اقتصادي من أجل إفشال العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، كما لا ترغب بأي التفاف حول تلك العقوبات"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الشركة والشخص العراقي المُعاقب أخيراً، قد حاول الالتفاف على العقوبات، وخلال الفترات المقبلة قد نشهد شمول أشخاص آخرين، وهذا سيؤثر على سمعة العراق، خصوصاً أن بلاد الرافدين تسعى حالياً إلى تأسيس حالة تعافٍ اقتصادي وسياسي وأمني".

من جهته، أشار الخبير في الشؤون الاستراتيجية علي ناصر إلى أن "العلاقات الثنائية بين العراق وإيران تشوبها الكثير من المشاكل، وهي مشخصة من الإدارة الأميركية، وهي تواجه هذه المشاكل عبر العقوبات بملفات النفط وتهريبه عبر النواقل المتعددة، سواء مزجه مع النفط العراقي أو أوراق مزورة عبر ناقلات النفط التي تحمل الأوراق الثبوتية العراقية، بتصدير وأسعار أقل من منظمة أوبك، وأبرز الدول التي يصدر لها الصين"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الداخل العراقي يعاني هو الآخر من تهريب النفط بسبب المافيات والتجار المدعومين من أحزاب وكيانات سياسية معروفة".

أما أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، فقد لفت إلى أن "معاقبة أسماء عراقية بسبب التعامل مع إيران واستخدام الأوراق العراقية الرسمية لتهريب وبيع النفط الإيراني سيؤدي في النهاية إلى معاقبة شركات عراقية رسمية، لأنها لا تسيطر على أوراقها ومؤسّساتها، وهو تطور بالغ الخطورة، ويكشف عن هشاشة الرقابة على الثروة الوطنية العراقية، وضعف في السيادة الاقتصادية للدولة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الخطورة تتعلق باستخدام البنية التحتية العراقية، بما فيها الموانئ وشبكات التصدير، أداةً لخدمة مصالح دول أخرى، على حساب سمعة العراق الدولية، واستقلالية قراره الاقتصادي، ومصداقية صادراته".

وكانت واشنطن قد عاقبت عدداً من المصارف العراقية، إضافة إلى عدد من شركات الصرافة، بسبب تورطها في عمليات تحويل مالي غير شرعية داخل العراق وخارجه، وتهريب الدولار إلى جهات محظورة، أبرزها إيران، كما شملت القرارات الأميركية فرض حظر شامل على استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني العراقية خارج البلاد، وآخرها منع شركة "كي كارد" للتحويل المالي من إرسال مرتبات موظفي ومنتسبي هيئة "الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق.

وهذه المرة الأولى التي تتأخر فيها حكومة بغداد بدفع مرتبات ما يفوق عن 200 ألف عنصر من أفراد "الحشد الشعبي"، إذ كان من المقرّر أن تصل إليهم عبر مصرف الرافدين الحكومي ومن خلال حساباتهم في شركة "كي كارد" العراقية المحلية في 22 من الشهر الماضي، لكن لغاية الآن لم يجرِ دفعُ أيّ من مستحقاتهم الشهرية، كما أن الموازنة التشغيلية لـ"الحشد الشعبي"، الخاصة بالوقود والمعدات وغيرها التي تصدر شهرياً من حساب "هيئة الحشد الشعبي" في مصرف الرافدين، لم تُطلق منذ مطلع الشهر الماضي، ويبدو أن هذه العقوبات هي بداية لتحجيم أدوار مساعدي وأصدقاء إيران.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows