"معالوت حلحول"... مستوطنة فوق أعلى تلة جنوبي الضفة الغربية
Arab
4 days ago
share

شرع مستوطنون إسرائيليون بإقامة مستوطنة جديدة تحمل اسم "معالوت حلحول"، على أراضٍ تعود لمواطنين فلسطينيين فوق "تلّة النبي يونس"، أعلى قمّة في جنوب الضفة الغربية شمال مدينة حلحول شماليّ الخليل، وهي واحدة من بين 22 مستوطنة صادقت عليها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما أُعلن في 29 مايو/أيار الماضي.
وكشف تقرير صادر عن منظمة "كيرم نبوت" الإسرائيلية، مطلع الشهر الماضي، أن "معلوت حلحول" ستقام على أراضٍ لم تصادر بعد، ولإضفاء صفة "الشرعية" على موقعها الاستيطاني، سيتعيّن على الحكومة الإسرائيلية إصدار أوامر عسكرية تقضي بمصادرة الأراضي عبر إعلانها "أراضي دولة".
يقول نائب رئيس بلدية حلحول، خليل الشطريط، لـ"العربي الجديد"، إن "أفراد الإدارة المدنية وزعوا قبل 29 مايو الماضي، إخطارات بمصادرة الأراضي المقامة عليها المستوطنة، وهي معروفة بمنطقة (جبل الجمجمة)، فيما تواصلت البلدية حينها مع الارتباط الفلسطيني للتواصل مع الاحتلال، والضغط نحو عدم السيطرة على الأراضي، كونها غير مصنفة أراضي دولة، بل أراضي فلسطينية لها أوراق ثبوتية منذ العهد الأردني، وأخرى فلسطينية (طابو)، ما يعني عدم وجود مبررات للسيطرة عليها، وكان يصل إليها أصحابها بشكل طبيعي قبل نحو شهر فقط".
ويوضح الشطريط: "سبق أن حاول المستوطنون في ديسمبر/ كانون الأول 2020، نصب خيام على الجبل، وتنظيم شعائر دينية ورفع شعار (الحانوكا)، مقدمةً لإقامة بؤرة استيطانية بدعمٍ من حركة (نحالا) المتطرفة، لكن الفعاليات الشعبية دفعتهم إلى المغادرة، بينما ما يجري حالياً مختلف، لا سيما في ظل الحديث عن إدراج المستوطنة باسم معالوت حلحول".
ونُقلت إلى الموقع بيوت جاهزة "كرفانات"، وصل عددها إلى نحو 15 حتى الآن، ويتمركز فيها مستوطنون بشكل دائم، كما نصب مستوطنون الأعلام الإسرائيلية ولافتات تحريضية على أعمدة الطريق الالتفافي المؤدي إلى الجبل قبل نحو شهر، وهم ذاتهم الذين استوطنوا في الموقع رفقة عائلاتهم.
ويبدأ الطريق المؤدي إلى الجبل من "مفترق النبي يونس" على طريق بيت لحم- الخليل، حيث توجد حواجز عسكرية عند مداخل مدينة حلحول جنوباً، وبلدة سعير شمالاً، والخليل شرقاً، ويتفرع من ذات المنطقة طريق يصل إلى الموقع الاستيطاني الجديد الذي يتمتع بأهمية استراتيجية بالغة، إذ يشرف على جميع المناطق المذكورة من أعلى قمّة في الضفة الغربية التي ترتفع عن سطح البحر أكثر من 1020 متراً، ما يجعله موضع أطماع استيطانية.
وبشأن الوضع القانوني للأراضي، يوضح الشطريط، أن "جميعها ملكية فلسطينية خاصة، وسبق لمواطنين أن تقدموا خلال عامي 2021 و2022 بالتماسات إلى القضاء الإسرائيلي ضد محاولات الاستيلاء، والارتباط الفلسطيني أبلغ البلدية أن الأراضي لا يوجد فيها تسريب للاحتلال، وبالتالي لا تُعتبر أراضي دولة، ولا أملاك غائبين، ما ينفي قانوناً أي ذريعة إسرائيلية لمصادرتها".

ويتابع: "جرى تنظيم عدة اجتماعات مع أصحاب الأراضي، وتم الترتيب مع فريق من المحامين لرفع قضايا أمام المحاكم الإسرائيلية. لكن ما يعيق هذه الإجراءات هو استمرار التوسع الاستيطاني. وضعت قوات الاحتلال بوابة على الطريق المؤدي إلى الجبل، ومنعت المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، ما ينذر بنية واضحة للاستيلاء الكامل على الجبل الذي يمتد على مئات الدونمات، من دون أن نعرف حدود البؤرة الاستيطانية ومساحتها المستهدفة. الفارق بين محاولة الاستيطان السابقة والحالية أن الاستيطان الجديد ترافق مع حفريات وتمديد شبكات مياه وكهرباء، إلى جانب إطلاق اسم واضح على الموقع، وتوفير مقومات استيطانية، ما يشي بتحول تدريجي إلى مستوطنة قائمة بذاتها".
ويستذكر الشطريط أن "قوات الاحتلال أقامت خلال انتفاضة الأقصى في عام 2000 نقطة مراقبة عسكرية في الجبل، استمرت ثلاث سنوات، ثم انسحب جيش الاحتلال منها، مع استمرارية وصول السكان إلى أراضيهم وزراعتها. لكن اليوم، فُرض واقع استيطاني مفاجئ بعد شق طريق دائري إلى قمة الجبل، ما يشكل منعطفاً خطيراً في السيطرة الإسرائيلية على أراضي حلحول. إقامة المستوطنة يعني سلب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ومنع المواطنين من الوصول إليها، إلى جانب التهديدات اليومية التي قد يواجهها الأهالي عبر اعتداءات المستوطنين".
ويقول: "لدينا أيضاً مخاوف من تكرار ما يحدث في مستوطنات أخرى، حيث يعمد المستوطنون إلى تخريب الأراضي الفلسطينية المحاذية عبر ضخ المياه العادمة والصرف الصحي، ناهيك عن التمدد الاستيطاني السرطاني، الذي لا يتوقف عند حدود. فإذا أقيمت المستوطنة اليوم على مائة دونم، فإنها ستتوسع مستقبلًا لتصل إلى أكثر من ألف دونم".

بدوره، يقول الباحث في قضايا الاستيطان، سهيلة خليلية، لـ"العربي الجديد"، إن "مستوطنة (معالوت حلحول) لا يُنظر إليها مستوطنةً سكنية فقط، بل من المرجّح أن تُستخدم أيضًا نقطةَ مراقبة عسكرية نظراً إلى ارتباطها المباشر بالاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، لا سيّما وأن الاحتلال يدرك أن الأوضاع في الضفة الغربية غير مستقرة، وأن اقتراب المستوطنين من المناطق الفلسطينية يضعهم في دائرة الاستهداف، ما يدفعه إلى إنشاء مواقع أمنية على التلال المرتفعة، كما هو الحال في هذه المستوطنة التي توفّر إشرافاً واسعاً على الطرق والمناطق المحيطة".
ويؤكد خليلية أن "موقع المستوطنة يتمتع بأهمية استراتيجية كونه يشكّل نقطة اتصال جغرافية بين مستوطنتي (غوش عتصيون) شمالاً و(كريات أربع) شرقاً، كما أنه يتيح السيطرة الرقابية على مدينة حلحول وبلدتي بيت أمر وسعير، وبمحاذاة الطريق الرئيس الواصل بين مدينتي بيت لحم والخليل، ما يعزّز من أهميتها بالنسبة للمشروع الاستيطاني. هذا النوع من التمركز لا يخدم فقط أهداف التوسع، بل يُسهم في تقطيع أوصال الجغرافيا الفلسطينية، ويُقيّد حركة المواطنين. إقامة المستوطنة سيدمر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ويؤدي إلى تخريب حركة التجارة والصناعة في مدينة الخليل، فالطريق المستهدف يُعدّ المسار الوحيد الذي يربط جنوب الضفة ببقية المحافظات، ما يعكس محاولة إسرائيلية لفرض هندسة جغرافية جديدة تُغيّر ملامح الضفة الغربية لصالح المشروع الاستيطاني".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows