المغرب يفتح ملف التقاعد المقلق للعمال بعد تمرير قانون الإضراب
Arab
4 days ago
share

ستعيد الحكومة المغربية فتح النقاش المتوقف منذ ثلاثة أعوام حول إصلاح التقاعد المقلق للعمال، حيث كانت الاتحادات قد ألحت على ضرورة إشراكها في تشخيص صناديق التقاعد وتفادي تحميل المتقاعدين تكاليف تضر بقدرتهم الشرائية. ودعا رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، والاتحادات العمالية، إلى حضور اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد في 17 يوليو/تموز الجاري.

وأكدت لجنة التنسيق والرقابة على المخاطر الشمولية، أمس الاثنين، أن تطبيق الشريحة الأولى من الزيادات في الأجور الناتجة عن الحوار الاجتماعي الذي جرى في إبريل/نيسان من العام الماضي، أتاح تحسن بعض المؤشرات المالية لأنظمة تقاعد القطاع العام، غير أن تلك اللجنة تلاحظ أن أنظمة التقاعد لا تزال تعرف اختلالات هيكلية ولم تشهد استدامتها على المدى الطويل تحسناً مهماً.

واعتبرت اللجنة أنه أصبح من الضروري تنفيذ الإصلاح الذي تم تحديد توجهاته الاستراتيجية في الاتفاق المبرم في إطار الحوار الاجتماعي قبل أكثر من عام، مؤكدة أن من شأن هذا الإصلاح أن يضمن استدامة الأنظمة على المدى الطويل، من خلال وضع تسعيرة متوازنة وامتصاص جزء كبير من التزاماتها غير المغطاة. وتبين أن الحكومة الحالية عاقدة العزم على فتح ملف صناديق التقاعد وحسمه قبل عام 2026، الذي سيشهد الانتخابات التشريعية، بعدما استطاعت تمرير القانون الخاص بالإضراب، الذي أثار غضب اتحادات عمالية عند مناقشته في البرلمان.

وكانت حكومة المغرب قد شكلت لجنة وطنية لإصلاح التقاعد، وضعت توصيات قبل أكثر من عشرة أعوام، حيث أوصت باستحداث نظام تقاعد بقطبين، عمومي وخاص، في أفق ترسيخ نظام أساسي موحد، غير أن ذلك الإصلاح لم يُشرع فيه، على اعتبار أنه اكتُفي قبل سبعة أعوام بإصلاح نظام المعاشات المدنية في الوظيفة الحكومية عبر رفع سنّ التقاعد من ستين عاماً إلى ثلاثة وستين عاماً، مع رفع المساهمات من 20 إلى 28%.

وأوصت تلك اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد، قبل أكثر من عشرة أعوام، بضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل، وإرساء العدالة في الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وصيانة الاحتياطيات، وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد، والحد من تأثير الإصلاح على موازنة الدولة. ودأبت وزارة الاقتصاد والمالية على التعبير عن التخوف من أن يستنفد نظام المعاشات المدنية، الخاص بالموظفين الحكوميين، احتياطاته. وينطبق ذلك على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للقطاع الخاص، حيث تشدد على ضرورة الانخراط في الإصلاح لضمان استدامة الصناديق.

وعادت الحكومة الحالية لفتح ملف التقاعد، حيث توصلت الاتحادات العمالية ورجال الأعمال، في الأعوام الأربعة الأخيرة، إلى إحداث لجنة وطنية بهدف إصلاح أنظمة التقاعد، حيث يُراد التوجه نحو إحداث إصلاح شمولي للتقاعد، يرمي إلى إرساء منظومة للتقاعد على شكل قطبين عمومي وخاص، وقد جرى التأكيد على ضرورة التوافق على تفاصيل مضمونها وفق منهجية تشاركية.

دأبت وزارة الاقتصاد والمالية على التعبير عن التخوف من أن يستنفد نظام المعاشات المدنية، الخاص بالموظفين الحكوميين، احتياطاته. وينطبق ذلك على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للقطاع الخاص، حيث تشدد على ضرورة الانخراط في الإصلاح لضمان استدامة الصناديق

وتم التأكيد على تحديد آليات الانتقال إلى المنظومة الجديدة مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة في إطار الأنظمة الحالية إلى حدود بداية دخول الإصلاح حيز التنفيذ، مع التشديد على تعزيز حكامة أنظمة التقاعد في ضوء الممارسات الجيدة في هذا المجال. وكان يُنتظر وضع تصور للإصلاح خلال جولة الحوار الاجتماعي في سبتمبر/أيلول 2024، قبل عرضه على البرلمان للمصادقة عليه في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، غير أن ذلك لم يحدث، علماً أن الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال كانوا قد اتفقوا على اعتماد منهجية الحوار مع السعي للتوافق.

وتضمّن اتفاق في إبريل/نيسان 2022 المبادئ التي سيتم احترامها لبلورة تصور للإصلاح، علاوة على تفعيل اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، غير أن الاتحادات العمالية طالبت الحكومة، في 2022، بإشراكها في تشخيص وضعية صناديق التقاعد، وذلك بعدما قدمت الحكومة نتائج دراسة أنجزها مكتب دراسات، ما دفع الاتحادات إلى المطالبة بتمكينها من وثائق حول وضعية الصناديق. ولم تُخفِ الاتحادات العمالية تخوفها من التضحية بمصالح المساهمين في صناديق التقاعد، حيث تؤكد أن رفع سن التقاعد وزيادة الاشتراكات واللجوء إلى خفض قيمة معاش التقاعد من شأنه المساس بالقدرة الشرائية للمتقاعدين وتفقيرهم.

وفي السياق، يؤكد محمد الهاكش، عضو اللجنة الفنية السابق لإصلاح التقاعد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يتوجب عند بلورة الإصلاح مراعاة مصالح المتقاعدين عبر الحفاظ على قدرتهم الشرائية، كما يفترض شمول الحق في التقاعد للمحرومين منه اليوم، مثل العاملين في القطاع الموازي، والمقاولين الذاتيين، والأشخاص الذين يخضعون للنظام المهني الموحد.

ويقل معاش 71% من المتقاعدين التابعين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن 200 دولار في الشهر، وهو ما يمثل متوسط معاش التقاعد الذي يوفره ذلك الصندوق، مقابل 570 دولاراً في الشهر يتيحها النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، و790 دولاراً يمنحها الصندوق المغربي للتقاعد الخاص بالموظفين الحكوميين.

ويتصور الهاكش أنه بالنظر لتراجع القدرة الشرائية للمتقاعدين والضغوط المنتظرة على القدرة الشرائية للذين سيحالون على التقاعد في المستقبل، فإن المقاربة التي تركز فقط على التوازنات المالية لصناديق التقاعد من شأنها التضحية بمصالح المتقاعدين. ويشدد على أن التصورات التي تضعها مكاتب الدراسات تُلح على التوازنات المالية، بينما يُفترض في الحوار بين الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال تجنب الإمعان في التركيز على الجوانب المقياسية المتعلقة برفع سن الإحالة على التقاعد والاشتراكات، ومراعاة الجوانب الاجتماعية من أجل تجنب خلق جيش من المتقاعدين الفقراء.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows