
يتوجه فريق قانوني دولي يوم غد الأربعاء إلى المحكمة الجنائية الدولية بملف يتعلق بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون وبملف حرب الإبادة في قطاع غزّة. وقال المدير العام لنادي الأسير الفلسطيني أمجد النجار لـ"العربي الجديد"، على هامش فعالية مساندة للفريق في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، إنّ "الفريق القانوني الذي شُكّل قبل وفاة المحامي الفرنسي المشهور جيل دوفير؛ استكمل الملف من خلال التواصل مع كافة مؤسسات الأسرى في فلسطين، واستطاع أن يحصل على شهادات موثقة بجرائم الاحتلال، وغداً الأربعاء الساعة 11 صباحاً، سيتم تقديم الملف رسمياً، في موضوعين هما؛ ملف المعتقلين وما يتعرضون له من تنكيل وارتقاء العشرات من الشهداء منهم، والثاني حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة".
ووصف النجار الملف بأنه سيكون الأول الذي يقدّم بهذه الطريقة إلى المحكمة الجنائية الدولية للضغط على الاحتلال لإيقاف ما يتعرض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، مؤكداً أهمية رسالة الدعم من داخل فلسطين للفريق القانوني الدولي من خلال اعتصام مؤسسات الأسرى الأسبوعي. ويضم الفريق، بحسب النجار، العديد من المؤسسات الأوروبية التي وافقت على أن يتم تمثيلها من خلال الطاقم القانوني، إضافة الى جميع المؤسسات الفلسطينية التي أعطت الدعم والإسناد برسائل رسمية لهذا الفريق لاستكمال الملف الى النهاية.
بدوره، أكد رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الفريق على مدار الفترة الماضية تلقى العديد من التقارير والشهادات المروعة، التي تشير بشكل قاطع إلى أن الأسرى يتعرضون الى الموت والقتل والتجويع والتعذيب الممنهج وكل ذلك أودى بحياة 73 شهيداً أسيراً داخل المعتقلات". وقال الزغاري: "هذه القضية تأخذ أهمية كبيرة، إذ إن هذا الفريق يمثل كل المؤسسات الحقوقية والقانونية على المستوى المحلي والمستوى الدولي، وبالتالي مجرد أن يتم طرح هذه القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية هو أمر مهم، وهذه المحكمة نعلم تماماً أنها محاصرة، خاصة بعد إصدارها مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال".
ووصف الزغاري ما يجري في السجون بأنه "حرب إبادة صامتة لا تظهر يومياً كما يظهر في قطاع غزة من عمليات إبادة ودمار كبير طاول مختلف قطاعات الحياة هناك". ولكنها بحسب الزغاري تظهر على أجساد المعتقلين الذين يتعرضون يومياً إلى التعذيب الممنهج والمبرمج. وعبر عن دعم المؤسسات الحقوقية والقانونية لهذا الفريق القانوني، الذي سيبدأ بوضع هذه القضية على طاولة المحكمة، ويجب برأيه أن تبدأ (المحكمة) بفتح تحقيق جدي بمجمل الجرائم التي ارتكبت على مدار الشهور الماضية.
وحول الملفات التي يقدمها الفريق، قال الزغاري: "إن هناك عنواناً رئيسياً هو وضع وظروف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من حيث الاعتقال الإداري وجريمة التجويع التي برزت بشكل كبير خلال الشهور الماضية، وانتشار الأمراض والجرائم الطبية والضرب المبرح، وكذلك عدم نقل الأسرى إلى المشافي المتخصصة، وما تلا ذلك من عمليات قتل وإعدام لأسرى محتجزين في ظروف صعبة وقاهرة، وخاصة أسرى قطاع غزة الذين ما زالت أوضاعهم صعبة وخطيرة ويحتجزون في معسكرات تفتقد لكل مقومات الحياة الإنسانية". واعتبر الزغاري أن هذا التحرك يضع قضية الأسرى برمتها اليوم فعلياً وعملياً من خلال فريق قانوني دولي على طاولة المحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في الجرائم بحق الأسرى.
عائلات الأسرى تشكك
في هذه الأثناء، تشكك عائلات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في الحصول على نتائج مباشرة من التحركات القانونية في المحاكم الدولية، لتحسين ظروف احتجاز أبنائهم التي يقولون إنها مأساوية، لكنها في المقابل تؤكد أهمية تلك التحركات لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الجرائم بحق الأسرى، الذين يعانون من التجويع والتنكيل والعزل عن العالم الخارجي، والقتل والجرائم الطبية. جاء ذلك على هامش اعتصام في مدينة البيرة اليوم دعماً ومساندة للفريق القانوني الدولي.
وقالت ميسون الشوامرة إن ابنها الأسير منصور لم يحاكم بعد منذ ثلاثة أعوام، وقد عقدت له اليوم جلسة محاكمة، لينقل لها المحامي تراجع وزنه بشكل كبير، مؤكدة في تصريح لـ"العربي الجديد" أن وزنه قبل الاعتقال كان 75 كيلوغراماً، وأصبح الآن 49. وعبّرت الشوامرة عن قلق بالغ خلال مشاركتها بالفعالية: "أتخوف عليه، بالتأكيد يعاني من نقص في الدم والفيتامينات وكل شيء، وتحدث للمحامي عن وجع في رجليه ودوخة، يبدو أن ذلك بسبب كميات الطعام القليلة التي تقدم للأسرى".
من جهتها، طالبت نسرين أبو غربية، في حديث مع "العربي الجديد"، كل المؤسسات الدولية الطبية والحقوقية، والمحاكم "إن كان هناك محاكم عادلة في العالم"، بحسب تعبيرها، بإعادة حقوق الأسرى إليهم، ومحاسبة الاحتلال. نسرين هي والدة الأسير فادي أبو غربية، ووالدة أسيرين محررين آخرين، وقالت إنها تخشى على ابنها كثيراً بسبب الحالة التي رأت فيها نجليها مجد وأحمد حين خرجا، فكانا مصابين بمرض سكابيوس الجلدي المنتشر في السجون، وانتقلت العدوى إلى العائلة، وكذلك خرج أحد ابنيها بخلع في الكتف بسبب الضرب المبرح الذي تعرض له خلال الإفراج عنه، فيما خرج الآخر بجسد نحيل جداً.
وعبرت أبو غربية عن خيبة أمل من كل المؤسسات الدولية والعالم، بالقول: "كل العالم خذل قضية الأسرى"، مشددة على ضرورة وقف سياسة الإهمال الطبي وتحرك المؤسسات الطبية مثل أطباء بلا حدود، وواصفة ما يقوم به الاحتلال من تقديم كميات قليلة من الطعام للأسرى بأنه قتل بطيء.
