
يبدّل التضخم المرتفع في تركيا من مفاهيم وجدوى الاستثمار، بعد أن بلغت نسبته السنوية 35.05%، وذلك بعد المحاولات والبرامج الحكومية لخفض معدلاته، وهو ما يعني أن المستثمرين عليهم البحث عن قطاعات اقتصادية تحقق أرباحاً تزيد عن 35%، الأمر الذي أبعد كثيراً منهم عن البورصة وأسهم الشركات وهجرة قطاعي العقارات والسيارات، الأكثر ملاذاً وربحاً، خلال السنوات الماضية.
واتجه أصحاب الرساميل إلى المعادن الثمينة والعملات الأجنبية، قبل أن تطرح تركيا سندات حكومية وإيداعات محمية بالليرة، فلاقت، جراء الربح المضمون الذي يأخذ نسبة التضخم بالاعتبار، إقبالاً، وكانت بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، الأعلى من ناحية العائدات.
الذهب يتصدر العائد في تركيا
وكشف معهد الإحصاء التركي عن بيانات العائد الحقيقي لأدوات الاستثمار المالي في شهر يونيو/ حزيران 2025، بعد خصم معدلات التضخم من الأرباح. وتصدر المعدن الأصفر بيانات الأكثر ربحاً، تلاه سندات الدين المحلية، بينما تراجع أداء الدولار والأسهم. وبحسب البيانات الرسمية اليوم، فقد حققت سندات الدين الحكومية المحلية أعلى عائد شهري حقيقي للمستثمرين بنسبة 2.82% بعد خصم التضخم حسب مؤشر أسعار المستهلك (CPI) وبنسبة 1.73% حسب مؤشر أسعار المنتجين (D-PPI)، وسجل اليورو والودائع المصرفية والذهب مكاسب شهرية حقيقية، بينما خسر المستثمرون في الدولار الأميركي ومؤشر بورصة إسطنبول.
واحتفظ الذهب ببريقه الاستثماري خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إذ حقق عائداً بنسبة 12.33% بعد خصم التضخم (CPI)، في حين سجّل مؤشر بورصة إسطنبول BIST 100 أكبر خسارة للمستثمرين خلال الفترة نفسها بنسبة وصلت إلى 12.49%، كما حافظ الذهب، خلال تقييم النصف الأول من العام الجاري على موقعه بوصفه أفضل أداة استثمار بعائد حقيقي بلغ 21.37% (CPI)، بينما سجّل مؤشر BIST 100 أكبر خسارة بنسبة 18.96% بعد خصم التضخم.
واحتفظ الذهب، خلال تقييم عام كامل، على أعلى عائد حقيقي للمستثمرين بنسبة 29.29% بعد خصم التضخم (CPI)، في حين بلغت نسبة عائد الودائع خلال عام كامل 5.43% والدولار 10.26% واليورو 3.87%، وقفز عائد سندات الدولة إلى 7.70%.
التضخم يحجم عائدات العقارات
يقول الباحث التركي ومدير مركز الفكر للدراسات في إسطنبول، باكير أتاجان، إن العام الماضي، وحتى اليوم، شهد تبدلات اقتصادية وجيوسياسية غيّرت من جدوى الاستثمار وبدّلت من نسب عائد الأصول. ففي حين كانت العقارات على سبيل المثال، هي الأكثر استقطاباً للرساميل والأكثر ربحاً وعائداً، نال جمود السوق من هذه الأداة، كما أن الإيداع المصرفي، ورغم سعر الفائدة المرتفع، لم يحقق العائد الذي حققه الذهب أو السندات الحكومية، مضيفاً أن السبب الرئيس هو التضخم الذي يأكل من العائد الكبير للفائدة أو لارتفاع أسعار العقار المقوّمة بالليرة التركية.
وأضاف أتاجان لـ"العربي الجديد" أنّ بيانات معهد الإحصاء اليوم "مقلقة" لأنها تشجّع على الاستثمار بقطاعات قلّما تنعكس على الاقتصاد التركي الحقيقي، فارتفاع عائد الذهب يشجع على الاكتناز وتجميد السيولة، خاصة في ظل تراجع عائدات الأسهم وهو ما ينعكس سلباً على الشركات المدرجة في البورصة. وخلص الباحث التركي إلى أن نسبة التضخم بتركيا بدأت بالتراجع، كما بدأت أهداف البرنامج الاقتصادي الحكومي تنعكس على الأرض، وهو ما يعني، برأيه، عودة قريبة للقطاعات المغرية استثمارياً بالنسبة لصاحب رأس المال وتساهم بزيادة النمو بتركيا في الوقت نفسه.

Related News

