
شهدت المدن اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، في الأيام القليلة الماضية، ارتفاعا في أجور النقل، ما ضاعف من حجم الأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق اليمنيين، كما ساهم في تعقيدات إضافية في التنقل داخل المدن وكذا بين المحافظات. فقد ارتفعت أجرة الراكب في حافلات النقل داخل مدينة تعز من 200 ريال إلى 300 ريال، حيث قام السائقون برفع الأجرة من دون مسوغ قانوني وتحت مبرر انهيار سعر صرف العملة المحلية، وارتفاع أسعار الوقود، واعتبار أن الأجرة السابقة غير مربحة لهم.
صباح غالب، طالبة جامعية، قالت لـ"العربي الجديد": "كنت أدفع 800 ريال يوميا أجور مواصلات للذهاب والعودة إلى الجامعة التي أدرس فيها، لكن الآن سيتضاعف هذا المبلغ إلى 1200 ريال، ما يعني زيادة كبيرة في التكاليف والصرفيات المالية الدراسية، وهذه أعباء صرنا عاجزين عن تحملها خاصة في ظل قلة رواتب أولياء أمورنا".
قرار ارتفاع أجور النقل اتُّخذ من قبل السائقين بعيدا عن الجهات الحكومية ممثلة في مكاتب النقل في المحافظات، حيث يطرح السائقون عددا من المبررات التي يقولون إنها جعلتهم يلجأون إلى رفع أجور النقل. عدنان مالك، سائق حافلة، قال لـ"العربي الجديد": "نحن السائقين مضطرون لرفع الأجرة نتيجة انهيار سعر الصرف وارتفاع أسعار البترول والغاز باستمرار، ونريد من الحكومة والجهات المسؤولة أن تقوم بتثبيت سعر الصرف وتثبيت أسعار المشتقات النفطية، ونحن سنقوم بتثبيت الأجرة، لكن في ظل هذا الواقع، صارت الأجرة غير مناسبة لنا، ما اضطرنا لأن نرفعها".
ولم ينحصر الأمر على رفع أجور النقل داخل المدن، بل شمل أيضا أجور النقل بين المحافظات، التي شهدت ارتفاعا بأكثر من 30%، وهي زيادة سعرية يرى المواطنون أنها تفوق كثيرا نسبة الزيادة في أسعار الوقود. ومن خلال اطلاع "العربي الجديد" على هذه الزيادة، يظهر تقارب بنسبتها، فقد زادت مثلا أجرة النقل بين محافظتي تعز وعدن من 15 ألف ريال إلى 20 ألف ريال، كما ارتفعت أجرة النقل بين مدينتي عدن والمخا من 12 ألف ريال إلى 18 ألف ريال، أما أجرة النقل بين محافظتي عدن ومأرب فقد ارتفعت من 40 ألف ريال إلى 50 ألف ريال.
فاروق الحبيشي قال لـ"العربي الجديد" إن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعات جديدة في أجور النقل نتيجة غياب الدور الرقابي للجهات الحكومية، التي لم تتخذ أي موقف من رفع الأجور الذي تم بقرارات غير مدروسة من قبل السائقين، وهذا يؤكد أن البلاد تعيش مرحلة فوضى". يأتي ذلك في ظل انهيار متواصل للعملة الوطنية، حيث تخطى سعر صرف الدولار الأميركي حاجز 2700 ريال يمني لأول مرة، في ظل استمرار تراجع العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهبوطها إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.
وبلغ سعر صرف الدولار في العاصمة المؤقتة عدن 2690 ريالا للشراء، و2712 ريالا للبيع، كما بلغ سعر صرف الريال السعودي 707 ريالات للشراء و711 ريالا للبيع، مع تفاوت بسيط في الأسعار بين العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المدن المحررة، لا سيّما محافظتي تعز ومأرب. اللافت هو حجم التدهور المتسارع في سعر الصرف، حيث كان الدولار الأميركي يساوي 2070 ريالا مطلع العام الجاري، ما يعني أن نسبة الهبوط في سعر الصرف تبلغ أكثر من 30%.
الباحث الاقتصادي أحمد النصاري قال لـ"العربي الجديد" إن هناك عدة عوامل ساهمت في رفع أجور النقل من قبل السائقين، تتمثل في انهيار سعر صرف العملة المحلية، وفقدان القيمة الشرائية للريال اليمني، والارتفاع المستمر في أسعار الوقود، وغياب الرقابة من قبل الجهات الحكومية ممثلة في مكاتب النقل في المحافظات، وشرطة المرور، وكذا الجبايات المالية غير القانونية التي تُفرض على السائقين".
وأضاف الباحث الاقتصادي أن من ضمن الأسباب توجه الحكومة المعترف بها دوليا لتطبيق القرار الذي جرى تداوله حول رفع سعر الدولار الجمركي في عدن من 750 ريالا إلى 1500 ريال، ما يعني مضاعفة أعباء كلفة الاستيراد، وهو ما ينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي في البلد، وعلى الوضع المعيشي للمواطنين بشكل رئيسي".
