تراجع أسعار النفط ومأزق دول الخليج
Arab
5 days ago
share

دخلت الدول العربية منتجة النفط والطاقة، ومنها دول الخليج والعراق والجزائر وليبيا، في مأزق حقيقي، والسبب هو التراجع المتواصل والكبير في أسعار النفط، والضغوط الشديدة التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للوصول بالأسعار إلى ما بين 40 و50 دولاراً، وهو سعر مريح للمواطن الأميركي ويساهم في خفض معدل التضخم داخل الولايات المتحدة، وهو ما يمهد الطريق أمام خفض أسعار الفائدة. لكنه في المقابل مربك للدول المصدرة للنفط.

هذا التراجع في أسعار النفط سيولد فجوة تمويلية كبيرة لدى الدول العربية النفطية، ويعمق العجز المالي في موازنات تلك الدول، باعتبار أن النفط هو المورد الأساسي للإيرادات من النقد الأجنبي، وأن أي تراجع ملحوظ في سعر الخام الأسود يمكن أن يربك المركز المالي لتلك الدول ويدفعها نحو تطبيق سياسات تقشفية غير مقبولة سياسياً ومجتمعياً، وقد تربك المشهد الاقتصادي برمته.

من أبرز تلك السياسات المتوقع تطبيقها إجراء زيادات كبيرة في أسعار الوقود، بنزين وسولار وغاز، وكذلك في أسعار السلع الأساسية، بما فيها الغذائية والدوائية، وخفض الدعم الحكومي لسلع وخدمات رئيسية، وهو ما يعني زيادة فواتير الكهرباء والمياه والمواصلات العامة، وزيادة الضرائب والرسوم الحكومية، إضافة إلى تطبيق السياسات التقليدية المتعارف عليها، ومنها التوسع في الاقتراض الخارجي والداخلي، والسحب من الاحتياطيات النقدية المتوافرة لدى الصناديق السيادية أو صناديق الأجيال المقبلة، وبيع أصول الدولة من شركات وبنوك وغيرها، وتأخير تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية والخدمية، وقد تلجأ دول إلى خفض الانفاق العام، وهو ما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن. كما قد تلجأ أخرى لخطوات، منها تقليص العمالة العربية والأجنبية الوافدة، وزيادة الأعباء الملقاة عليها من رسوم إقامات وتكلفة معيشة وغيرها، وتقليص المساعدات والمنح الخارجية وغيرها.

خذ مثلاً السعودية التي تحتاج إلى سعر نفط يتجاوز 90 دولاراً للبرميل لمعادلة ميزانيتها العامة وعمل توازن بين الإيرادات والمصروفات العامة، ومع تراجع سعر خام برنت إلى أقل من 65 دولاراً قبل أيام، فإن هذا يشكل أزمة مالية كبيرة للمملكة، خاصة أن انخفاض بهذا المستوى يعني فقدان السعودية عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات النفطية، إلى جانب تراجع متوقّع في توزيعات أرباح شركة أرامكو العملاقة، المملوكة للدولة، وأكبر شركة للنفط في العالم.

ومن هنا جاءت التوقعات بتعمّق عجز موازنة السعودية عن العام الجاري والذي جرى تقديره في وقت سابق من قبل الحكومة بنحو 101 مليار ريال، أي قرابة 26.9 مليار دولار، لكن مؤسسات مالية دولية، منها مصرف "غولدمان ساكس"، توقعت أن يرتفع عجز موازنة السعودية خلال 2025 إلى 67 مليار دولار، وهو ما سيجبر المملكة على التوسع في سياسة الاقتراض الخارجي وتقليص خطتها لتنويع الاقتصاد فيما يعرف برؤية المملكة 2030، وبيع أصول ضخمة.

التراجع في أسعار النفط سيولد فجوة تمويلية كبيرة لدى الدول العربية النفطية، ويعمق العجز المالي في موازنات تلك الدول، باعتبار أن النفط هو المورد الأساسي للإيرادات من النقد الأجنبي

يترجم ذلك ما ذكرته رويترز يوم الأحد من أن أرامكو تسعى لبيع خمس محطات لإنتاج الكهرباء باستخدام الغاز بقيمة تصل إلى أربعة مليارات دولار وذلك لتوفير سيولة. كما تبحث الشركة بيع أصول أخرى مثل مجمعات سكنية وخطوط الأنابيب، بالإضافة إلى أصول مرتبطة ببنية تحتية مرتبطة بالمرافق.

يتكرر المشهد في دول نفطية عربية أخرى، منها الجزائر حيث دفعت أسعار النفط حكومة تبون نحو السحب من أرصدة الصندوق السيادي، في محاولة لسد أكبر عجز موازنة في تاريخ البلاد، خصوصاً في ظل تراجع أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس من النقد الأجنبي.

أما العراق الذي يعوم على بركة من الفساد المالي فإن خياراته محدودة للتعامل مع مأزق تراجع أسعار النفط قياساً على ما عانته الدولة النقطية خلال أزمات سابقة منها جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط عام 2020، حين اضطرت الحكومة لإجراءات تقشفية قاسية، وتعرضت رواتب العاملين في الدولة لخطر حقيقي.

أما ليبيا فإن أزمة تهاوي أسعار النفط تضاف لأزمات سياسية وأمنية أخرى وتعقّد المشهد برمته داخل الدولة التي تشهد اضطرابات أمنية وقلاقل سياسية من وقت لآخر.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows