وقعت شركة النفط الوطنية الجزائرية "سوناطراك" عقداً لتقاسم الإنتاج مع شركة إيني الإيطالية يمتد لأكثر من 30 سنة، يهدف إلى تطوير واستغلال حقل "زمول الكبر" الغازي الواقع في الجنوب شرقي البلاد، بالقرب من الحدود مع ليبيا، يتوقع أن يدعم إنتاج البلد العربي من الغاز بأكثر من 9.3 مليارات متر مكعب سنوياً. وجرت مراسم التوقيع على العقد الاثنين، في مقرّ الشركة الحكومية في الجزائر العاصمة، بحضور الرئيسين التنفيذيين لشركتي سوناطراك وإيني، رشيد حشيشي، وكلاوديو ديسكالزي، وكوادر من الشركتين.

وبحسب وثيقة وُزّعت على الصحافيين، فإنّ حجم الاستثمارات المرتقب في إطار هذا العقد يبلغ 1.35 مليار دولار، منها 110 ملايين مخصصة لأعمال البحث والاستكشاف، فيما سيُوجه الجزء الأكبر من التمويل، والمقدّر بـ1.24 مليار دولار، لأشغال تطوير واستغلال الحقل. وتقدر كميات الغاز المتوقع إنتاجها من الحقل بنحو 9.3 مليارات متر مكعب سنوياً، ستوجّه كلها للبيع، ضمن ما يبدو أنّه جزء من خطة أوسع لتعزيز صادرات الجزائر من الغاز، خصوصاً نحو السوق الأوروبية. هذا العقد يمتد على مدى 30 عاماً، وفق ما بينته الشركة الحكومية الجزائرية، تشمل 7 سنوات أولى مخصصة لعمليات الاستكشاف، على أن تدخل المرحلة الإنتاجية لاحقا، وفق البرنامج المسطر بين الطرفين.

في السياق، أوضح الرئيس التنفيذي لسوناطراك رشيد حشيشي خلال مراسم التوقيع، أن العد يمكن تمديد آجاله إلى 10 سنوات أخرى، ما يعني أنه يمكن أن يمتد لـ 40 سنة، مشيراً إلى أن الإنتاج الكلي للمحروقات المتوقع بهذا الحقل عند دخوله مرحلة الإنتاج يقدر بـ 415 مليون برميل مكافئ نفط، بينها 9.3 مليارات متر مكعب من الغاز الموجه للتصدير سنوياً. وعلق بالقول "إنها أرقام إيجابية ستدعم الحيلة الطاقوية للجزائر من خلال دعم أهداف ضمان الأمن الطاقوي للبلاد من جهة، وتعزيز القدرات التصديرية للبلاد من جهة أخرى". واعتبر المتحدث أن حجم الاستثمار المخصص لهذا الحقل يثبت "ثقة" الشركاء في الجزائر وقدرات مؤسساتها، وخصوصاً سوناطراك على تطوير مشاريع واعدة للطاقة.

من جهته، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الايطالية العملاقة، كلاوديو ديسكالزي، بأنّ "التزام إيني في الجزائر ظل دائما من بين الأهم، والبلد يعد من الدول الأولى على مستوى العالم من حيث حجم استثمارات إيني". وأضاف: "نوقع اليوم على عقد مهم مع سوناطراك، وهو مشروع استراتيجي سيساهم قريبا في تعزيز إنتاج الغاز الوطني" وأكد المسؤول ذاته أن الغاز الجزائري الذي تشتريه إيني "أساسي لأمن الطاقة في إيطاليا"، مشددا على أن "العلاقات والشراكات بين الجانبين ليست اقتصادية فقط، بل تعبّر أيضاً عن عمق التعاون السياسي بين الجزائر وإيطاليا".

في السياق نفسه، وقع الطرفان عقداً تكميلياً لتحديد كيفيات اقتناء الغاز المنتج في الحقل، إلى جانب اتفاق إطار بين شركة النفط الوطنية الجزائرية وإيني عبر جامعة "إيني كوربورايت يونيفرسيتي"، ويهدف إلى تطوير قدرات وكفاءات موظفي سوناطراك من خلال برامج تكوين متخصصة، بما يضمن انتقالاً فعالاً للمعارف والتكنولوجيا. وتأتي هذه الخطوة الجديدة لتعزيز موقع الجزائر كمورد طاقوي استراتيجي بالنسبة لإيطاليا، في وقت تعمل فيه روما على تنويع مصادرها وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، بينما تراهن الجزائر على تعميق شراكاتها الطاقوية طويلة الأمد، لضمان تمويل استثماراتها الضخمة في القطاع، وتعزيز مكانتها في السوق المتوسطية.

وتنتج الجزائر حالياً نحو 140 مليار متر مكعب سنويا من الغاز، تصدر منها نحو 50 مليار متر مكعب تستهلك نفس الكميات تقريبا في السوق الداخلية، بينما يتم ضخ الكميات المتبقية في الآبار لتحسين الاسترجاع والمحافظة على مستويات الإنتاج. ويطمح البلد العربي لرفع إنتاجه إلى 200 مليار متر مكعب بحلول العام 2028، وتصدير نصف الكميات المنتجة أي 100 مليار متر مكعب سنوي، بناء على توجيهات سابقة من رئيس البلاد عبد المجيد تبون. وتواجه الحكومة الجزائرية ضغوطاً جدية من ارتفاع الاستهلاك الداخلي للغاز، وما يمكن أن يسببه من تأثير على مبيعات البلاد من هذا المورد الطاقوية الحيوي على الخارج وخصوصاً أوروبا.