
يأكل التضخم في تركيا وارتفاع أسعار السلع والمنتجات من الرواتب والأجور، بما في ذلك الراتب الشهري للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمسؤولين الحكوميين، الذين تقرّرت زيادة رواتبهم بعد إعلان هيئة الإحصاء التركية عن نسبة التضخم لشهر يونيو/حزيران الماضي. وقد تقررت زيادات في رواتب عدد من المسؤولين الحكوميين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، الذي ارتفع دخله الشهري من 356,321 ليرة إلى 411,800 ليرة، أي بزيادة قدرها 55,479 ليرة. ويُشار إلى أن راتب الرئيس يعادل تقريباً 10,300 دولار.
ويخضع راتب الرئيس والمسؤولين الأتراك للزيادات التلقائية بحسب مؤشر التضخم وارتفاع الأسعار، إذ إنّ راتب الرئيس أردوغان مرتبط براتب رئيس البرلمان التركي، نعمان قورتولموش، مضافاً إليه نسبة 5%، وشملت الزيادة التلقائية المرتبطة بالمصاريف ونسبة التضخم رواتب الوزراء والنواب، إذ أصبح راتب الوزير نحو 235,527 ليرة، وراتب النائب في البرلمان نحو 229,676 ليرة.
كما جرى رفع رواتب المسؤولين المتقاعدين، فوصل راتب النائب المتقاعد إلى نحو 149 ألف ليرة، في حين بلغ دخل النائب الذي يتقاضى أيضاً معاشاً تقاعدياً نحو 379 ألف ليرة. وفي حين امتنعت الحكومة واتحاد العمال عن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص للمرة الثانية هذا العام، أعلنت مصادر حكومية قبل أيام رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين في تركيا من 14,469 ليرة إلى 16,881 ليرة شهرياً، بزيادة قدرها نحو 16.7٪، وذلك ضمن تعديل يعتمد على معدل التضخم الرسمي للأشهر 6 الأخيرة.
وطاول التعديل والرفع البسيط أقل فئات المتقاعدين أجراً، أي الذين يتقاضون الحد الأدنى لأجور المتقاعدين، وفق معادلة الربط بالتضخم السنوي الذي بلغ خلال شهر يونيو الماضي 35.05%. ويُذكر أن التضخم على أساس سنوي تراجع في تركيا خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، لكنّه لا يزال مرتفعاً ويؤثر على القدرة الشرائية لليرة التي سجّلت اليوم أمام الدولار نحو 39.99 ليرة. وكانت هيئة الإحصاء التركية (TÜİK) قد أعلنت أخيراً عن بيانات التضخم التي أظهرت ارتفاعاً في مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) بنسبة 1.37% على أساس شهري خلال يونيو/حزيران 2025، في حين سجّل معدل التضخم السنوي تراجعاً من 39.59% في شهر مايو/أيار إلى 35.05% في يونيو/حزيران.
ويرى المحلّل التركي باكير أتاجان أن الزيادة على راتب المتقاعدين "جاءت قليلة ومخيبة"، معتبراً أن ربط الزيادة بنسبة التضخم فقط، من دون الأخذ في الاعتبار ارتفاع تكاليف المعيشة عموماً للأسرة التركية، يشكّل ظلماً للمتقاعدين. وكانت وكالة تخطيط إسطنبول (İPA) قد كشفت في تقريرها الشهري حول تكلفة المعيشة في إسطنبول لشهر يونيو/حزيران 2025، عن زيادة كبيرة في تكاليف الحياة اليومية في المدينة، إذ ارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة 47.13% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وبحسب التقرير، بلغت تكلفة المعيشة الشهرية لعائلة مكونة من أربعة أفراد (شخصان بالغان وطفلان) في إسطنبول نحو 93,465 ليرة تركية في يونيو 2025، ما يعكس ارتفاعاً ملموساً في المصروفات مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2024. وأظهرت الدراسة أن تكلفة المعيشة في إسطنبول ارتفعت بنسبة 1.90% فقط مقارنة بشهر مايو/أيار 2025، ما يشير إلى تباطؤ نسبي في وتيرة الزيادة الشهرية، إلّا أن المعدل السنوي لا يزال مرتفعاً جداً.
وحول عدم زيادة الحد الأدنى للأجور خلال النصف الثاني من العام الجاري، أضاف أتاجان أن الخطة الحكومية والبرنامج الاقتصادي يهدفان إلى تحسين المعيشة من خلال خفض نسبة التضخم والأسعار، وليس من خلال زيادة الأجور، لأن ضخ كتل نقدية في السوق سيؤثر على سعر الليرة المتراجعة، وبالتالي على هدف البرنامج الاقتصادي الذي أعلنه وزير المالية والخزانة محمد شيمشك. وكانت الحكومة التركية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي برنامجها الاقتصادي الجديد للفترة الممتدة بين عامَي 2025 و2027، وحددت البرنامج هدفاً طموحاً لخفض معدل التضخم إلى 41.5% بحلول نهاية عام 2024، مع توقع أن ينخفض إلى 9.7% بحلول عام 2026.
لكنّ نسبة النمو التي تراجعت إلى نحو 2.7% العام الماضي خرجت عن توقعات الحكومة وبرنامجها الاقتصادي، إذ رغم تحديد الحكومة هدفاً يبلغ 4% لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025، بدت التوقعات ونتائج عام 2024 أكثر تحفظاً، إذ توقع صندوق النقد الدولي نمواً بمعدل 2.7%، مقابل 2.6% توقعات البنك الدولي، وهي التوقعات ذاتها التي صدرت عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
