ليفربول الوفاء والانتماء
Arab
6 days ago
share

مشهد حزين عاشته جماهير نادي ليفربول الإنكليزي والبرتغال خاصّة وكرة القدم عامّة في أرجاء العالم، قمة مشاهد التراجيديا والحزن، لحظة وداع النجم الراحل البرتغالي، ديوغو جوتا (توفي بعمر 28 سنة)، وشقيقه أندريه فيليبي (توفي بعمر 25 سنة)، لاعب بورتو السابق وبانفيل البرتغالي قبل وفاته، بسبب الحادث المروع الذي وقع يوم 3 يوليو/تموز الحالي في مقاطعة زامورا الإسبانية، الذي نتج عنه تحطم السيارة واحتراقها عقب انفجار الإطار الأمامي للسيارة، لتتعالى أصوات البكاء ويعمّ الحزن الوسط الرياضي كافة. 

وكانت جنازة ديوغو جوتا مهيبة خلال مراسم دفن في المدينة التي وُلد فيها، غوندومار، القريبة من بورتو، يوم 5 يوليو، بحضور عائلة الفقيدين ونجوم من نادي ليفربول الإنكليزي وعلى رأسهم النجم الهولندي فان دايك والاسكتلندي أندي روبرتسون وباقي الزملاء، بالإضافة لحضور خاص للنجم البرتغالي وصديقه المقرب روبن نيفيز، نجم الهلال السعودي، بعد الخروج أمام فلومينينسي البرازيلي (2-1)، في الدور ربع النهائي لبطولة كأس العالم للأندية، وتعذّر حضور قائد منتخب البرتغال كريستيانو رونالدو والنجم المصري محمد صلاح. ويُضاف إلى ذلك، الشموع والورود وشارات النادي التي توزعت حول ملعب أنفيلد، وسط مظاهر الحزن والأسى للجميع، بمن فيهم جماهير ونجوم الغريم نادي إيفرتون، الذي بادر بإرسال وفد وضع أكاليل الزهور وقدم العزاء في ملعب نادي الريدز. 

حادث سير مؤسف أنهى مسيرة نجاح وتفوق لديوغو جوتا، بدايةً من أكاديمية بورتو، مروراً بباكوس دي فيريرا، أتلتيكو مدريد الإسباني، بورتو البرتغالي، وولفرهامبتون الإنكليزي، وأخيراً نادي ليفربول من عام 2020 وحتى يوم وفاته، إذ وصل إلى الريدز مقابل نحو 41 مليون جنيه استرليني، وخاض مع الريدز 185 مباراة سجل فيها 62 هدفاً، وهو الذي تُوج بلقب الدوري الإنكليزي في عام 2025، ولقب كأس الاتحاد الإنكليزي في عام 2022، ولقبي كأس الرابطة الإنكليزي في عامي 2022 و2024، في حين خسر نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2022. 

أما مع المنتخب البرتغالي فخاض جوتا 49 مباراة دولية منذ 2019 سجل خلالها 14 هدفاً، وتُوج بلقبي دوري الأمم الأوروبي في عامَي 2019 و2025 ولعب بديلاً في النهائي، في آخر لقاءاته أمام منتخب إسبانيا، والذي انتهى بالتعادل (2-2) في الوقت الأصلي، ثم تفوق منتخب البرتغال بركلات الترجيح (5-3)، هذا عدا عن المشاركة في بطولتَي يورو 2020 و2024، مع العلم أن الإصابة التي تعرض لها في مواجهة مانشستر سيتي في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، حرمته من المشاركة في بطولة كأس العالم في قطر 2022. 

وكان نادي ليفربول، على مدار التاريخ، صاحب النصيب الأكبر من التراجيديا والمأساة، على سبيل الذكر في عام 1981، حين وقعت أحداث شغب وعنف بين الشرطة وجماهيره من أصحاب البشرة السمراء، ما أدى إلى تدخل من رئيسة وزراء بريطانيا، مارغريت تاتشر، شخصياً آنذاك لحل الأزمة، ثم حادث استاد هيسيل في بلجيكا خلال نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 1985، أمام نادي يوفنتوس الإيطالي، حين سقط 39 شخصاً ضحية ومن بينهم 32 مشجعاً لنادي يوفنتوس، وحينها أعلن الاتحاد الأوروبي يويفا حرمان ليفربول من المشاركة في أوروبا لمدة ستّ سنوات. 

وهناك أيضاً كارثة ملعب هيلزبره يوم 15 إبريل/نيسان في عام 1989، خلال مواجهة بين ليفربول ونوتينغهام فوريست على ملعب شيفيلد يونايتد في الدور نصف النهائي لبطولة كأس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، إذ راح ضحيتها 97 مشجعاً لفريق ليفربول. وكذلك يبرز إلى الواجهة الحادثة التي وقعت قبل فترة قليلة وتحديداً يوم 26 مايو/أيار الماضي، عندما دهس سائق سيارة مشجعين من ليفربول خلال الاحتفال بلقب البريمييرليغ، وأصاب العشرات من حينها. 

وأعاد رحيل النجم البرتغالي جوتا أجواء الحزن والمحن إلى ملعب أنفيلد في نادي ليفربول الإنكليزي، لكن ما حدث من نادي ليفربول بعد الحادث المأساوي بقرار فسخ عقد الراحل جوتا، أثار تساؤلات كثيرة وأصاب البعض لأول وهلة بالحيرة، إلّا أن نادي ليفربول تصرف في قمّة الإنسانية والوفاء، إذ تبيّن لاحقاً أن قرار الفسخ كان تطبيقاً للوائح والقوانين بعقود اللاعبين المحترفين، إذ يُلغى العقد بين اللاعب والنادي تلقائياً في حال الوفاة، ويتوقف النادي عن دفع الراتب والمستحقات، في حين أن ليفربول قرّر دفع قيمة المستحقات المتبقية من عقد جوتا (تبقى له عامان)، لعائلته، براتب أسبوعي قدره 140 ألف جنيه إسترليني بما يعادل 700 ألف جنيه إسترليني شهرياً، بخلاف المستحقات من مكافآت الفوز والتتويج بالألقاب، وذلك تعويضاً لأسرته وحفاظاً على مستقبل أبنائه الثلاثة من زوجته روت كاردوزو المرتبط معها منذ سن المراهقة، وهو الذي تزوجها قبل أيام من وفاته. 

كما قرّر نادي ليفربول وضع نصب تذكاري لديوغو جوتا خارج ملعب أنفيلد، ليُقدم النادي الإنكليزي درساً في الإنسانية والانتماء. ليفربول وجماهيره وجدوا الطريق الوحيد للخروج من الأحزان والأزمات بوحدة الصف للتغلب على هذه المحنة كما عهدناهم سابقاً، فالتجاوز بالتلاحم، والتضامن والتضافر والعمل الجماعي هو الطريق للخروج من مشاهد الحزن أو الفشل، شهادة الوفاء لروح ديوغو جوتا لرحلته ومثابرته، ليشعر الجميع بالحزن لفقدان ليفربول أحد أبنائه المخلصين والمحبوبين، وليتأكد شعار ليفربول الأبدي الذي يظهر دائماً في كلمات وسطور الأغنية الشهيرة التي تهز ملعب أنفيلد دائماً، وتشعل المدرجات، وهي خير دليل وتلخص تاريخ العشق والانتماء للكيان الكبير "You will never walk alone".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows