
سجلت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي ارتفاعاً فاق التوقعات خلال شهر يونيو/حزيران، بدعم من تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية، وصعود اليوان المحلي، ما عزّز القيمة الاسميّة للأصول المقوّمة بالعملات الأجنبية ضمن الاحتياطي. وبحسب بيانات رسمية صادرة اليوم الاثنين عن الهيئة الوطنية للنقد الأجنبي في الصين، ارتفعت الاحتياطيات بمقدار 32.2 مليار دولار خلال يونيو/حزيران لتصل إلى 3.317 تريليونات دولار، مقارنة بـ3.285 تريليونات في مايو/أيار، متجاوزة التقديرات التي كانت تشير إلى 3.300 تريليونات دولار، وفقاً لاستطلاع أجرته "رويترز".
ويعد هذا المستوى الأعلى منذ بداية العام، ويعكس جزئياً تأثيرات سوق الصرف، إذ ارتفع اليوان الصيني بنسبة 0.45% مقابل الدولار خلال يونيو/حزيران، في حين انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ستّ عملات رئيسية، بنسبة 2.7% في الشهر ذاته، وفق بيانات منصة "رفينيتيف". ويرتبط جزء كبير من احتياطي الصين من النقد الأجنبي بأصول مقوّمة بالدولار، مثل سندات الخزانة الأميركية، ما يجعل تحركات الدولار مقابل العملات الأخرى عاملاً حاسماً في التغيّر الشهري للاحتياطي من حيث القيمة الدولارية.
وبحسب تقديرات بنك غولدمان ساكس، فإنّ كل انخفاض بنسبة 1% في مؤشر الدولار يؤدي إلى ارتفاع اسمي في احتياطي الصين يتراوح بين 10 و15 مليار دولار، نتيجة إعادة التقييم المحاسبي للأصول المقوّمة باليورو والين والفرنك السويسري، لكن هذا الأثر يظل نظرياً إلى حد كبير، إذ لا يعبر عن دخول تدفقات نقدية جديدة، بل عن تغير في القيمة السوقية. ومع ذلك، فإنه يسهم في تعزيز الثقة في مركز الصين المالي الخارجي، ويوفر أدوات إضافية لبنك الشعب الصيني لدعم اليوان وقت الحاجة، وتعد الصين صاحبة أكبر احتياطي أجنبي في العالم، وتستخدمه أداةً استراتيجية لدعم استقرار اليوان، وطمأنة الأسواق، وتعزيز المرونة أمام الضغوط التجارية والمالية الخارجية، خصوصاً في ظل التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة بشأن السياسات الجمركية.
ولا يقتصر دور الاحتياطي الصيني على كونه مجرد "وسادة مالية"، بل يستخدم أيضاً أداةً استراتيجية لتعزيز النفوذ العالمي. وبحسب تقرير "ذا إيكونوميست" في مارس/آذار الماضي، فإنّ احتفاظ بكين بأصول سيادية كبيرة يمكنها من: التدخل لشراء اليوان ودعم استقراره في وجه الضغوط، وتمويل مشاريع "مبادرة الحزام والطريق" بالدولار دون الاقتراض. وفرض ثقلها في المؤسّسات الدولية كصندوق النقد والبنك الدولي، كما أن الصين قلّلت تدريجياً منذ 2019 من اعتمادها على الدولار، وزادت حصة اليورو والذهب والعملات الآسيوية في محفظة الاحتياطي، وهي خطوة تعكس استراتيجية طويلة الأمد لفكّ الارتباط عن النظام المالي الأميركي.

Related News


