قلق صيني من تشدد كوريا الشمالية نووياً بعد استهداف إيران
Arab
6 days ago
share

لطالما شكّل برنامج كوريا الشمالية النووي مصدر قلق للصين. ففي كل مرة تختبر بيونغ يانغ أسلحتها البالستية وتصعد من أعمالها العدائية تجاه سيول، تحذر بكين من أزمة تلوح في شبه الجزيرة الكورية، وتدعو إلى تسوية سياسية لتخفيف التوترات. وتنبع المخاوف الصينية من أن أي تصعيد يهدد بكسر التوازنات القائمة ويدفع المنطقة إلى شفا صراع مسلح يتيح المجال أمام دخول قوى خارجية على خط المواجهة. وقد تركت الاستفزازات المتكررة من جانب بيونغ يانغ بكين في موقف حرج، خاصة في ضوء التحالف المتزايد بين كوريا الشمالية وروسيا، ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

وقد حاولت بكين البقاء على الحياد في العديد من القضايا الساخنة، لكن يبدو أنه من الصعب جداً القيام بذلك مع بيونغ يانغ، الحليفة الأقرب، نظراً لموقع كوريا الشمالية وأهميتها الجيوسياسية بالنسبة لبكين. هذا وقد جدد استهداف المنشآت النووية الإيرانية من قبل الجيش الأميركي، مخاوف الصين بشأن إمكانية أن تحفز هذه الضربات نظام بيونغ يانغ للمضي قدماً في برنامجه وأنشطته النووية، ما قد يعيد الأنظار إلى الشرق، ويحيي المخاوف من ضربات أميركية محتملة لنظام كيم جونغ أون.


جيانغ لي: الصين لا ترغب في خروج الوضع عن نطاق السيطرة

وفي تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية، أمس الأحد، إن الضربات الأميركية الشهر الماضي على منشآت نووية إيرانية قد تعزز وجهة نظر كوريا الشمالية بأن الأسلحة النووية حيوية لبقائها، ما يعمق عدم ثقة بيونغ يانغ ويعزز التزامها بالأسلحة النووية. ورجحت أن تقوض الهجمات جهود نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، وهو الهدف الذي تتطلع له بكين، وأن زيادة الضغوط الأميركية على كوريا الشمالية من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتشجيع الانتشار النووي.

وقالت وسائل إعلام صينية إن ما حدث من استهداف للمنشآت النووية الإيرانية، قد يؤكد تقييم قادة كوريا الشمالية السابق، وهو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتصرف لأسباب لا تتعلق بالأمن أو بالجوانب الجيوسياسية، لذا، فهو قوة عاطفية، لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، وليست جديرة بالثقة على الإطلاق. ورجّحت أن يدفع هذا الأمر كوريا الشمالية إلى جعل ترسانتها النووية أكثر قدرة على الحركة والتشتت، والاستثمار بكثافة في المرافق العميقة تحت الأرض وزيادة قدرات الإنتاج، وأن النظام في بيونغ يانغ، سوف ينظر إلى الأسلحة النووية باعتبارها الضمانة النهائية للبقاء.

مخاوف الصين

وقال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن بكين تبذل جهوداً منذ عقود لحل القضية النووية الخاصة بكوريا الشمالية، لافتاً إلى أن السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يصب في مصلحة الجميع، خاصة الصين التي لا ترغب في خروج الوضع عن نطاق السيطرة، وبالتالي الدخول في دوامة تعيدنا إلى ما حدث في خمسينيات القرن الماضي، في إشارة إلى الحرب الكورية ودخول قوى التحالف على خط المواجهة.

إصرار كوريا الشمالية على التمسك بـ"النووي"


فيكتور وانغ: عدم التوصل لحلول فعالة قد يدفع باتجاه خيارات عسكرية تشمل نشر الأسلحة النووية التكتيكية في كوريا الجنوبية


وعن المخاوف الصينية بشأن احتمال أن تزداد عزيمة وإصرار كوريا الشمالية على التمسك بخيارها النووي في ضوء التجربة الإيرانية، أوضح جيانغ لي أن هذا وارد جداً وهو في صميم العقل الصيني المتابع والمراقب للتطورات في محيطه. وقال: هناك خشية حقيقية من أن تصلّب موقف بيونغ يانغ، قد يدفع باتجاه ردود فعل متطرفة من الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة، على غرار ما حدث في إيران من استهداف لمنشآتها النووية.

من جهته، رأى الباحث في الشأن الكوري في جامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مخاوف الصين مرتبطة بعدة اعتبارات أمنية، فبالرغم من أن الإدارة الأميركية تؤيد الحوار مع كوريا الشمالية، كما أن ترامب تحدث بإيجابية مؤخراً عن علاقته بكيم جونغ أون، لكن عدم التوصل إلى حلول فعالة قد يدفع باتجاه خيارات عسكرية، ليس شرطاً أن تنتهي بضرب أهداف كورية شمالية، بل قد تشمل توسيع نظام الدفاع الصاروخي "ثاد" المضاد للصواريخ البالستية في كوريا الجنوبية، أو إعادة نشر الأسلحة النووية التكتيكية هناك، أو حثّ سيول وطوكيو على تعزيز دفاعهما الوطني من خلال تبني برامج الأسلحة النووية.

واعتبر أن هذا الأمر يثير مخاوف بكين، لأن خطوات كهذه قد تُعيق جهود تخفيف التوتر، وقد تُلحق أضراراً كبيرة بالمصالح الصينية في المنطقة، فضلاً عن ضرب التوازنات القائمة. ولفت وانغ إلى أن التطورات الأخيرة المتصلة بما حدث في إيران، قد تدفع الصين نحو اتخاذ خطوة جريئة لمواجهة ترامب بخطة مقبولة للتعامل مع السلاح النووي في كوريا الشمالية، لأنه لا يمكن الاستمرار في الامتناع عن ممارسة الضغط على نظام بيونغ يانغ، والتعامل ضمن تكتيكات رمادية، في وقت تقترب فيه ألسنة النار من شبه الجزيرة الكورية، حسب قوله.

وخلال فترة ولايته الأولى، أجرى ترامب سلسلة من المحادثات التاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بشأن هذه القضية. وقد أسفرت القمة الأولى في سنغافورة عام 2018 عن بيان مشترك تضمن التزامات غامضة بشأن نزع السلاح النووي، في حين انتهت فجأة القمة الثانية بعد عام في هانوي بفيتنام من دون التوصل إلى اتفاق. كما التقى ترامب وكيم جونغ أون في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين في 30 يونيو/حزيران 2019.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows