الهجرة عبر المانش... قضية لندن وباريس الشائكة
Arab
1 week ago
share

بلغ عدد الوافدين إلى المملكة المتحدة عبر بحر المانش رقماً قياسياً تخطّى 21 ألف مهاجر، منذ مطلع عام 2025، الأمر الذي يزيد الضغط على رئيس الحكومة العمّالية كير ستارمر قبيل اجتماعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومن المتوقّع أن تفضي القمّة بين الجانبَين، يوم الخميس المقبل، إلى مواقف ضدّ الهجرة.

وفي حين تشهد العلاقات بين فرنسا والمملكة المتحدة تحسّناً ملحوظاً بعد سنوات من التوتّر، إثر خروج الأخيرة من الاتحاد الأوروبي، فإنّ وصول مهاجرين عبر بحر المانش إلى إنكلترا على متن قوارب صغيرة انطلاقاً من سواحل شمال فرنسا ما زال يمثّل قضية شائكة. وتنشر وسائل الاعلام بانتظام صوراً تظهر قوارب مطاطية مكتظّة بالمهاجرين وهي تغادر الشواطئ الفرنسية. وعلى الرغم من المبالغ التي تتلقّاها باريس من لندن لتمويل جزء من تأمين الحدود، فإنّها تُتَّهَم بالتقصير في بذل جهود كافية لذلك.

وستارمر الذي تعهّد تخفيض أعداد المهاجرين عند انتخابه في العام الماضي، يتعرّض لضغوط من أجل معالجة قضية الهجرة من حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج الذي يُعَدّ مناهضاً للهجرة والذي تتزايد شعبيته في استطلاعات الرأي. لكنّ "الأعداد لا تسير في الاتجاه الصحيح"، بحسب بيتر والش من مرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد البريطانية، ففي الأشهر الستّة الأولى من عام 2025 ارتفع عدد المهاجرين بنحو 48% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. يُذكر أنّ رقماً قياسياً كان قد سُجّل في عام 2022، مع وصول 45 ألفاً و774 مهاجراً إلى المملكة المتحدة.

ويدرس البرلمان البريطاني مشروع قانون لمراقبة الحدود يرمي إلى منح سلطات إنفاذ القانون مزيداً من الصلاحيات، ولا سيّما من أجل مكافحة شبكات التهريب. لذلك يحتاج ستارمر إلى فرنسا، ومن المتوقّع أن تكون هذه القضية مدرجة على جدول أعمال القمة الفرنسية البريطانية، الخميس المقبل.

وفي فبراير/ شباط الماضي، مدّدت لندن وباريس العمل بمعاهدة "ساندهيرست"، الإطار القانوني بين البلدَين بشأن قضايا الهجرة، لمدّة عام أي حتى 2027. وتضغط المملكة المتحدة على فرنسا لتعديل "مبدأ" تدخل الشرطة والدرك في البحر لاعتراض قوارب الأجرة حتى مسافة تصل إلى 300 متر من الشاطئ، علماً أنّ هذه القوارب تنقل المهاجرين مباشرة إلى بحر المانش لتجنّب عمليات التفتيش عند الشاطئ. وينصّ القانون البحري على قيام السلطات بعمليات الإنقاذ فقط لدى دخول القارب إلى المياه، وعدم اعتراض المهاجرين للحؤول دون غرقهم.

وتفيد مصادر مطّلعة بأنّ فرنسا والمملكة المتحدة تعملان على مشروع "تجريبي" يقضي بتبادل المهاجرين وفقاً لـ"مبدأ واحد في مقابل واحد"، بالتالي تستقبل الثانية مهاجرين معيّنين من "الفئات الضعيفة" وتعيد في المقابل وافدين عبر قوارب إلى الأولى. وترغب باريس في توسيع نطاق هذه الاتفاقية لتشمل الاتحاد الأوروبي ككلّ، فيُصار إلى تقاسم عمليات الإعادة بين دول عدّة.

وبالنسبة الى العوامل التي تستقطب عدداً كبيراً من المهاجرين إلى المملكة المتحدة، أفاد مسؤولون فرنسيون، بمن فيهم وزير الداخلية السابق ووزير العدل الحالي جيرالد دارمانان، بأنّ فرص العمل غير القانوني تجعل البلاد جذّابة بصورة خاصة. وتنكبّ الحكومة العمّالية في المملكة المتحدة على مكافحة العمالة غير القانونية، مبيّنةً أنّ التوقيفات ارتفعت بنسبة 51% من يوليو/ تموز 2024 حتى نهاية مايو/ أيار 2025، مقارنةً بالعام الذي سبق.

لكنّ الخبير في مرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد يشكّك في كون العمل غير القانوني في المملكة المتحدة أسهل منه في فرنسا، ويقول إنّ "في كلا البلدَين، يتعين إثبات حقّك في العمل". يضيف أنّ "أصحاب العمل عديمي الذمّة الذين لا يلجأون إلى عمليات التدقيق هذه مهدّدون بعقوبات ضخمة، كما هي الحال في فرنسا". ويلفت والش إلى أنّ اللغة ولمّ شمل الأسرة هما العاملان الرئيسيان اللذان يجذبان المهاجرين إلى المملكة المتحدة. كذلك يبيّن أنّ ثمّة تأثيراً لاتفاقية "بريكست"، شارحاً "إذا رفضت إحدى دول الاتحاد الأوروبي طلبك للجوء، يمكنك المحاولة في المملكة المتحدة التي لن تُبلَّغ بهذا الرفض".

وصلت ريشان تسيغاي، وهي إريترية تبلغ 26 عاما، إلى إنكلترا في العام 2015 مختبئة في شاحنة. وحصلت في العام الماضي على الجنسية البريطانية وتعمل ممرضة. وتدعو ستارمر وماكرون إلى منح مزيد من التأشيرات للمهاجرين الفارين من الحرب في بلادهم. وقالت لوكالة فرانس برس "هؤلاء الناس يأتون إلى هنا ليعيشوا في أمان" مضيفة "لا نقول أبدا إن اللاجئين يساهمون في المجتمع، لكن بعضهم يؤدي دورا مهما".

(فرانس برس، العربي الجديد)

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows