ضريبة جديدة على البترول في مصر تنذر بتفاقم الغلاء
Arab
1 week ago
share

في خطوة وُصفت بأنها ستعمّق الأزمة المعيشية وتزيد من أعباء الكثيرين، تصدّرت ضريبة جديدة بنسبة 10% على البترول الخام حزمة الإجراءات الضريبية التي أقرها البرلمان مؤخراً، وسط تحذيرات من خبراء اقتصاديين من أن هذه الضريبة قد تشعل موجة تضخمية واسعة تشمل مختلف القطاعات، وتفاقم من تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

شملت الحزمة التي أقرها البرلمان زيادات في ضريبة القيمة المضافة على سلع وخدمات أساسية، من بينها الوقود ومواد البناء والسجائر. وأكد اقتصاديون أن ضريبة البترول ستؤثر بشكل كبير على تكلفة النقل، ما سينعكس تلقائيًّا على أسعار كل شيء: من الخضراوات والفواكه إلى الحديد والإسمنت والعقارات.

الخبير الاقتصادي أحمد أبو خزيم شدّد على أن ضريبة الـ10% المفروضة على البترول الخام هي الأكثر خطورة في الوقت الراهن، لما لها من آثار مباشرة على أسعار الطاقة عموماً، سواء في قطاع النقل أو الصناعة أو الخدمات. وقال أبو خزيم لـ"العربي الجديد": "هذه الضريبة ستتسبب في زيادات متتالية في أسعار الوقود، ما يؤدي إلى تضخم مضاعف في جميع السلع والخدمات، لا سيما أن مصر تعتمد بشكل كبير على النقل البري في نقل البضائع".

وأكد أن هذه الحزمة من الضرائب جاءت نتيجة "الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه مصر"، موضحاً أن "65% من الموازنة العامة للدولة يتم توجيهها لخدمة فوائد وأقساط الديون الخارجية فقط، فيما لا يتبقى سوى 35% لكافة أوجه الإنفاق الحكومي مثل التعليم والصحة".

وأضاف أبو خزيم: "نحن دخلنا دائرة جهنمية لا نملك معها سوى فرض المزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة. هذه السياسات ستشعل موجة تضخمية ساحقة تطحن الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وستزيد من اتساع العجز المالي، وتقلّص الإنفاق على الخدمات، وترفع من الديون الداخلية، وقد تنتهي إلى انهيار جديد في سعر صرف الجنيه، تمهيدًا لتعويم مرتقب".

واعتبر أن "الاعتماد المتكرر على الضرائب يعكس فشل المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء في خلق أدوات بديلة لزيادة الإيرادات بعيدًا عن جيوب المواطنين"، محذرًا من أن هذه السياسات ستؤدي إلى "إفلاس الطبقة الوسطى، ودفع شريحة كبيرة منها نحو حافة الفقر المدقع".

أما الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، فقد لفت بدوره إلى التداعيات الواسعة لضريبة البترول الخام، مؤكدًا أنها "ستؤثر في أسعار الإنتاج الصناعي والخدمي، وستنعكس مباشرة على تكلفة المعيشة اليومية". وأوضح أن "قطاع البناء والتشييد تحديدًا سيكون من أكثر القطاعات تضررًا بسبب رفع ضريبة القيمة المضافة عليه إلى 14%، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات بنسبة تتجاوز 25%، فضلًا عن عودة حالة الركود إلى القطاع، بعدما بدأ يتعافى جزئيًّا في الفترة الأخيرة".

وأشار أبو الفتوح إلى أن "الزيادات الضريبية تعكس قرارًا سياسيًّا واضحًا بتقليص الدعم الحكومي، خاصة في قطاعات حيوية مثل الكهرباء، التي تراجع دعمها في الموازنة العامة من 154 مليار جنيه (حوالي 7.6 مليارات دولار) إلى 75 مليار جنيه فقط"، محذرًا من أن "النتيجة ستكون موجات متعاقبة من الغلاء تصيب الأسر المصرية والصناعات والخدمات في آنٍ واحد".

ورغم انتقاده للحزمة الضريبية، رأى أبو الفتوح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "الخيارات أمام الحكومة باتت محدودة للغاية، في ظل العجز الصارخ في الموازنة العامة والظروف الجيوسياسية المعقدة، من حرب غزة إلى المواجهة الإيرانية الإسرائيلية". وأضاف أن "هذه التوترات لعبت دورًا كبيرًا في تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 50%، كما تعاني السياحة من حالة ركود، بينما تواجه الصادرات المصرية مشكلات في سلاسل الإمداد العالمية".

وشدد على أن "الحكومة رأت أن فرض ضرائب جديدة هو الحل الأسرع لتقليص عجز الموازنة استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي"، مؤكدًا أن "هذه الضرائب ستُشعل الموجة التضخمية من جديد، خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات في إبريل الماضي، والتي رفعت معدلات التضخم مجددًا في مايو، بحسب تقارير البنك المركزي المصري".

وفي السياق ذاته، رأى الخبير المالي محمد عبد الهادي، أن "أخطر ما في هذه الحزمة الضريبية هو أنها تؤكد فشل الحكومة في تنفيذ سياسات تنموية حقيقية تقوم على الإنتاج والتصدير، بدلًا من الاعتماد المتكرر على الضرائب"، مضيفًا: "ضريبة البترول الخام ستكون لها تداعيات واسعة النطاق على الصناعة والمواطن معًا، ومن شأنها أن تتسبب في رفع أسعار الطاقة والسلع، وتمدّد الغلاء إلى جميع القطاعات".

وقال عبد الهادي إن قطاع المحروقات سيشهد بدوره زيادات سعرية متتالية، ما سيؤدي إلى "موجة تضخمية غير مسبوقة"، مطالبًا بضرورة تبني الحكومة لسياسات بديلة تقوم على التوسع في التصدير، وتحسين جودة الصناعات المحلية، وفتح أسواق خارجية أمامها، بدلًا من الاعتماد المزمن على المواطن ممولًا وحيدًا لعجز الدولة.

وفي ما يتعلق بخيارات الحكومة، قال عبد الهادي إن "الرهان الحقيقي يجب أن يكون على تحفيز الاستثمارات الأجنبية، عبر إزالة الحواجز البيروقراطية والجمركية، وليس الاكتفاء بما يسمى بالرخصة الذهبية، التي لم تُحقق أثرًا يُذكر حتى الآن".

كما دعا إلى "تنشيط قطاع السياحة، وتقديم حوافز قوية للمصريين العاملين بالخارج لضخ مدخراتهم داخل البلاد، وتعزيز مبادرات البنك المركزي لدعم القطاع الصناعي المحلي ليؤدي دوره في تحريك الاقتصاد الوطني". وختم عبد الهادي حديثه للعربي الجديد بتأكيد أن "مصر رغم أزماتها، لا تزال سوقًا واعدة للاستثمار، ويمكنها، إذا توفرت الرؤية والإدارة، أن تخرج من عنق الزجاجة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows