
أبدت قوى سياسية معارضة في الجزائر بمناسبة عيد الاستقلال يوم السبت قلقها بخصوص ضيق المجال السياسي والإكراهات القائمة بشأن النشاط النقابي والمدني والضغوط الممارسة على مساحات التغيير وعلى الرأي ووسائل الإعلام، وأجمعت التقديرات على أن هذا التضييق يحد من قدرة الجزائريين على مناقشة القضايا المتصلة بتدبير الشأن العام، داعية السلطة على إجراء مراجعات بشأنها.
بالنسبة لحزب العمّال اليساري الذي تقوده المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية لثلاث مرات لويزة حنون، فإن القلق بشأن محدودية المجال السياسي باتت واضحة. وقال في بيان عشية عيد الاستقلال إن الجزائر تحتاج "إلى تلطيف المناخ السياسي وإجراءات التهدئة، عبر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ووقف جميع المتابعات القضائية بسبب الإدلاء بالرأي أو النشاط السياسي أو النقابي أو الصحافي، واستعادة الظروف العادية لممارسة الحريات السياسية والنقابية والجمعوية والإعلامية، حتى يتمكن الجزائريون من مناقشة الحلول لمشاكلهم في السكينة".
وأضاف بيان الحزب: "نؤكد ضرورة الانفتاح السياسي والإعلامي فوراً، وإطلاق نقاش وطني دون قيود، ليعبّر الشعب الجزائري عن تطلعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع تكريس الفصل بين السلطات واستقلال الجهاز القضائي الفعلي". بدوره، حذر السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش من استمرار السلطة في "منطق الإقصاء والانغلاق واختزال الشأن العام في السياسات الأمنية أو في بيروقراطية الأجهزة الإدارية، وتهميش أو تحييد قوى المجتمع الحية من أحزاب، ونقابات وجمعيات أو من نخب وكفاءات وشباب ونساء".
وقال في بيان إن "السلطة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتحمّل مسؤولياتها التاريخية كاملة، من خلال تبنّي مقاربات سياسية جديدة، عقلانية وشجاعة، كفيلة بإعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع، وتجديد العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطن"، معتبراً أن "الانغماس في الجمود، وتأجيل الإصلاحات الهيكلية اللازمة، والركون إلى حلول شعبوية أو ارتجالية، أو الاعتقاد بأن منطق التسيير الأمني والريعي كفيل بضمان الاستقرار، كلها خيارات تحمل في طياتها أخطارًا جمة على حاضر الوطن ومستقبله". كما دعا إلى "التقاء القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية حول عقد تاريخي لاستكمال المشروع الوطني".
من جهته، انتقد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في ذكرى استقلال الجزائر ما وصفه بـ"استمرار إنكار التعددية ومصادرة الرأي".وأكد رئيس الحزب عثمان معزوز في بيان نشره بالمناسبة: "حان وقت الصحوة الوطنية. لا يمكن للجزائر أن تتعافى إلا بإطلاق العنان لطاقاتها الحيوية واستعادة الشباب مكانتهم المحورية في إعادة بناء البلاد ديمقراطيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. من المُلحّ فتح مساحات الحرية، وضمان المؤسسات الشرعية". كذلك، نشر رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان بياناً عشية احتفالات عيد الاستقلال، انتقد فيه الأوضاع المتصلة بالحريات السياسية والإعلامية، ودعا فيه السلطة والقوى السياسية إلى التفكير في الانتقال إلى ما وصفها بـ"الجمهورية الثانية".
من ناحيته، أكد وزير الاتصال والدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، في تقدير سياسي نشره السبت، أن الاحتفال بهذا اليوم "يذكرنا بأهمية المطالبة بالحرية والكرامة، اليوم، أُغلقت المجالات الإعلامية والسياسية"، مشيرًا إلى أن الجزائر تعيش وضعا باتت فيه "الأحزاب السياسية، باعتبارها مؤسسات أساسية لموازنة القوى وتعبئة المجتمع، مُهمّشة ومُكمّمة". وحمل رحابي السلطات المسؤولية عن هذا الوضع السياسي وعن تجميد نشاط الأحزاب والجمعيات، لافتًا إلى أنه "من المفارقات أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2024 أدت إلى نهاية الحياة السياسية لمؤسسات مهمة في البنية الدستورية، مثل المحكمة الدستورية والهيئة المسؤولة عن الإشراف على هذه الانتخابات (يقصد أزمة نتائج الانتخابات التي اضطرت المحكمة الدستورية إلى مراجعتها). إننا نلاحظ وضعًا مشابهًا لما شهدناه بالفعل في عهد (الرئيس الراحل عبد العزيز) بوتفليقة: نوع من النفور من السياسة والشعور بعدم جدواها".
في المقابل، نشرت الرئاسة الجزائرية بياناً عشية الاحتفال بعيد الاستقلال، ذكرت فيه أن الرئيس عبد المجيد تبون "دفع الجزائر الى الاستفاقة من سبات مؤسساتي دام سنوات، فبادر منذ البداية إلى وضع الأسس الصحيحة لإعادة التأسيس السياسي عبر حل البرلمان، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، وتعزيز إدماج الشباب في الحياة العامة". وأضاف البيان: "وفي ظرف ست سنوات فقط، أعاد نسج خيوط الثقة بين الدولة ومواطنيها، مانحًا الشعب مكانة مركزية في المنظومة المؤسساتية".

Related News
