معلمو إدلب يطالبون بالإنصاف.. والتربية تعلن صرف الرواتب الصيفية
Arab
1 week ago
share

شهدت محافظة إدلب وقفة احتجاجية، اليوم السبت، نظمها عدد من المعلمين للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية، والتعبير عن رفضهم لأي خطوات من شأنها المساس برواتبهم أو حقوقهم الأساسية، في وقت أعلنت فيه وزارة التربية والتعليم السورية تخصيص اعتمادات مالية لصرف أجور المعلمين في المحافظة خلال فترة العطلة الصيفية.

وجاء قرار الوزارة بعد تنسيق مع وزارة المالية، ووفق ما أكده وزير التربية والتعليم، الدكتور محمد عبد الرحمن تركو، فإن صرف الرواتب يشمل المعلمين العاملين في مديرية تربية إدلب، إضافة إلى كوادر المجالس المحلية والمنظمات، شرط امتلاكهم أرقاماً ذاتية رسمية.


وقال تركو في تصريح رسمي إن هذا القرار "يأتي انطلاقاً من مبدأ المساواة بين الكوادر التعليمية في جميع المحافظات السورية، دون تمييز"، مؤكداً أن الأجور ستُصرف بالليرة السورية، وبقيمة رواتب المعلمين نفسها في المحافظات الأخرى بعد الزيادة الأخيرة التي أقرتها الحكومة. وأشار إلى أن التعليمات التنفيذية المتعلقة بكيفية الصرف  وآليته ستُعلَن قريباً.

بدوره، شدد معاون وزير التربية للشؤون التربوية، يوسف عنان، على أن معلمي الشمال السوري "جزء أساسي وأصيل من المنظومة التربوية الوطنية"، واصفاً الراتب الصيفي بأنه "حق لا يمكن التنازل عنه"، وليس مجرد امتياز. 

وكشف عنان أن الوزارة تنسق حالياً مع وزارة التنمية الإدارية لتنظيم الأوضاع الوظيفية للمعلمين في إدلب، وتعمل على تحضير زيارات ميدانية إلى محافظتي حلب وإدلب بهدف متابعة تنفيذ الإجراءات الجديدة وتسريع عمليات الصرف وضبط ملفات التوظيف. كما دعا عنان الكوادر التعليمية والطلاب وأولياء الأمور إلى اعتماد المنصات الرسمية التابعة للوزارة مصدراً وحيداً للمعلومات، محذراً من الانسياق خلف الشائعات أو الأخبار غير الدقيقة التي تُنشر على وسائل التواصل. 

ورغم إعلان الوزارة، لم تُخفِ الكوادر التعليمية في إدلب شعورها بالقلق، إذ عبر المعلمون المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، التي نُظمت صباح اليوم، عن رفضهم لأي إجراءات قد تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تقليص الرواتب أو المخصصات المالية للمعلمين، ولا سيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة. ورفعت خلال الوقفة لافتات كُتب عليها: "المعلم هو حجر الأساس، لا تهدموا المستقبل" و"لا لخفض الرواتب، نعم للكرامة والعدالة" و"التعليم رسالة لا تجارة".

وخلال الوقفة، عبّر المعلم محمود الحسن عن استيائه من استمرار التهميش الذي يطاول المعلمين في إدلب، رغم كل ما قدموه خلال سنوات الحرب. وأوضح لـ" العربي الجديد"، أن الكوادر التعليمية في المحافظة لم تتخلَّ يوماً عن دورها التربوي، حتى في أصعب الظروف، حيث واصلوا التعليم في خيام مؤقتة، ومدارس مهدمة، وبيئات غير آمنة، من دون أن يتلقوا مقابلاً عادلاً يضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم.

ورأى الحسن أن الحديث عن قرارات قد تؤدي إلى تقليص الرواتب أو تأخيرها يشكل ضربة قاسية للمعلمين الذين تحملوا أعباء تفوق طاقتهم، مشدداً على أن المعلم لم يعد يطالب برفاهية أو امتيازات، بل يطالب بحقوق أساسية تمكنه من الاستمرار في أداء رسالته. وأشار إلى أن المعلمين يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، حيث لا تكفي الرواتب الحالية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، من إيجار منزل إلى مصاريف طعام ودواء. واعتبر أن استمرار هذا الوضع يهدد جودة العملية التعليمية، إذ لا يمكن للمعلم أن يبدع أو يربي أجيالاً في ظل شعور دائم بعدم الأمان والاستقرار.

وأكد أن التعليم لا يمكن النظر إليه بوصفه ملفاً ثانوياً أو مؤجلاً، بل يجب أن يكون في صلب أولويات الدولة والمجتمع، لأنه يشكل حجر الأساس في بناء المستقبل. وختم بمناشدة الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها تجاه المعلمين، والانتقال من الوعود إلى الأفعال، من أجل الحفاظ على ما تبقى من منظومة تربوية متماسكة في الشمال السوري.

من جانبها، شددت المعلمة فاطمة الخلف إحدى المشاركات في الوقفة الاحتجاجية على أن مطالب المعلمين لا تتجاوز الحد الأدنى من العدالة والإنصاف، معتبرة أن استمرار تجاهل أو تأجيل الاستجابة لهذه المطالب يفاقم من شعور المعلمين بالإحباط واليأس. وأوضحت لـ "العربي الجديد"، أن المعلمين في إدلب وسواها من المناطق المنكوبة لم يتوقفوا يوماً عن أداء واجبهم، رغم كل التحديات الأمنية والمادية والاجتماعية، إلا أن ما يواجهونه اليوم من مماطلة وإجراءات غير واضحة يجعلهم يشعرون بأن تضحياتهم تُقابل بالإهمال لا بالتقدير. ورأت أن التعليم في سورية، يمر بحالة حرجة، في ظل غياب سياسات داعمة للمعلم بوصفها ركيزة أساسية في النظام التربوي. وأشارت إلى أن العديد من المعلمين يعانون أوضاعاً معيشية شديدة الصعوبة، ما يترك أثراً سلبياً على استقرارهم النفسي والمهني.

ودعت الخلف إلى وضع حلول عملية وجدية، بعيداً عن التصريحات الإعلامية والوعود المتكررة التي لم تجد طريقها للتنفيذ، مشيرة إلى أن الكوادر التعليمية باتت في حاجة ماسة إلى إجراءات ملموسة تُعيد لها الشعور بالكرامة والأمان، وتؤكد أن هناك من يسمع صوتها ويقدر دورها. وختمت بأن استمرار التجاهل يهدد مستقبل التعليم بأكمله، ويضع المجتمع أمام تحديات خطيرة، إذا ما فقدت الأجيال ثقتها بالمعلم وبالمنظومة التعليمية مجتمعةً.

وفي ختام الوقفة، طالب المعلمون الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها تجاه الكوادر التعليمية، والعمل الجاد على تنفيذ إصلاحات جذرية تشمل رفع الرواتب، وتحسين بيئة العمل، وتثبيت المعلمين المتعاقدين، وضمان حقوقهم التقاعدية والصحية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows