
سجلت ديون الأردن ارتفاعاً مفاجئاً خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، لتبلغ حوالي 35.83 مليار دينار (50.5 مليار دولار) بما يعادل 93% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل حوالي 34.18 مليار دينار في نهاية 2024، الأمر الذي دفع محللين إلى التحذير من تداعيات هذا الارتفاع على مختلف القطاعات الاقتصادية.
ووفق بيانات وزارة المالية الأردنية، سجلت المديونية ارتفاعاً بنسبة 3% في نهاية إبريل/ نيسان مقارنة بنهاية العام الماضي. ووصف خبراء ارتفاع المديونية إلى هذا الحد من الناتج الإجمالي المحلي بالأمر الخطير، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من تحديات متوالية، وخاصة مع الظروف الإقليمية الراهنة وتداعياتها على أداء مختلف القطاعات.
ولا يرى الخبراء تفسيراً واضحاً لارتفاع حجم المديونية بتلك النسبة، وهو ما حاولت الحكومة إيضاحه والدفاع عنه بأنه يرتبط بأولويات تنموية ولغايات تسديد أقساط ديون مستحقة الدفع. وقال الخبير الاقتصادي عبد المنعم الزعبي في عرض تحليلي حول ارتفاع المديونية إنه "بظرف أربعة أشهر، ارتفعت مديونية الحكومة من 90% إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي والغريب في هذا الارتفاع أنه يأتي رغم أن نمو عجز الموازنة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي لم يتجاوز 120 مليون دينار، وهو مبلغ لا يكاد يحمل أثراً على نسبة للناتج المحلي الإجمالي".
وأضاف أن "الملفت أيضاً أن ارتفاع المديونية بثلاث نقاط مئوية جاء خلال الثلث الأول من العام، والذي يمتاز عادة بارتفاع حصيلة الإيرادات (ضرائب الدخل تحديداً) وتدني مستويات العجز". وأضاف أن هذا أمر مستغرب عندما نعلم أن العام الماضي الأصعب مالياً واقتصادياً لم يشهد في مجمله إلا ارتفاعاً طفيفاً بنسبة المديونية من 89% إلى 90% للناتج الإجمالي.
وقال: "ندفع اليوم ثمن إجراءات مالية خلال السنوات الماضية، كان هدفها تأجيل أعباء آنية وتحميلها على الموازنات المستقبلية". ورأى الزعبي أن "الحكومة قررت مواجهة جميع المتأخرات والالتزامات المؤجلة والإجراءات التجميلية مرة واحدة، والعمل على أساس مهني وشفاف، على أساس خطوات واضحة" لكنه أضاف: "المهم أن يكون هذا الارتفاع مؤقتاً أو لمرة واحدة، وليس نتيجة النشاط الاعتيادي والمستمر للحكومة".
وفي السياق، قال وزير المالية عبد الحكيم الشبلي، إن ارتفاع رصيد الدين العام خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، جاء نتيجة تمويل عجز الموازنة، وتمويل خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وسلطة المياه كما أنه جاء بشكل استثنائي نتيجة حصول الحكومة على قروض ميسرة بقيمة مليار دولار من دول صديقة خلال شهري مارس/ آذار وإبريل الماضيين، إضافة إلى إصدار صكوك إسلامية بسعر فائدة تنافسي بلغ 4.8% بهدف تخفيض كلفة الفوائد وتخفيف العبء على المالية العامة، وخلق فرص لتمويل المشاريع الرأسمالية.
وأضاف الشبلي أنه تم إيداع مليار دولار من هذه القروض لدى البنك المركزي الأردني، لكنها ظهرت ضمن رصيد المديونية في نهاية إبريل، كما ورد في النشرة المالية الصادرة عن الوزارة. وقد قامت الحكومة، بناءً على ذلك، بتسديد سندات اليوروبوند بقيمة مليار دولار خلال الأسبوع الأخير، دون اللجوء إلى إصدار سندات يوروبوند جديدة، التي قد تصل أسعار فوائدها في الظروف العالمية الراهنة إلى نحو 9%.
وتوقع أن ينخفض رصيد الدين العام، لافتا إلى أن برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي الذي يُنفذ حالياً بالتعاون مع صندوق النقد الدولي يهدف لتقديم الدعم اللازم للأردن لمواصلة الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي، ووضع الدين العام على مسار تنازلي ليصل إلى نسبة 80% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2028.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع الدين العام بشقية الداخلي والخارجي لا يبدو أنه سيكون طويلاً وإنما مؤقت، مشيرا الى أن هنالك مشروعات استراتيجية تعمل الحكومة على استكمال إجراءات تنفيذها بخاصة مشروع الناقل الوطني للمياه ومشروع أخرى في قطاعات النقل والطاقة والبنى التحتية وغيرها. وأكد أهمية وجود تصورات واضحة لإدارة الدين العام بشفافية وكفاءة عالية بما لا يؤدي إلى ارتفاعات أخرى خلال الفترة المقبلة.

Related News
