بريطانيا: ستارمر عالق بين ضغوط سندات الديون وتمرد نواب العمال
Arab
1 week ago
share

يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر معضلة مزدوجة، محاصراً بين تمرد داخلي من حزبه العمالي وسوق سندات متقلبة تُهدد بزيادة تكاليف الاقتراض في حال اهتزت ثقة المستثمرين. فعلى جانب، تواجه الحكومة تمرداً متزايداً من أعضاء في حزب العمال الرافضين لتخفيضات مقترحة في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، مما عطّل خطة وزيرة المالية رايتشل ريفز لتحقيق الاستقرار المالي. وعلى الجانب الآخر، يراقب مستثمرون عالميون يشتهرون بتعاملاتهم السريعة الوضع من كثب، قلقين من تضخم ديون الحكومة.

وقد انفجرت هذه التوترات بشكل واضح يوم الأربعاء، عندما أثارت ملامح التأثر العاطفي على وجه ريفز في البرلمان تكهنات حول إمكانية استبدالها بشخص أكثر استعدادًا لزيادة الإنفاق. وسرعان ما تراجعت الأسهم والسندات والجنيه الإسترليني، مع قيام المستثمرين ببيع أصول بريطانية. ورغم أن ستارمر سارع إلى تأكيد دعمه الكامل لريفز، مما أوقف موجة البيع مؤقتًا، فإن الحادثة سلطت الضوء على هشاشة الوضع المالي البريطاني، وحجم الضغوط التي تواجهها القيادة العمالية في سعيها للالتزام بالقواعد المالية الصارمة التي تُطمئن الأسواق.

الفجوة المالية 30 مليار جنيه إسترليني

ومع اقتراب موعد الميزانية الخريفية، تواجه ريفز تحديًا يتمثل في سد فجوة مالية قد تتجاوز 30 مليار جنيه إسترليني (41 مليار دولار)، وسط مقاومة متزايدة لأي تخفيضات في الإنفاق، وضغوط للإبقاء على تعهد حزب العمال بعدم رفع الضرائب الكبرى. وفي هذا الصدد، تنقل بلومبيرغ عن النائب العمالي كريس كيرتس، أحد حلفاء ستارمر، قوله إن "الوضع المالي لا يمكن تجاهله، فأسواق السندات لا تؤمن بالقصص الخيالية".

ومع أن الضغوط المالية ليست حكرًا على بريطانيا، إلا أن السوق البريطاني يبدي حساسية خاصة، لا سيما بعد الانهيار الذي شهدته السندات خلال فترة حكومة ليز تراس القصيرة عام 2022، والذي أطاح بها من السلطة في سبعة أسابيع فقط. أحد المقربين من ستارمر عبّر عن الإحباط قائلًا إن حزب العمال يضم الآن "100 ليز تراس" في مجلس العموم، في إشارة إلى النواب الذين يتجاهلون المخاطر المالية ويرفضون خفض الإنفاق في دوائرهم الانتخابية.

ويُلقى على عاتق رايتشل ريفز مهمة الحفاظ على تماسك الحكومة والالتزام بقواعدها المالية، والتي تنص على تغطية النفقات اليومية من عائدات الضرائب فقط. إلا أن سلسلة من التراجعات الحكومية مؤخرًا، من دعم الوقود الشتوي إلى إعانات العجز، شجعت النواب المعارضين على مواصلة الضغط.

الاقتصاد البريطاني يتباطأ مقلقًا ستارمر وحكومته

هذا ويعوّل حزب العمال على نمو اقتصادي قوي لتحسين الخدمات وتقليص العجز، لكن المؤشرات لا تبدو مشجعة. فقد بدأ الاقتصاد في التباطؤ، في ظل تأثير رفع ضريبة الرواتب على التوظيف، إلى جانب حالة عدم اليقين العالمية الناتجة عن الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. كما أن بيع بنك إنكلترا المركزي للسندات التي راكمها خلال الأزمات السابقة، يُعد عامل ضغط إضافي على السوق الذي بات أكثر اعتمادًا على مستثمرين مضاربين، وأقل استقرارًا من ذي قبل.

وفي هذا الشأن، يحذر كبير مسؤولي الاستثمار في "AXA IM"، كريس إيغو، من أن: "محاولة إرضاء الأسواق يتعارض مع الحفاظ على دعم القاعدة التقليدية لحزب العمال".

أما الشرارة التي أشعلت القلق في الأسواق هذا الأسبوع كانت دموع ريفز خلال جلسة مساءلة رئيس الوزراء، بعد يوم من إلغاء تخفيضات مزمع تنفيذها في إعانات العجز. سرعان ما انتشرت شائعات بأن ستارمر قد يضحي بها وينسحب من التزامه الصارم بالقيود المالية. لكن الحكومة نفت وجود أي نية لاستبدال ريفز أو التراجع عن القواعد المالية. وأكدت ريفز أن ما حدث كان لأسباب شخصية، وظهرت بجانب ستارمر يوم الخميس لإطلاق خطة الحكومة الصحية لعشر سنوات، في رسالة واضحة على تماسك القيادة.

ورغم نفي الحكومة، فإن الأزمة القصيرة كشفت هشاشة الوضع المالي البريطاني في نظر الأسواق. وتحذر المديرة التنفيذية لشركة "بلوند ماني" (Blonde Money) للاستشارات الاقتصادية، هيلين توماس، من أن "الاقتراض الإضافي لا يمكن استيعابه دون خطة واضحة لتحقيق النمو، والضرائب لها حدود في قدرتها على توليد إيرادات إضافية". بدوره، يحذر النائب كريس كيرتس، الذي يرأس "مجموعة النمو العمالية"، من التهاون، ويحث زملاءه على دعم ريفز لتفادي كارثة سياسية واقتصادية. ويقول: "بعد عام من فوزنا التاريخي، نحن أمام خيار مصيري. إن تهربنا من القرارات الصعبة، فسوف نُمهّد الطريق لفاراج في 2029 – مع ما يحمله ذلك من أزمات أعمق".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows