
بعد مرور عام على انتخابات مجلس العموم البريطاني التي أفضت إلى فوز حزب العمّال بقيادة كير ستارمر بأغلبية مطلقة، أعلنت النائبة عن الحزب زارا سلطانة استقالتها منه للمشاركة في تأسيس حزب جديد مع النائب المستقل والزعيم السابق لحزب العمّال جيرمي كوربين. تُمثل سلطانة دائرة مدينة كوفنتري الجنوبية، وسط بريطانيا، وشغلت مقعدًا في مجلس العموم بصفة نائبة مستقلة منذ سحب حزب العمّال منها مسؤوليتها بقيادة الحزب العام الماضي، بسبب انتقادها سياسة الحزب في قضايا اجتماعية وسياسية والتصويت ضد اقتراحات قوانين قدّمها الحزب، كما انتقدت بشكل دائم سياسة حزب العمّال تجاه فلسطين وحرب الإبادة الجماعية على غزة.
ونشرت زارا سلطانة بيانا، مساء أمس الخميس، على حسابها بمنصة "أكس" أكدت فيه أنها استقالت من حزب العمّال بعد أربعة عشر عاماً في صفوفه، قائلة: "سأقود أنا وجيرمي كوربين تأسيس حزب جديد، مع نواب مستقلين آخرين وناشطين في جميع أنحاء البلاد". وأضافت "ويستمنستر (حيث تقع مقرات حكومية ومبنى البرلمان) منهكة، لكن الأزمة الحقيقية أعمق"، معتبرة أن "نظام الحزبين لا يُقدم سوى تراجع مُدبّر ووعود كاذبة".
وكتبت زارا سلطانة أيضًا "قبل عام، أوقفني حزب العمال عن العمل لتصويتي على إلغاء حدّ إعانة الطفلين وانتشال 400 ألف طفل من براثن الفقر. سأفعل ذلك مجددًا. صوّتتُ ضدّ إلغاء مدفوعات وقود الشتاء للمتقاعدين. سأفعل ذلك مجددًا. الآن، تريد الحكومة أن يعاني ذوو الإعاقة؛ لا يستطيعون تحديد حجم معاناتهم".
Today, after 14 years, I’m resigning from the Labour Party.
— Zarah Sultana MP (@zarahsultana) July 3, 2025
Jeremy Corbyn and I will co-lead the founding of a new party, with other Independent MPs, campaigners and activists across the country.
Join us. The time is now.
Sign up here to stay updated: https://t.co/MAwVBrHOzH pic.twitter.com/z91p0CkXW0
أمّا في ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، فكتبت: "لقد فشل حزب العمّال فشلاً ذريعاً في تحسين حياة الناس. وفي مختلف أرجاء المؤسسة السياسية، من (زعيم حزب الإصلاح نايجل) فاراج إلى ستارمر، يشوهون سمعة أصحاب الضمائر الحية الذين يحاولون وقف الإبادة الجماعية في غزة، ويصفونهم بالإرهابيين. لكن الحقيقة واضحة: هذه الحكومة مشاركة فاعلة في الإبادة الجماعية، والشعب البريطاني يعارضها".
كوربين يُلمح لإطلاق حزب جديد
في وقت سابق من أمس الخميس، لمّح كوربين إلى إمكانية تأسيس حزب سياسي مع نواب مستقلين يساريين آخرين في محاولة لتقديم "بديل" لحزب العمّال قبل الانتخابات العامة المقبلة. وفي حديثه لبرنامج مع قناة "آي تي في"، أكّد كوربين أن هناك مناقشات جارية بين مجموعة نواب تحالف المستقلين التي شارك في تأسيسها العام الماضي. وعندما سُئل مباشرةً عمّا إذا كانوا يستعدون لتشكيل حزب جديد، لم يستبعد كوربين ذلك قائلًا: "ستتحد هذه المجموعة (من المستقلين)، وسيكون هناك بديل".
تأتي استقالة سلطانة بعد يوم على تصويت مجلس العموم بأغلبية كبيرة على تعديلات على قانون الإرهاب قدمتها وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، لتشمل حركة "بالستاين أكشن" المناصرة للفلسطينيين، فيما صوتت سلطانة ضد القانون إلى جانب 26 نائبًا آخرين، منهم نواب في حزب العمّال. وفي حال تشكيل حزب يساري جديد يخوض الانتخابات القادمة، فمن المرجح أن يؤثر ذلك على شعبية حزب العمّال الذي يعتبر يسار وسط. وانعكس ذلك خلال الانتخابات الأخيرة بفوز خمسة نواب مستقلين تغلبوا على مرشحين من حزب العمّال جميعًا، وكاد عددٌ آخر يفوز بفارق ضئيل أمام نواب مخضرمين.
تضم مجموعة المستقلين الذين خاضوا الانتخابات بمواقف واضحة ضد الإبادة الجماعية على غزة وهاجموا حزب العمّال وحزب المحافظين على سياستهم الداعمة لإسرائيل، كلاً من كوربين النائب عن إسلينغتون نورث، وشوكت آدم النائب عن ليستر الجنوبية، وأيوب خان النائب عن برمنغهام بيري بار، وعدنان حسين النائب عن بلاكبيرن، وإقبال محمد النائب عن ديوزبري وباتلي.
وفي مقال سابق لكوربين في صحيفة "ذا غارديان" العام الماضي بعد فوزه في الانتخابات مستقلًا لأول مرّة، تحدث عن البدء في بناء حركة تتحدى نظام الحزبين القديم، ولكن "ليس قبل بناء سلطة الحركة من الأساس"، مؤكدًا أن هذه الحركة "ستنمو ما دامت قضايا مثل فقر الأطفال والإبادة الجماعية من دون تمثيل في السلطة".
