
حذرت الهيئة الوطنية للمحامين في تونس مما وصفته بـ"الخروقات القانونية والإجرائية في محاكمات الرأي للنشطاء والسياسيين والإعلاميين، مما يهدد علوية القانون ومقومات المحاكمة العادلة إلى جانب تواصل الايقافات التي شملت عدة محامين ومقاضاتهم مرتين على نفس الأفعال". وقالت الهيئة في بيان لها الخميس إن "استفحال التضييقات على حقوق الدفاع، وأمام ما وصل إليه الوضع العام للحريات في تونس وخاصة حرية الرأي والتعبير والتي أصبحت موجبة للتتبعات الجزائية طبقا للمرسوم 54 ووفق قانون الإرهاب، فإن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المجتمع أمس يدين هذه الخروقات الإجرائية والقانونية، والمحاكمات ذات الخلفيات السياسية لمساسها بأبسط ضمانات الدفاع ومنها حرمان المتهمين من الحضور والرد على التهم إلى جانب مقاضاة المتهمين مرتين من أجل نفس التهمة".
ودانت الهيئة "الاعتداءات على حق الدفاع" في عدة قضايا، مبينة أن حرية الدفاع واستقلاليته هي أولى ضمانات المحاكمة العادلة. واستنكرت الهيئة "التضييقات على لسان الدفاع ومنها الحق في الزيارة والاطلاع على الملفات"، مشددة على أن هذه الإجراءات "تشكل انحرافاً خطيراً بالمسار القضائي في ظل غياب شروط القضاء المستقل والنزيه وخرقاً جسيماً لمبادئ دولة القانون". ودعت "السلطة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه الشعب والوطن مع العمل على الإصلاح التشريعي وتركيز (تشكيل) المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء".
وفي تعليق له على البيان، قال المحامي نافع العريبي في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك": "أخيرا تكلمت العمادة، في انتظار المحاماة، لقد جاء البيان بعد طول صمت، ليدين ما ظل كثير من المحامين يواجهونه وحدهم طيلة الأشهر الماضية، من خروقات إجرائية جسيمة، ومحاكمات سياسية، وانتهاك لحق الدفاع، وتضييق على المحامين أثناء الزيارات والمرافعات، بل وحتى محاكمة البعض مرتين من أجل نفس الوقائع، في انتهاك لمبدأ قانوني عمره أكثر من 3000 عام".
وأضاف "هذا الموقف مطلوب، وإن أتى متأخرا، ولكنه لا يعفي الهيئة من مسؤوليتها السابقة، حين أُعلمت رسميا منذ شهر جوان (يونيو/حزيران) بوضعية الزميلة الأستاذة عبير موسي، المحتجزة قسرا دون موجب قانوني منذ 26 ماي (مايو/أيار) 2025، والمؤيدة بقرار أممي عدد 63 لسنة 2024، ومع ذلك لم تحرك ساكنًا حتى بعد تقديم المؤيدات والمطالب القانونية".
وقال العريبي في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "بيان الهيئة الوطنية للمحامين يأتي كرد على ما يعيشه المحامون من ضغوطات"، مؤكدا أنه كان قد توجه برسالة للهيئة خاصة بعدما واجه شخصيا عدة تضييقات وحرمان من القيام بواجبه عندما توجه مؤخرا إلى سجن بُلاريجيا (شمال غرب تونس) لزيارة منوبته رئيسة الحزب الحر الدستوري، عبير موسي، بذريعة التعليمات والاكتفاء بزيارتين فقط. وقال إن ذلك "يعتبر غير قانوني"، مضيفاً أنه "لا يجب الاكتفاء بالتنديد إذ أن المطلوب اليوم ليس البيانات، بل تحرّك فعلي ومبدئي لإيقاف هذه المهازل والخروقات والمطالبة بالإفراج الفوري عن كل المظلومين والمظلومات مهما كانت الأسماء والانتماءات".
وكان المحامي سامي بن غازي، قد عبر في تدوينة له عن استيائه العميق مما آل إليه وضع المحاماة في تونس قائلا: "لم يخطر ببالي يومًا أن أبلغ هذا الحدّ من اليأس القضائي، حدا ينسف في داخلي كل وهمٍ بعدالةٍ ممكنة، فاليوم، أعلنت المحكمة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم ( قضية المحامية سنية الدهماني والتي تحاكم على تصريح تلفزي بخصوص المهاجرين غير الشرعيين) وذلك دون السماح للمحامين بالمرافعة، رغم أنهم لم يطلبوا سوى تأخير الجلسة لتمكينهم من إثبات أن موكلتهم سبق أن حوكمت ظلمًا على نفس التصريحات في ملف سابق، وجدتني في لحظةٍ هي أقرب إلى السخرية السوداء منها إلى الرجاء أطالب المحكمة بأن تعيد الأوراق إلى النيابة، كي تعيد تكييف التهمة بما يتيح إنزال عقوبة الإعدام علّها تريحها وتريحنا جميعًا من هذا العبث الذي لم يترك لنا منفذًا لكرامة، ولا متنفسًا لعقل".

Related News
