
تُعتبر أزمة الكهرباء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان من أبرز المشاكل اليومية التي تواجه سكان المخيم وتعكس معاناتهم، في ظل بنية تحتية متهالكة وانقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي الرسمي، الأمر الذي يدفعهم للاعتماد على المولّدات الكهربائية الخاصة، التي ترهقهم بتكاليفها المرتفعة، وسط ظروف معيشية قاهرة داخل المخيم وواقع اقتصادي متردٍ في البلاد.
تقول أم يامن، صاحبة محل لبيع الخضار في المخيم لـ"العربي الجديد" إنّ "الأزمة مزمنة، فالكهرباء لا نراها إلا ساعتين في اليوم، وربما نراها ساعتين ليلاً، وساعات الليل لا نستفيد منها نحن أصحاب المحال في السوق. لذلك، نعتمد على المولدات الكهربائية التي تُعدّ أسعارها مرتفعة. ليست لدي قدرة مالية على تركيب ألواح طاقة شمسية، وفي الوقت نفسه لا أستطيع البقاء من دون اشتراك بالمولد الكهربائي، لكن لتخفيف أعباء فاتورة الكهرباء أطفئ براداً وأشغّل آخرَ، لأن أصناف الخضار تتلف إذا بقيت خارج البرّاد. بصراحة، نحن بحاجة إلى حل جذري لأزمة الكهرباء، ونطالب المعنيين والمسؤولين اللبنانيين بزيادة عدد ساعات الكهرباء في المخيم".
أما أبو حاتم، الملقّب بـ"العراقي"، وهو أحد سكان المخيم وصاحب محل سكاكر، فيتحدث عن صعوبة الوضع المعيشي في لبنان ويقول لـ"العربي الجديد": "أعمل ساعات طويلة، وبالكاد يكفي ما أجنيه من أرباح لسداد إيجار المنزل واشتراك المولد الكهربائي وتأمين الدواء لابنتي، إذ تبلغ كلفته شهرياً 180 دولاراً أميركياً. كما أن تكاليف المولد الكهربائي باهظة جداً ولا تتناسب مع مدخولنا، لكننا مضطرون إلى أن نشترك بسبب عدم حصولنا على كهرباء الدولة بشكل طبيعي، فهي لا تأتينا إلا ساعتين في النهار وساعتين في الليل، وفي بعض الأيام لا تأتي ليلاً. وكهرباء الدولة تختلف ساعات تغطيتها في مدينة صيدا جنوبي لبنان عمّا هي في المخيم، لذلك تعمل المولدات الكهربائية 24 ساعة في اليوم، ولكم أن تتخيّلوا فاتورة الاشتراك"، ويلفت إلى أن محله يتضمن ثلاثة برّادات صغيرة لا يستطيع الاستغناء عنها، ويتابع: "أدفع نحو 150 دولاراً أميركياً في الشهر قيمة الاشتراك بالمولد الكهربائي، وهذا مرهق جداً، حتى أنني أشبّه انقطاع الكهرباء بالحرب النفسية".
ويشير أبو يحيى الصفوري، من بلدة صفورية بفلسطين، قضاء الناصرة، إلى أن سكان مخيم عين الحلوة يعانون أيضاً من البطالة، ما يؤثر على أوضاعهم الاقتصادية، ويقول: "بعض الفصائل الفلسطينية تعطي رواتب لعناصرها، لكنها لا تكفي لسداد الأشياء البسيطة، مثل فاتورة الإنترنت والاشتراك بالمولد الكهربائي. وفي حال استطاع رب الأسرة العثور على عمل، سيكون الراتب زهيداً جداً، بالكاد يكفي لإطعام عائلته وسد بعض الاحتياجات الأساسية، ناهيك عن إيجار المنزل". ويضيف: "نحن أصحاب المولدات نعاني أيضاً من ارتفاع أسعار الوقود وانقطاع كهرباء الدولة التي لا تأتي إلا ساعتين في اليوم أو أربع ساعات، ولو أنها تأتي بشكل منتظم لما اضطر الأهالي إلى دفع فواتير عالية. وهذا الموضوع يجب أن تعالجه الفصائل الفلسطينية، لأن عدم انتظام الكهرباء مردّه عدم دفع الفواتير، وفق قول بعض المسؤولين، مع العلم أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وغيرها يتولّون دفع هذه الفواتير".
ويتطرق أبو يحيى إلى ما يتطلبه المولّد الكهربائي من وقود وصيانة مكلفة وقطع غيار أسعارها مرتفعة، ويقول: "يعمل لديّ 22 موظفاً، ما يعني أنني مسؤول عن تأمين رواتب 22 عائلة من خلال تحصيل الفواتير الشهرية. بالإضافة إلى ذلك، نعاني في المخيم من إشكالية عدم السماح بإدخال مواد البناء، ما دفع الأهالي إلى الاعتماد على الحديد لبناء الأسقف عوض صنعها من الباطون. وخلال فصل الصيف، لا يمكن البقاء من دون كهرباء من أجل التبريد والتكييف، فالطقس حار جداً والمنازل متلاصقة، ما يعني حكماً ارتفاع فاتورة المولد الكهربائي خلال الصيف على عكس فصل الشتاء. وعلى الرغم من ضيق الأحوال المادية، لا يمكن لأحد أن يفكّر بتوقيف الاشتراك بالمولدات الخاصة، فالكهرباء أولوية وليست ترفاً أو رفاهية، لا سيما في مخيمٍ متهالكٍ وفي بلدٍ يعاني منذ عقودٍ طويلة من أزمة كهرباء خانقة، ولا يمكن الاعتماد فيه على التيار الكهربائي الرسمي.
