
أطلق نائب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي) في المغرب محمد النحيلي، اليوم الخميس، تحذيرات من المخاطر المتزايدة التي تُهدد عمال البناء والعاملين في الضيعات الفلاحية بعدة جهات من المملكة، من جراء موجة الحر الشديدة التي تعرفها البلاد هذه الأيام، معتبراً أنها "فاقمت من ظروف الشغل القاسية، في ظل غياب إجراءات وقائية ملائمة لحماية هذه الفئة الهشة".
واعتبر نائب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن صمت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والابتكار أمام ما يتعرض له عمال الضيعات الفلاحية وورش البناء من أخطار صحية جسيمة بسبب موجة الحر هو "موقف غير مسؤول، ويعد تراجعاً خطيراً عن التزامات الدولة في مجال الحماية الاجتماعية والحقوق الشغلية".
وكانت المديرية العامة للأرصاد الجوية (حكومية) في المغرب قد حذرت، الأسبوع الماضي، المواطنين من موجة حر جديدة، وحثتهم على تفادي التعرض المباشر لأشعة الشمس لساعات طويلة، خصوصاً من فترة الظهيرة إلى الغروب، واعتماد سبل الوقاية اللازمة للحيلولة دون الإصابة بضربات الشمس، لا سيّما اللجوء إلى أماكن الظل بقدر المستطاع وتناول السوائل.
وقالت المنظمة الديمقراطية للشغل، في بيان لها، إن عمال الورش والمشاتل الزراعية يشتغلون في "ظروف مناخية قاسية، حيث تتجاوز درجات الحرارة أحياناً 45 درجة مئوية، مع غياب فترات راحة كافية، وتجاهل تام من طرف بعض أرباب العمل لمعايير الصحة والسلامة المهنية، ما يجعل حياة العمال عرضة للخطر، لا سيما في غياب التغطية الاجتماعية، حيث يقدر أن أكثر من 40% من هؤلاء غير مسجلين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".
وأكدت المنظمة أن "الصحة المهنية ليست ترفاً، بل حق أساسي من حقوق الإنسان، يستوجب وضع خطط استباقية في مواجهة التغيرات المناخية، بهدف حفظ الكرامة الإنسانية والحد من حوادث الشغل المأساوية التي تتكرر كل صيف في حقول الفلاحة وورش البناء".
وفي السياق، قال النحيلي إن استمرار العمل في ظروف مناخية قاسية من دون أي إجراءات وقائية، ومن دون احترام أدنى شروط السلامة والصحة المهنية، هو "انتهاك صارخ لمقتضيات المادة 24 من مدونة الشغل، ولمعايير منظمة العمل الدولية، ويعرّض حياة آلاف العمال للخطر". وأوضح أن أكثر من 40% من العمال في هذه القطاعات لا يتوفرون على أي حماية اجتماعية، ولا هم منخرطون في صندوق الضمان الاجتماعي، ما يجعلهم أكثر عرضة للتهميش الصحي والاجتماعي.
وتابع: "في المنظمة الديمقراطية للشغل، نطالب بتدخل عاجل لرئاسة الحكومة لإلزام أرباب العمل باحترام واجباتهم القانونية، ووضع خطة وطنية عاجلة لحماية العمال والعاملات خلال موجة الحر، تشمل تعديل ساعات العمل، فرض فترات الراحة، وتوفير مياه الشرب والمظلّات، وتعميم التغطية الاجتماعية والتأمين ضد حوادث الشغل". وشدد على أن "الصحة المهنية ليست امتيازاً، بل حق أساسي ومكفول، وأن السكوت عن الأوضاع الحالية هو تواطؤ ضمني مع انتهاك هذا الحق"، مؤكداً: "سنواصل الضغط والترافع من أجل ضمان كرامة العامل وسلامته الجسدية والنفسية، مهما كلف الثمن".
يُذكر أنّ المغرب كان قد شهد، في 25 يوليو/ تموز 2024، مأساة بعد وفاة 21 شخصاً، معظمهم مسنّون أو يعانون أمراضاً مزمنة، في منطقة بني ملال (وسط) بسبب موجة الحر التي سجلتها البلاد حينها، ما يدق ناقوس الخطر، لا سيّما بشأن الفئات "الهشّة" مثل الأطفال والمسنّين.
وأخيراً، سارعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب إلى اتّخاذ سلسلة من الإجراءات الاستباقية لمواجهة التأثيرات الصحية المتزايدة الناجمة عن موجات الحرّ في موسم صيف 2025. وتركّز هذه الإجراءات على توفير مكيّفات هواء في المستشفيات، بالإضافة إلى متابعة تزويد المرافق الصحية بالأمصال المضادة لسمّ العقارب، خصوصاً في المناطق المعرّضة لخطر انتشارها.
ولمواجهة موجة الحرّ المرتقبة، أوصت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية باعتماد نظام دوام طبي على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع في المؤسسات الصحية، وتوفير فرق دعم إضافية، مع تعزيز الأطقم الطبية والتمريضية، خصوصاً في أقسام الطوارئ والإنعاش والعناية المركّزة في المستشفيات المرجعية. وشدّدت الوزارة على ضرورة جهوزية خدمات المساعدة الطبية الاستعجالية، وتعزيز نظام استقبال المكالمات المستعجلة ومعالجتها، بالإضافة إلى توفير الأدوية واللوازم الطبية الضرورية، وتوعية الكوادر الصحية بأهمية التكفل المناسب بالفئات الهشّة مثل الأطفال والمسنّين والنساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، إلى جانب الفئات الأكثر عرضة للخطر، مع توفير مساحات مكيّفة داخل المستشفيات المرجعية.

Related News

