
رحل صباح اليوم الخميس الباحث والمترجم الليبي نجيب الحصادي بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 72 عاماً. وأعلنت أسرته نبأ وفاته عبر بيان مقتضب، مما أثار ردات فعل في الأوساط الثقافية والأكاديمية، داخل ليبيا وخارجها، معبرة عن حزن لرحيل شخصية قدّمت إسهامات بارزة في مجالات الفلسفة، وفلسفة العلم، والترجمة، والتفكير النقدي.
نجيب الحصادي وُلد في مدينة درنة شرق ليبيا عام 1952، وترك إرثاً علمياً وثقافياً، جمع فيه بين التأليف الأكاديمي والترجمة المتخصصة والتعليم الجامعي المؤثر. حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ويسكونسن-ماديسون عام 1983، وركّز في أطروحته على نقد تصور توماس كون للعقلانية العلمية، وهو مجال استمر في تطويره طوال حياته.
عمل في جامعات داخل ليبيا وخارجها، أبرزها جامعة بنغازي وجامعة الإمارات في العين، حيث تولّى عدة مناصب علمية، منها رئاسة قسم الفلسفة، ودرّس التفكير النقدي باللغة الإنكليزية. وكان الراحل قد ألمح إلى وضعه الصحي في تدوينة نشرها قبل أشهر على صفحته في فيسبوك، كشف فيها عن إصابته بسرطان الرئة، ما اعتبره البعض بمثابة وداع صامت ومبكر لرجل كرّس حياته للبحث والتفكير والتعليم.
أثرى الحصادي المكتبة العربية بعدد كبير من المؤلفات، من أبرزها "أوهام الخلط" (1989)، "أسس المنطق الرمزي المعاصر" (1993)، "الريبة في قدسية العلم" (1998)، "حساسات التفكير الناقد" (2020)، و"يمشي على مهل ويسبقنا"، إضافة إلى سيرته الذاتية "أرسان الروح".
كما ترجم أعمالاً فلسفية بارزة، بينها "دليل أكسفورد الفلسفي"، و"كون ضد بوبر"، و"التنوير متنازعًاً عليه"، و"دفاع عن العلم". وقد اتّسمت ترجماته بدقة المصطلح وعمق الفهم، ما جعلها مراجع يعتمد عليها طلبة الفلسفة والباحثون العرب.
بعيداً عن الأكاديميا، نشط الحصادي في مؤسسات محلية وعربية، منها المركز الوطني للترجمة الذي ترأسه منذ 2013، والجمعية الفلسفية الليبية، إضافة إلى عضويته في مجمع اللغة العربية الليبي، ومنتدى الفكر العربي، ومشاركته في إعداد استراتيجيات وطنية كـ"رؤية ليبيا 2025" و"2040".

Related News

