
كشف تقرير لموقع "ذا غارديان" البريطاني، نُشر اليوم الأربعاء، استنادًا إلى صور التُقطت من موقع الحدث وآراء خبراء ذخائر وقانون دولي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم قنبلة أميركية الصنع من طراز MK-82، زِنتها 500 رطل (230 كغم)، خلال قصف استهدف مقهى "البقعة" المزدحم على شاطئ غزة يوم الاثنين الماضي.
ووفقًا للصحيفة، فإن هذه القنبلة تُعد من الذخائر العامة الاستخدام شديدة القوة والتدمير، إذ تُطلق موجة تفجير هائلة وتنثر الشظايا على نطاق واسع، وتُستخدم عادة في حملات القصف الجوي الواسعة. وقد تعرف خبراء ذخائر على أجزاء من القنبلة بين أنقاض المقهى، كما أكدت الحفرة الكبيرة في الموقع صحة هذه المعلومات. وأشار التقرير إلى أن عددًا من خبراء القانون الدولي أكدوا أن استخدام مثل هذا النوع من الذخائر، مع العلم بوجود مدنيين غير محميين، بينهم أطفال ونساء ومسنّون، قد يكون "غير قانوني على الأرجح" ويرقى إلى "جريمة حرب" بموجب اتفاقيات جنيف، التي تحظر شنّ هجمات تتسبب بـ"خسائر مدنية عرضية مفرطة أو غير متناسبة" مقارنة بالمكاسب العسكرية.
ورغم أن متحدثًا باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قال إن الهجوم لا يزال قيد المراجعة، وإن "خطوات تم اتخاذها لتقليل المخاطر على المدنيين من خلال المراقبة الجوية"، إلا أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" شددت على أن الجيش كان يعلم أن المقهى مكتظ بالمدنيين وقت القصف، وأن استخدام قنبلة بهذا الحجم يُعد "عملاً غير متناسب أو عشوائيًا ويستوجب التحقيق كجريمة حرب".
كما حذّر الخبير في القانون الدولي، أندرو فورد، من أن استخدام ذخائر ثقيلة في أماكن مكتظة "ينتج حتمًا نتائج عشوائية تتعارض مع اتفاقيات جنيف". وأشار التقرير إلى أن المقهى، الذي تأسس قبل نحو 40 عامًا، كان وجهة ترفيهية معروفة لسكان غزة، ويقع في منطقة لم تشملها أوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال قبل عملياته العسكرية. كما لم يُحدَّد الهدف العسكري المرجو من القصف، وهو ما يثير تساؤلات إضافية.
من جهته، قال البروفيسور مارك شاك، أستاذ القانون الدولي في جامعة كوبنهاغن، إنه "من شبه المستحيل تبرير استخدام هذا النوع من الذخائر الثقيلة ما لم يكن الهدف ذا أهمية استراتيجية قصوى"، مشيرًا إلى أن جيوش التحالف في أفغانستان والعراق كانت تضع حدًا أقصى لقبول سقوط أقل من 30 مدنيًا عند استهداف هدف رفيع المستوى، وحتى ذلك في ظروف استثنائية فقط.
وفي حين أظهر تحليل الصور وجود ذيل قنبلة JDAM وبطارية حرارية، رجّح خبراء عسكريون أن تكون القنبلة من نوع MPR500 أو MK-82، مؤكدين أن إسرائيل تمتلك ذخائر أصغر حجماً وأكثر دقة، ما يعزز فرضية أن القصف كان غير مبرر بهذا المستوى من التدمير. وقال جيش الاحتلال سابقًا إن اختيار الذخائر "مسألة مهنية تعتمد على طبيعة الهدف"، وإن "بعض الأهداف تتطلب ذخائر أثقل، خاصة إذا كانت تقع تحت الأرض أو مبنية بمواد صلبة".
ورغم تصريحات المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية بأن الجيش "لا يستهدف المدنيين أبدًا"، إلا أن التقرير أشار إلى أن اتهام جيش الاحتلال باستخدام المدنيين كدروع بشرية هو ذريعة متكررة لتبرير القصف، وهو ما تنفيه حركة المقاومة الفلسطينية "حماس". ويضاف هذا القصف إلى سجل الهجمات الإسرائيلية التي تثير شبهات بانتهاك القانون الدولي الإنساني في قطاع غزة، وسط تصاعد الضغوط المطالِبة بفتح تحقيقات دولية مستقلة في هذه الجرائم المحتملة.

Related News

