معرة النعمان تواجه تحديات الإعمار في سورية: الأمل والركام
Arab
1 week ago
share

وسط مشهد الدمار الذي يثقل كاهل مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، شمال غرب سورية، أطلقت مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مشروعاً واسعاً لإزالة الأنقاض في المدينة، في محاولة لإحياء ما تبقى من أحيائها وإعادة الحياة إلى شوارعها التي غمرها الركام. المشروع الذي يأتي بالتنسيق مع إدارة المنطقة ومحافظة إدلب، يستهدف إزالة كميات ضخمة من الأنقاض تعيق عودة الأهالي إلى منازلهم.
وبحسب تقديرات الدفاع المدني السوري، فإن نحو 70 ألف متر مكعب من الأنقاض تنتشر في المدينة، منها 20 ألف متر مكعب متراكمة بين الأحياء السكنية، و10 آلاف متر مكعب من أنقاض الأبنية العامة المدمرة مثل مرأب البلدية ومدرسة الخنساء ومبنى أمن الدولة السابق، فيما تشكل أنقاض المباني الخاصة الحصة الأكبر من الركام بما يقارب 40 ألف متر مكعب، وهي تتطلب موافقات قانونية من أصحاب العقارات قبل البدء بإزالتها.

جهود متواصلة لإعمار معرة النعمان

يوضح علي محمد، مدير برنامج تعزيز المرونة المجتمعية في مؤسسة الدفاع المدني السوري، لـ"العربي الجديد" أن الحملة الحالية تأتي امتداداً لحملة استجابة أولية نفذتها المؤسسة نهاية عام 2024، ركزت على فتح الطرقات المغلقة لتسهيل الوصول الإنساني وإزالة الأجزاء الآيلة للسقوط. مشيراً إلى أن الخوذ البيضاء قدمت أكثر من 100 خدمة مجتمعية في معرة النعمان خلال الربع الأول من عام 2025، تضمنت ترحيل أكثر من 7 آلاف متر مكعب من الأنقاض.


وأضاف محمد أن الدفاع المدني صمم خلال الربع الأول من هذا العام مشروعاً متكاملاً لإزالة الأنقاض في المدينة، حصل على تمويل من "صندوق مساعدات سوريا"، وانطلقت الأعمال في 29 إبريل/نيسان 2025، حيث تم حتى نهاية يونيو/حزيران ترحيل أكثر من 8 آلاف متر مكعب من الأنقاض. وتوقع أن يتم ترحيل أكثر من 40 ألف متر مكعب إضافية خلال الفترة المقبلة، مع الإشارة إلى أن حجم الأنقاض في تزايد بسبب عودة الأهالي إلى المدينة وبدئهم بتنظيف منازلهم. مؤكدا أن الدفاع المدني يخطط للاستفادة من نحو 10 آلاف متر مكعب من الأنقاض القابلة لإعادة التدوير لاستخدامها في تأهيل 7500 متر طولي من الطرق الزراعية في محيط المدينة، ضمن خطوات تستمر حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.

ويصف محمد التحديات التي تواجه المشروع بالكبيرة، أبرزها الحاجة إلى التحقق من خلو المناطق المستهدفة من مخلفات الحرب لضمان سلامة الفرق الميدانية والمدنيين. مشيراً إلى معوقات أخرى تتعلق بنقص التمويل وعدم توفر دعم طويل الأمد لاستئجار آليات ثقيلة من الخارج، ما يفرض الاعتماد بشكل رئيسي على المعدات المتوفرة لدى الدفاع المدني السوري.

من جانبه، قال بلال مخزوم، مسؤول العلاقات العامة في إدارة منطقة معرة النعمان، لـ"العربي الجديد"، إن التقديرات الأولية لكمية الركام في المدينة كانت نحو 75 ألف متر مكعب قبل عودة الأهالي وبدء تنظيف منازلهم. موضحاً أن نحو 40 ألف متر مكعب من الأنقاض تمت إزالتها حتى الآن، مع استمرار تجدد كميات الركام ولكن بوتيرة أخف. 
وأشار مخزوم إلى أن الحملة الحالية، وهي الثانية من نوعها في المدينة، تستهدف إزالة نحو 18 ألف متر مكعب من الركام، ويشرف عليها الدفاع المدني السوري بالتعاون مع الصندوق الخدمي في معرة النعمان، ضمن لجنة متابعة تضم ممثلين عن البلدية والمؤسسات العاملة في المدينة. 
وشدد مخزوم على أهمية تنفيذ مشاريع ترميم للبنى التحتية والمدارس قبل بدء العام الدراسي المقبل، إلى جانب ضرورة دعم إزالة الأنقاض وترميم المباني الحكومية لتفعيلها في خدمة السكان. كما لفت إلى أن مشاريع الصرف الصحي والمياه حظيت باعتماد من قبل عدد من المنظمات الإنسانية. 

وأشار مخزوم إلى أن من أبرز العوائق التي تواجه عملية التعافي هو الضغط الكبير الناتج من العودة السريعة للأهالي إلى المدينة التي تفتقر حالياً إلى الخدمات الأساسية. وأوضح أن 5200 عائلة عادت حتى الآن إلى معرة النعمان، التي تعاني من دمار جزئي بنسبة 60%، فيما تضررت 20% من منازلها بشكل كامل، و20% بدون أسقف. وشدد على أهمية تسليط الضوء على معاناة مدينة معرة النعمان، التي تُعد من أكبر مدن محافظة إدلب، مشيراً إلى أن معظم سكانها فقراء وتم تهجيرهم قسراً في ظل سيطرة النظام المخلوع، ولم يتمكنوا حتى من إخراج أثاث منازلهم حينها.

من جهته، قال أسعد العمر، وهو أحد سكان معرة النعمان، لـ"العربي الجديد"، إن المدينة بحاجة إلى جهود مشتركة من المنظمات الدولية والجهات المحلية لإعادة الحياة إلى طبيعتها. وأكد العمر أن معرة النعمان كانت مركزاً اقتصادياً حيوياً لأبناء المدينة وريفها، وعُرفت بقطاعها الصناعي المتمثل بورشات الخياطة والمأكولات المحلية التي اشتهرت بها مطاعم المدينة. وطالب العمر بدعم الأفران والمشافي والمراكز التعليمية والخدمية لتسريع عودة السكان إلى مدينتهم، مشدداً على أهمية معرة النعمان كونها تقع على الطريق الدولي حلب - دمشق (M5) الذي يشكل شرياناً اقتصادياً رئيسياً للمنطقة. وأكد أن إزالة الركام يجب أن تكون أولوية لتسهيل عودة الحركة في المدينة، داعياً إلى الإسراع في ترميم المنازل، خصوصاً أن غالبية السكان يعتمدون على الأعمال الحرفية والمهن اليومية مصدر دخل رئيسيا.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows