ظهور 47 مختفياً قسرياً.. وآلاف في انتظار الفرج في مصر
Arab
6 hours ago
share

في لمحة نادرة تبعث على الأمل، ظهر مؤخراً 47 شخصاً ظلوا مختفين قسرياً في مصر، منذ خمس سنوات، منهم سيدات، وتم التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة العليا. هذه الحالات، التي تشمل أسماء مثل دينا محمد أحمد محمود الشربيني وسميرة سعيد عبد المقصود مرسي، بالإضافة إلى إبراهيم علي إبراهيم أبو سليم وأحمد وجيه حلمي علي الشاذلي وغيرهم، تذكرنا بأن كل ظهور جديد هو انتصار صغير في معركة حقوق الإنسان الطويلة، ويمنح بصيصاً من الأمل لذوي آلاف المختفين الآخرين.

تُعد ظاهرة الاختفاء القسري في مصر قضية حقوقية مؤرقة، تتفاقم منذ عام 2013، وتصفها المنظمات الحقوقية بأنها سياسة ممنهجة. رغم غياب الأرقام الرسمية وإنكار السلطات المصرية لوجودها، توثق التقارير الدولية والمحلية آلاف الحالات. تُشير التقديرات الحقوقية إلى أن الآلاف قد اختفوا قسرياً في مصر على مدار السنوات الماضية.

حملة "أوقفوا الاختفاء القسري"، إحدى أبرز المنصات التي ترصد هذه الظاهرة، وثقت إجمالي 1520 حالة اختفاء قسري بين 30 يونيو/ حزيران 2013 وأغسطس/ آب 2018. وفي عام 2019، سجّلت الحملة 336 ضحية جديدة. ووفقاً لبيانات الحملة حتى أغسطس/ آب 2024، وصل إجمالي الحالات الموثقة إلى 4677 حالة اختفاء قسري. الجدير بالذكر أن 2411 ضحية من أصل 3611 حالة وثقتها الحملة بين عامي 2015 و2022 تعرضوا لما يُعرف بـ "الاختفاء القسري قصير الأمد" لفترات تقل عن ستة أشهر.

من جانبها، كشفت المفوضية المصرية لحقوق الإنسان في عام 2020، أن 2723 شخصاً تعرضوا للاختفاء على مدى خمس سنوات داخل مقار الأمن الوطني ومرافق الاحتجاز الأخرى. كما أعدت المفوضية قائمة مفصلة تضم 175 مختفيا.

المنظمات الدولية أيضاً تدق ناقوس الخطر. فقد وثقت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) أكثر من 4200 حالة اختفاء قسري في مصر منذ عام 2015، منها 821 حالة بين أغسطس/ آب 2022 وأغسطس/ آب 2023 وحده. وتؤكد منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن، بما في ذلك جهاز الأمن الوطني، أخضعت عشرات الأفراد المحتجزين سياسياً للاختفاء القسري لفترات متفاوتة.

وتُظهر البيانات أن ظاهرة الاختفاء القسري لا تستثني أحداً. فقد وثقت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في تقرير "شتاء المختفيات في مصر" عام 2018 تعرض 12 سيدة للاختفاء القسري في قضية "اللهم ثورة". بشكل عام، تُشير قوائم المختفين إلى ارتفاع نسبة طلاب الجامعات بينهم، لتصل إلى حوالي 35%. أما عن التوزيع الجغرافي، فتُعد محافظات القاهرة، الجيزة، وسيناء الأكثر تضرراً، بنسبة 34%، 18%، و8% على التوالي من إجمالي الحالات الموثقة.

تُواجه المنظمات الحقوقية تحديات جمة في رصد وتوثيق حالات الاختفاء القسري، يأتي في مقدمتها الإنكار المستمر من قبل السلطات المصرية. فوزارة الداخلية المصرية تُصر على عدم وجود حالات اختفاء قسري، وتُفيد بأن جميع المحتجزين يخضعون للإجراءات القانونية، أو أن بعض من يُزعم اختفاؤهم قد غادروا البلاد أو مطلوبون أمنياً. هذا الإنكار، إلى جانب التضييق الأمني الشديد على منظمات المجتمع المدني، يجعل مهمة توثيق الحالات ونشرها بالغ الصعوبة. كما يُفضل العديد ممن عادوا بعد الاختفاء القسري إخفاء هويتهم خوفا من الملاحقة أو الأذى لأسرهم.

يُشكل الاختفاء القسري جزءاً من نمط أوسع من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والمحاكمات الجائرة. فبين إبريل/نيسان 2022 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تم احتجاز 6736 شخصا في قضايا أمن الدولة، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد المفرج عنهم في نفس الفترة (2302 فرد). ورغم إطلاق الحكومة المصرية لـ "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" وإطلاق "الحوار الوطني"، تستمر التقارير الحقوقية في تسليط الضوء على استمرار هذه الانتهاكات. وبينما تُضيء أخبار ظهور 47 مختفياً قسرياً بصيصاً من الأمل، تظل الحاجة ملحة للضغط الدولي والمحلي لوضع حد لظاهرة الاختفاء القسري في مصر، وضمان المساءلة عن هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows