اختبار صمود إسرائيل في مواجهة صواريخ إيران
Arab
7 hours ago
share

انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوما من المواجهات، وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل حققت أهدافها، وأصدرت الحكومة الإسرائيلية بيانا ادعت فيه أنها أزالت تهديداً وجودياً مباشراً مزدوجاً عن نفسها؛ سواء في المجال النووي أو في مجال الصواريخ الباليستية، وقللت من دور الولايات المتحدة في الحرب، رغم أن الأخيرة هي التي قصفت المواقع الإيرانية النووية في فوردو ونطنز وأصفهان بالقذائف الثقيلة بعد إلحاح من نتنياهو. وتعمدت الحكومة إخفاء الخسائر وإظهار الصمود في مواجهة القصف الصاروخي الإيراني وتأييد المجتمع الإسرائيلي لها منذ بدأت هجومها على إيران في يوم الجمعة 13 يونيو الجاري.

واعتبر نتنياهو، ومن خلفه غالبية الإسرائيليين، الخطر النووي الإيراني وجوديا بالنسبة لإسرائيل، والهجوم العسكري على إيران ضرورة للأمن القومي الإسرائيلي تستوجب توحد الحكومة والمعارضة والمجتمع خلفها. وفي الأسبوع الذي أعقب الضربات الإسرائيلية على إيران، ارتفعت الأسهم الإسرائيلية وحققت مكاسب بنحو 6%، ثم حققت مكاسب إضافية بنسبة 1.8% بعد الهجمات الأميركية المباغتة على المواقع النووية الإيرانية الثلاثة.

الاصطفاف خلف نتنياهو

منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على إيران، عبر غالبية الإسرائيليين عن الصمود والثقة في قيادة نتنياهو. وأظهر استطلاع أن 92% من جمهور إسرائيل يعتقد أن مستوى صموده وثباته مرتفع جدًا أو مرتفع نسبيًا. ونقلت رويترز عن أحد المستوطنين وهو يقف أمام مبنى مدمر جزئيا بعد إصابته بصاروخ إيراني خلال الليل في حي بتاح تكفا شرق تل أبيب وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص قوله، "نحن نثق في الله وبيبي نتنياهو". وطالب باستمرار العدوان على إيران حتى النهاية بلا خيار آخر. وعندما سُئل الإسرائيليون عن المدى الذي ينبغي لهم أن يأخذوا فيه معاناة الشعب الإيراني وضحاياه بسبب العدوان في الاعتبار، رفض ما يقرب من ثلاثة أرباع الإسرائيليين اليهود، 73%، أخذ أي اعتبار لهم على الإطلاق. وهو ما يعبر عن نفسية المجتمع الإسرائيلي المرتبط بالجيش والعدوان وتحقيق الأمن بالعدوان على الآخرين.

ورغم أن قادة المعارضة وغالبية الجمهور الإسرائيلي يتهمون نتنياهو بأنه مسؤول الأول عن انقسام المجتمع الإسرائيلي، وعن الفشل في منع هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل والتي أودت بحياة 1200 شخص وأشعلت حربًا وحشية في غزة لا تزال مستمرة، وعن إطالة أمد العدوان لتفادي إدانته في ملفات فساد والإخفاقات الأمنية التي أوصلت إلى السابع من أكتوبر، لكنهم رصوا صفوفهم خلف حكومته المتطرفة منذ أن شن سلاح الجو الإسرائيلي هجومه الشامل على إيران.

ولخص زعيم المعارضة الإسرائيلي يئير لبيد الموقف من الأحداث بقوله، "عندما يتعلق الأمر بأمن شعب إسرائيل في مواجهة أعدائنا، فنحن شعب واحد وفي مهمة واحدة، فلن يعيش أطفالنا في خوف من قنبلة نووية إيرانية، لا اليوم، ولا في الغد". وأظهر استطلاع رأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي ونشر في اليوم الرابع من هجوم إسرائيل على إيران أن 83% من السكان الإسرائيليين اليهود يؤيدون نتنياهو في الهجوم العسكري على إيران، بينما عارض العملية 16% فقط، معظمهم من غير اليهود. وعلى مستوى الاقتصاد، احتفت الصحف المؤيدة لنتنياهو في اليوم الرابع من المواجهات، بارتفاع عملة الشيكل بأكثر من 3% مقابل الدولار وهو أكبر ارتفاع يومي له من حيث النسبة المئوية منذ عام 2008 على الأقل، بينما ارتفعت بورصة تل أبيب بنسبة 2%.

الاقتصاد الإسرائيلي ينزف

في اليوم الخامس من العدوان، أصيب الإسرائيليون بالصدمة من الصواريخ الباليستية التي سببت خسائر غير مسبوقة، وكثير منها غير معلن، في داخل إسرائيل، وقتلت 25 شخصا وأصابت أكثر من 2570 آخرين، وخلفت دمارا واسع النطاق، أثار استياء الجمهور. وتعرضت مئات المباني السكنية والمؤسسات في وسط وشمال وجنوب إسرائيل للدمار جراء موجات الصواريخ الإيرانية. وفاق عمق التدمير وشدّته ما ألحقه مقاتلو حماس وحزب الله بإسرائيل خلال عقود من المواجهات. وأظهر استطلاع رأي معهد الديمقراطية ذاته أن حوالي 70% من السكان يشعرون بالقلق على سلامتهم الجسدية وسلامة عائلاتهم في المستقبل، رغم التأييد الجارف للعدوان والثقة في نتنياهو.

ورغم نشوة الانتصار والتأييد الواسع للحرب على إيران داخل دولة الاحتلال، فإن وقع الصواريخ الإيرانية على المجتمع والاقتصاد كان ثقيلا. فقد كشف نائب مدير الاقتصاد في الهستدروت، آدم بلومبيرغ، في مقابلة إذاعية نشرتها صحيفة معاريف عن أن تكلفة إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب تبلغ 1.5 مليار شيكل، تعادل 454 مليون دولار، يوميا، وأن قيادة الجبهة الداخلية أصدرت قرارا في بداية الحرب بإغلاق فوري ومحكم للاقتصاد الإسرائيلي بأكمله، باستثناء المصانع الأساسية، وهو ما لم يحدث حتى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقال إنهم غارقون في الحرب. وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، قامت وزارة المالية بوضع خطة لإجلاء 11 آلاف شخص من منازلهم بسبب تدميرها إلى الفنادق أو الحصول على تعويض قدره 4 آلاف شيكل للفرد، وتعويض مئات الآلاف من العمال المتغيبين عن العمل بسبب صواريخ إيران بمليارات الدولارات من خزينة الدولة.

وأعلن صندوق التعويضات الإسرائيلي عن تلقيه أكثر من 43 ألف مطالبة بالتعويض منذ اندلاع الحرب مع إيران. ووفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام نُشر في إبريل الماضي، تنفق إسرائيل 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي منذ السابع من أكتوبر في العتاد العسكري، وهو ثاني أعلى معدل في العالم بعد أوكرانيا.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، العميد احتياط ريم أميناخ، أن خسائر اليومين الأولين من القتال ضد إيران بلغت حوالي 1.54 مليار دولار، موزعة بين العمليات الهجومية والدفاعية. منها حوالي 593 مليون دولار، للطيران والذخائر، والمبلغ المتبقي، 947 مليون دولار، يخص تكلفة الصواريخ الاعتراضية وتعبئة الاحتياط، بالإضافة إلى نفقات عسكرية مباشرة مقدارها 733 مليون دولار يوميا.

ولا يشمل هذا التقدير الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية والتداعيات الاقتصادية الأوسع، أو التكاليف غير المباشرة، بما في ذلك تأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي، والتي يتكتم عليها الجيش، وبالتالي لا يمكن قياسها في هذه المرحلة. وفي هجوم أبريل سنة 2024، كشفت أميناخ للصحيف نفسها، أن القبة الحديدية كلفت إسرائيل 1.5 مليار دولار في ليلة واحدة لاعتراض صواريخ إيران الباليستية والطائرات المسيرة. ولا يشمل هذا التقدير تكاليف نشر عشرات أو مئات الطائرات المقاتلة لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار أثناء وجودها في المجال الجوي.

تكلفة الهجوم على إيران

تقول صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن لديهم في إسرائيل قاعدة عسكرية تقول إن تكلفة الدفاع الصاروخي دائما عندهم أكبر من تكلفة الهجوم، وإن تكلفة الصاروخ الاعتراضي أعلى دائماً من تكلفة الصاروخ المعادي. وفي المواجهات بين البلدين في أكتوبر الماضي، قدرت الصحيفة تكلفة الصاروخ الإيراني الباليستي بنحو مليون دولار، وتكلفة الصاروخ التابع لمنظومة السهم والذي يعترض هدفه في الغلاف الجوي بـ3 ملايين دولار للصاروخ الواحد.

ونقلت وول ستريت جورنال عن خبراء عسكريين أن اعتراض صاروخ إيراني واحد من خلال منظومة مقلاع داود يكلف 4 ملايين دولار للقذيفة الواحدة. كما أن العمليات الهجومية الإسرائيلية مكلفة أيضًا. حيث تبلغ تكلفة تشغيل طائرات إف 35 حوالي 10 آلاف دولار للساعة الواحدة، غير القذائف الموجهة التي تزيد من تضخم التكلفة. والمسافة بين البلدين 1600 كيلو متر، والرحلة الواحدة 3200 كيلو متر، وتصل سرعة الطائرة إف 35 نحو 1900 كيلو متر في الساعة، ما يعني أن تكلفة طيران طائرة واحدة في الرحلة الواحدة تصل إلى 17 ألف دولار، غير تكلفة القذائف التي تحملها.

قبل وقف إطلاق النار بيومين، وبسبب الخسائر المادية الثقيلة ومعاناة الجمهور في الملاجئ وربما قرب نفاد مخزون الصواريخ الاعتراضية، نقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين أنهم سيقبلون وقف إطلاق النار من الغد، إذا أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي أنه يريد ذلك، وأنه من مصلحتهم عدم إطالة المعركة مع إيران. وعلت أصوات النخب العلمانية في إسرائيل التي تشكك في أن إيران يمكن أن تنتج أو تستخدم سلاحًا نوويًا وأن ضربه سيجلب الأمن لإسرائيل.

وعبر أكاديمي إسرائيلي عن تشككه في تهويل نتنياهو من الخطر النووي الإيراني بقوله، إن السلاح النووي مجرد سلاح تمتلكه الدول لإطلاق التهديدات فقط، ولكن لا أحد يستخدمه في الواقع. وخلال أيام الحرب، ظهرت معاناة الجمهور الإسرائيلي من كثرة الفزع إلى الملاجئ بالليل والنهار وعلى فترات متقاربة والبقاء فيها لمدد طويلة خوفا من القصف الصاروخي وتدمير المنازل. فعندما تفشل القبة الحديدية في الشمال في اعتراض صاروخ إيراني يحمل ما بين 300 و700 كيلوغرام من المتفجرات، يُسمع دويه المرعب على بُعد 55 كيلومترًا في القدس جنوبا، وهو ما عجل بقبول نتنياهو وقف الحرب، وربما هو من طلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقفها.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows