
توقعت تقارير إسرائيلية ارتفاع صادرات الأسلحة الإسرائيلية، بخاصة التكنولوجية، مع انتهاء الحرب على إيران، زاعمة أن تفوق أسلحة إسرائيلية ونظم اتصالات في اغتيال قادة وعلماء إيران وعرقلة الدفاع الجوي، يزيد الطلب على السلاح الإسرائيلي ونظم الاتصالات. وأكدت أنّ من أسباب زيادة الطلب على السلاح الإسرائيلي، بخلاف تفوق نوعيات معينة من السلاح في حرب إيران واستهداف قادتها، هو استمرار الحروب في مناطق عديدة بالعالم، وتوقع أن يؤدي التطبيع المقبل مع دول مثل السعودية لإبرام صفقات سلاح أخرى.
وباعت إسرائيل لدول عربية أسلحة وعتاداً عسكرياً بمبلغ 3.5 مليارات دولار في العامين اللذين تليا توقيع "اتفاقيات أبراهام" (عام 2021 و2022)، وفق تقرير سابق لصحيفة يديعوت أحرونوت. وذكر تقرير لصحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، 29 يونيو/ حزيران الجاري، أنّ الصناعات الحربية للاحتلال، تتوقع أن تشجع الحرب على إيران، إبرام دول وجيوش أجنبية مختلفة صفقات أسلحة بمليارات الشواكل مع إسرائيل، كما أن قرار دول حلف الناتو رفع حجم الإنفاق العسكري ليصل إلى 5% من ناتجها المحلي بحلول عام 2035، يؤدي إلى زيادة إنفاقها العسكري بأكثر من 400 مليار دولار، وتطمح صناعات تل أبيب الحربية في الحصول على جزء من هذه الكعكة.
وقال التقرير إنّ تطبيع علاقات محتمل بين إسرائيل والسعودية سيشكل فرصة أخرى لشركات الأسلحة الإسرائيلية، كما أن تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يؤدي إلى صفقات أخرى بين الصناعات الأمنية الإسرائيلية وجيوش أجنبية. وزعم تقرير لصحيفة جيروزاليم بوست 26 يونيو الجاري، أن الفترة المقبلة سوف تشهد إقبالاً على الأسلحة الإسرائيلية "بعدما أثبتت التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية أهميتها في الحرب ضد إيران".
ونقلت عن الرئيس التنفيذي لشركة أوربت، دانييل إشكار، أنّ "الحرب مع إيران زادت من الاهتمام العالمي بالأنظمة الإسرائيلية، إذ أثبتت فاعليتها، وأصبحت الآن تحظى بخبرة في ساحة المعركة، وأثبتت الحرب بالدليل القاطع جودة صناعة الدفاع الإسرائيلية، في مواجهة دولة تدعمها روسيا والصين". وقالت "جيروزاليم بوست" إن صواريخ متطورة مضادة للدبابات تُدار عن بُعد استُخدمت لتحييد بعض الصواريخ الباليستية الإيرانية، وطائرات بدون طيار نفذت عمليات اغتيال مستهدفة، ونُسق هذا الحدث المعقد بأكمله باستخدام اتصالات متطورة للغاية، ما جلب إشادة بصناعات الحرب الإسرائيلية.
ويقول إشكار إن الحرب مع إيران عززت الاهتمام الدولي بالأنظمة الإسرائيلية، ليس فقط لأنها أثبتت نفسها في الحرب، بل لأنها ناضجة، ولديها خبرة في ساحة المعركة وراء استخدامها. وكانت شركة أوربت كوميونيكيشن سيستمز الإسرائيلية للاتصالات قد ارتفع سعر سهمها بنحو 25% هذا العام، وبنحو 550% خلال السنوات الخمس الماضية، وتُطوّر الشركة وتُنتج أنظمة اتصالات، بخاصة أنظمة الأقمار الصناعية، ويستحوذ قطاع الدفاع الإسرائيلي على 81% من مبيعاتها.
وبحسب "كالكاليست": "هناك إجماع في جيش الاحتلال على أنّ مواجهة أخرى بين إسرائيل وإيران، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، هي مسألة وقت ومال فحسب"، لذا تُكثف الصناعات العسكرية الإسرائيلية تطوير أسلحة جديدة لاستخدامها في الحرب القادمة، وبيع أسلحة كالتي استخدمت ضد إيران إلى جيوش أجنبية.
وأشارت الصحيفة إلى توقع الجيش الإسرائيلي سباق تسلح سريعاً، من أجل تطوير قدرات عسكرية جديدة، بهدف الحفاظ على تفوق تكنولوجي ونوعي على إيران في حرب مقبلة، مؤكدة أنّ هذا "يكلف إسرائيل عشرات مليارات الشواكل (الشيكل = 0.30 دولار)". وأشار التقرير إلى أن صواريخ "رامبيج" و"روكس" التي طورتها الصناعات الأمنية الإسرائيلية أصابت بدقة مواقع إيرانية، قبل أن تدخل الطائرات الحربية إلى الأجواء الإيرانية، لكن التقرير أشار إلى أنّ صواريخ كهذه أصبحت معروفة لدى إيران، ولن تستخدمها إسرائيل في حرب مقبلة.
والتوقعات في إسرائيل هي أنّ إيران ودولاً أخرى أيضاً، ستجري تحليلات وتحقيقات عميقة حول هذه الصواريخ، في الأسابيع والأشهر المقبلة، ولذلك يرجح أن يتراجع مستوى سريتها، وأن يكون بالإمكان بيعها إلى دول أخرى. وكان تقرير آخر لصحيفة كالكاليست في 25 يونيو الجاري قد كشف أن وزارة الحرب الإسرائيلية طلبت من الصناعات الدفاعية، زيادة إنتاج الأسلحة على خلفية الحرب مع إيران واحتمال تجددها واستهلاك كميات كبيرة من السلاح في الحرب. حيث التقى مدير عام وزارة الدفاع، أمير برعام، مع رؤساء شركات الصناعات الجوية الإسرائيلية، (إلبيت سيستمز، ورافائيل، وتومر) وأمرهم بتسريع خطط تطوير أنظمة قتالية مستقبلية، مخصصة للاستخدام في الدفاع والهجوم.
وبحسب الصحيفة العبرية، تُطالب وزارة الدفاع الصناعات الدفاعية بالاستعداد لزيادة إنتاج الأسلحة وأنظمة التسليح المخصصة للجيش الإسرائيلي، على خلفية الحرب، كما كُلِّف رؤساء شركات الدفاع بتسريع خطط تطوير أنظمة قتالية مستقبلية، مُصمَّمة للاستخدام الدفاعي والهجومي". ومنذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عملت جميع الصناعات الدفاعية الإسرائيلية الرئيسية بكثافة وفي حالة طوارئ لتزويد جيش الاحتلال بالأسلحة والأنظمة التي يحتاجها في جميع ساحات القتال، حيث تُنتج بعض مصانعها على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وفق تقارير إسرائيلية.
14.8 مليار دولار مبيعات سلاح في 2024
وأكد تقرير لصحيفة جيروزاليم بوست 26 يونيو الجاري، أنّ مبيعات إسرائيل من الأسلحة عام 2024، حققت رقماً قياسياً جديداً، إذ بلغت 14.8 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 11.7% عن عام 2023، وتضاعف في غضون خمس سنوات، وفقاً لأرقام SIBAT، وهي "مديرية التعاون الدفاعي الدولي" بوزارة الدفاع الإسرائيلية. وكمثال زادت إيرادات شركة إلبيت سيستمز، إحدى الركائز الأساسية لصناعة الدفاع الإسرائيلية، في مجال الطائرات بدون طيار، وأنظمة الحرب الإلكترونية، والذخائر، بنسبة 14.3% العام الماضي لتصل إلى 6.8 مليارات دولار.
وكان منتج شركة إلبيت سيستمز الذي هيمن فعلياً على سماء إيران، وخاصة طهران، هو طائرة هيرمس 900 (ستار) من دون طيار، والتي تبلغ تكلفة الواحدة منها حوالي 6.85 ملايين دولار، وأسقطت إيران طائرات عدة منها. وكشف التقرير الأخير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) الصادر في إبريل/نيسان 2025، ويغطي عام 2024، أن الحروب والتوترات الإقليمية تعزز مبيعات موردي الأسلحة، وأن إنفاق تل أبيب على السلاح زاد بنسبة 65% (قبل الحرب مع إيران). وأشار التقرير إلى ارتفاع كبير في الانفاق العسكري الإسرائيلي، في عام 2024 حين زادت تل أبيب نفقاتها العسكرية بنسبة 65% لتصل إلى 46.5 مليار دولار.
ويعود سبب ذلك إلى الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والصراع على جبهات عدة، بما في ذلك الجبهة اللبنانية، وسط توقعات بأن يزيد الإنفاق العسكري الإسرائيلي بصورة أضخم في تقرير 2026 الذي يرصد نفقات عام 2025، بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران. وكان الجيش الإسرائيلي قد طالب في 29 يونيو الجاري، بزيادة ميزانيته بـ60 مليار شيكل (11.7 مليار دولار) لتمويل الحرب على إيران وغزة، ورفضت وزارة المالية الإسرائيلية طلب الجيش بدعوى أنّ الرقم مبالغ فيه، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت. وحسب مصادر في جيش الاحتلال، فإن عدم إضافة هذا المبلغ إلى ميزانيته، يعرقل شراء صواريخ منظومة "حيتس" لاعتراض الصواريخ الباليستية، ومئات مركبات "هامر" العسكرية للحرب المستمرة على غزة، لذا يحاول ممارسة ضغوط على وزارة المالية من خلال وسائل الإعلام.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجيش طلب من مندوبيه في الولايات المتحدة شراء أكثر من 600 مركبة هامر جديدة على الأقل، ووصفت مركبات هامر الموجودة بحوزة الجيش الآن بأنّها "خردة"، إثر استخدامها المكثف في قطاع غزة، وكذلك بسبب استهداف قسم منها بقذائف مضادة للمدرعات في القطاع. ويدعي جيش الاحتلال أن صفقات لشراء ذخيرة للطائرات الحربية وصواريخ لمنظومة "حيتس" متوقفة حالياً، بعد الإعلان في الولايات المتحدة عن أن صواريخ "حيتس" في إسرائيل توشك على الانتهاء، بسبب استخدامها بشكل كبير في اعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية، ويبلغ ثمن صاروخ "حيتس" الواحد 14 - 15 مليون شيكل.
ويلوح الجيش الإسرائيلي بأن تأخير المصادقة على الميزانية التي يطلبها لتمويل شراء صواريخ "حيتس" يؤدي إلى "تقليص استعداداته لجولة قتالية جديدة قادمة ضد إيران، التي قد تكون أقرب من التوقعات"، وحسب الصحيفة، فإنه خلال مداولات أمنية مغلقة، جرى تقديم معطيات حول "فقدان الطائرات المسيرة الإسرائيلية، بتكلفة مئات الملايين من الدولارات، والتي سقطت في إيران"، وأنه "يوجد تخوف في الجيش الإسرائيلي من تأخير في البدء بصنعها".
المقاطعة تعرقل زيادة الصادرات
ويواجه الصناعات العسكرية الإسرائيلية عقبة هي مقاطعة شركات أوروبية لها بسبب جرائم حرب غزة، وكانت آخر صدمة في هذا الصدد هي استبعاد صندوق التقاعد النرويجي يوم 30 يونيو الجاري، شركتين تزودان الجيش الإسرائيلي بأسلحة، حيث أكد الصندوق في بيان نقلته وكالة "بلومبيرغ" أنه استبعد شركتي "أوشكوش" الأميركية و"تيسين كروب" الألمانية من قائمة استثماراته، بسبب مشاركتهما في تزويد الاحتلال الإسرائيلي بمعدات وأسلحة قد تستخدم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في غزة. وجاء القرار استناداً إلى تقرير صادر عن الأمم المتحدة حذر من أن تزويد إسرائيل بالسلاح قد يعرض هذه الشركات لخطر التواطؤ في جرائم حرب وانتهاكات ممنهجة للقانون الدولي الإنساني.
2.7 تريليون دولار سلاح للعالم
ورصد تقرير سيبري لعام 2025 رقماً قياسياً جديداً في الإنفاق العسكري العالمي، حيث بلغ حجم النفقات عام 2024 نحو 2.7 تريليون دولار، أي زيادة 9.4% بالمقارنة مع عام 2023. ويرتفع باستمرار حجم النفقات العسكرية الدولية منذ عشرة أعوام، ولكن لم يحدث منذ نهاية الحرب الباردة أن ارتفعت هذه النفقات بمثل هذه القوة خلال عام واحد. وكان إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم عام 2023، قد بلغ 632 مليار دولار، بزيادة 4.2%، وفقاً للمعهد.
وأشار معهد سيبري إلى أنّ الشركات المنتجة الأصغر حجماً، مثل الشركات الإسرائيلية، كانت أكثر فاعلية في تلبية هذا الطلب الجديد المرتبط بالحرب في غزة وأوكرانيا، والتوترات المتزايدة في شرق آسيا، وبرامج إعادة التسلح في مناطق أخرى. ورصد التقرير زيادة العديد من الدول الأوروبية الأخرى نفقاتها العسكرية بوضوح في عام 2024، حيث أنفقت بولندا 31% أكثر مما أنفقته في العام السابق، وباتت تستثمر الآن 4.2% من ناتجها المحلي الإجمالي في الدفاع.
واستثمرت السويد في عام 2024، أي في عام انضمامها إلى حلف الناتو، 34% أكثر من العام السابق، وبلغ حجم نفقاتها الدفاعية 12 مليار دولار، وهو ما تعول عليه الصناعات العسكرية الإسرائيلية لتغطية نفقاتها عبر مبيعات سلاح خلال العام الجاري.
ويعود السبب الرئيسي لزيادة النفقات الدفاعية في أوروبا إلى الحرب المستمرة الآن منذ أكثر من ثلاث سنين في أوكرانيا، فضلاً عن النفقات على الجيوش الخاصة، فقد تدفقت أيضاً أموال كثيرة على المساعدات العسكرية لأوكرانيا يبلغ مجموعها 60 مليار دولار، وعلى الرغم من أن القسم الأكبر من هذه المساعدات جاء من الولايات المتحدة، لكن الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا، قدمت مساعدات مالية وعسكرية، وكان نصيب ألمانيا منها لأوكرانيا مبلغ 7.7 مليارات دولار. واحتلت أوكرانيا المرتبة الأولى في الإنفاق العسكري على مستوى العالم، في عام 2024 فقد بلغت نفقاتها العسكرية 34% من ناتجها المحلي الإجمالي.

Related News


