أوروبا بين كسر حصار غزة والاعتراف بدولة فلسطين
Arab
3 hours ago
share

ولّدت تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزّة موجةً من التضامن العالمي مع قضية فلسطين وقطاع غزّة، ونجحت في تغيير نبرة الخطاب الدبلوماسي الأوروبي تجاه موضوع حصار قطاع غزّة، كما يلاحظ من تزايد المطالبات الأوروبية والدولية والأممية بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، بيد أنّ هذه التداعيات لم تصل إلى حدّ النجاح في كسر الحصار، وإرغام إسرائيل على الخضوع لمقتضيات القانون الدولي، بشأن مسؤولية دولة الاحتلال عن السكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال.

وعلى الرغم من الحراك الشعبي العالمي المتضامن مع القضية الفلسطينية، لا سيّما بشأن إدخال المساعدات إلى قطاع غزّة ووقف الحرب، بقي كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزّة مرهونًا بتفاعل أربعة عوامل، أولها استمرارية الدعم الأميركي اللا محدود لإسرائيل، واجتهاد واشنطن في إيجاد مخارج لحليفها الإسرائيلي، كي يفلت من المسؤولية عن تجويع أهالي قطاع غزّة، واستهداف قوات الاحتلال لطالبي المساعدات، بشكل منهجي مقصود، ولا سيما حول مراكز/مقرات مؤسسة غزّة الإنسانية الأميركية، التي تحولت "مصائد موت محقّق" للغزيين المجوَّعين.

يلعب العامل الإسرائيلي دورًا أساسيًا كابحًا أمام كسر حصار غزّة والاعتراف بدولة فلسطين، على حدٍّ سواء، كما يظهر من عودة حكومة بنيامين نتنياهو إلى سياستها المعتادة في توسيع صراعها الإقليمي

ثانيها؛ الإحجام الرسمي الأوروبي، سواء على مستوى الاتّحاد الأوروبي، أم على مستوى دوله عن دعم جهود الناشطين الأوروبيين والعالميين لكسر الحصار بحرًا (عبر السفينة مادلين أو غيرها)، على الرغم من تغير نبرة الخطاب الدبلوماسي الأوروبي تجاه حصار قطاع غزّة، كما سلف القول، لكن من دون الوصول إلى حدّ فرض عقوباتٍ أوروبية جماعية على إسرائيل، بسبب الانقسامات في مواقف الأعضاء حول حرب غزّة والسلوك الإسرائيلي إجمالاً.

ثالثها غياب المساندة الرسمية العربية لكسر الحصار، على الرغم من قرارات القمة العربية الإسلامية في الرياض (2023/11/11) بهذا الشأن، التي نصت على "كسر حصار غزّة، وفرض إدخال قوافل مساعداتٍ إنسانيةٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ ودوليةٍ؛ تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى القطاع فورًا، ودعوة المنظّمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظّمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها الكامل، ودعم وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". رابعها تذبذب حركة التضامن العالمية مع قضية غزّة وفلسطين، وخضوعها لحالاتٍ من المدّ والجزر، تأثرًا بالسياقات العالمية والإقليمية، لا سيّما الضغوط الأميركية/ الإسرائيلية.

كما يبدو لافتًا إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (2025/6/13) عن تأجيل المؤتمر الدولي بشأن حلّ الدولتين والاعتراف بفلسطين، بعيد اندلاع شرارة الحرب الإسرائيلية ضدّ إيران، ما يؤكد محدودية مساحة الأداة الدبلوماسية في قضية فلسطين، لا سيّما جهود إعادة إحياء مسار التسوية بصيغة حلّ الدولتين، على ضوء تحذير إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الدول من المشاركة؛ إذ "تعارض واشنطن أيّ خطوةٍ من شأنها الاعتراف من جانبٍ واحدٍ بدولةٍ فلسطينيةٍ مفترضةٍ، كونه يضيف عراقيل قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للصراع، ويضغط على إسرائيل أثناء حربها، ومن ثمّ يدعم أعداءها"، وفق تقرير وكالة رويترز.

من جانبٍ آخر، يلعب العامل الإسرائيلي دورًا أساسيًا كابحًا أمام كسر حصار غزّة والاعتراف بدولة فلسطين، على حدٍّ سواء، كما يظهر من عودة حكومة بنيامين نتنياهو إلى سياستها المعتادة في توسيع صراعها الإقليمي، وتصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج (خصوصًا استهداف اليمن ولبنان وسورية وإيران)، هروبًا من تحمّل تداعيات جرائم جيش الاحتلال الصهيوني في حرب الإبادة على غزّة، في ظلّ غياب أيّ طرحٍ سياسيٍ إسرائيليٍ يعترف بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وعودة الداخل الإسرائيلي للاصطفاف خلف هدف القضاء على البرنامج النووي الإيراني.

غياب المساندة الرسمية العربية لكسر الحصار، على الرغم من قرارات القمة العربية الإسلامية في الرياض (2023/11/11) بهذا الشأن، التي نصت على "كسر حصار غزّة

يبقى التأكيد أن تصاعد الضغط الشعبي العربي على صانع القرار العربي من شأنه دفع الأمور إلى تغيير الموقف الرسمي العربي من حصار غزّة، لأنه من المعيب إعاقة السلطات المصرية وقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر المسيرة التضامنية الدولية مع قطاع غزّة (قافلة الصمود المغاربية)، التي شارك فيها مئات المتضامنين من 32 دولةً، بغية الوصول إلى حدود قطاع غزّة عبر معبر رفح البري مع مصر، لإدخال مساعداتٍ إنسانية، والتعبير عن التضامن العربي مع معاناة الشعب الفلسطيني، خصوصًا أهالي قطاع غزّة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows