مآزق صناعة الكتاب العربي.. خرطة تحديات النشر وغياب الحريات
Arab
4 hours ago
share

مع تاريخها الطويل في العالم العربي، لم تنجح صناعة النشر العربية في تأسيس تقاليد تضمن استقرارها، فزيادة المستثمرين في السنوات الأخيرة ترافقت مع تراجع دور الناشرين في تبنّي كُتّاب جدد، وتقديم نصوص تنتمي إلى أنواع أدبية متنوعة، إلى جانب الرواية التي يطلبها السوق، إذ احتكرت الجوائز هذا الدور.

وغالباً ما تنشغل أوساط المهتمين بالنشر، بأحاديث الكُتّاب عن تجاربهم الشخصية مع ناشريهم بما في هذه الأحاديث من تصيّد أحياناً وسوء فهم، وليبقى الحوار بين الناشرين أنفسهم مقتصراً على أروقة معارض الكتاب، أو في دوائرهم المغلقة. في هذا السياق، تأتي "خريطة السياسات العامة للكتاب في العالم العربي"، التي أُعلنت في تونس، لتفتح النقاش حول المشكلات الحقيقية لصناعة الكتاب وصعوبات تطورها في المنطقة العربية. 

الخريطة التي أعدتها الرابطة الدولية للنشر المستقل، شملت 11 بلداً عربياً فقط، لرفض بعض السلطات تقديم البيانات اللازمة، وتناولت معايير: التزام الاتفاقيات الدولية، والضرائب، ودعم القراءة وتوزيع الكتب، وتعزيز الإبداع والنشر، وحقوق المؤلفين، والسياسات الثقافية، وحرية التعبير. بالإضافة إلى تنظيم السوق وتصنيف الكتب وفقاً للمعايير الدولية.

لم تنجح صناعة النشر العربية في تأسيس تقاليد تضمن استقرارها

وأظهرت الخريطة أن أبرز تحديات قطاع النشر في العالم العربي تتمثل بالقيود المفروضة على حرية التعبير من خلال الرقابة الإدارية والقضائية، القيود التي تختلف شدتها من دولة لأخرى بحسب مركزية النشر، أو سيطرة الدولة عليه، ووفقاً لطبيعة الموافقات المطلوبة، سواء قبل الطباعة أو بعدها. كذلك رصدت الخريطة ضعف الترابط والتنسيق في مراحل صناعة الكتاب وصولاً لتوزيعه؛ بدءاً بالتأليف أو الترجمة، ومروراً بالتحرير والتدقيق والطباعة. وهي نقاط يرصدها القارئ أحياناً من غير أن يكون قادراً على تحديد الخلل وسببه.

مع أن الخريطة تعرض أزمات كل بلد وفقاً لظروفه الاقتصادية والسياسية، إلا أنَّ المشترك بين البلدان التي شملتها الخريطة، قرصنة الكتب، سواء في الأسواق أو من خلال منصات التحميل المجاني على الإنترنت، في ظل ضعف تطبيق قوانين حماية حقوق المؤلف، أو عدم وجودها أساساً. كذلك لفتت الخريطة إلى غياب سوق عربية موحدة للكتاب، الأمر الذي يعيق تبادل الكتب والنشر المشترك، ويحد من الاعتراف بحقوق المؤلفين والإيداع القانوني بين الدول العربية. إلى جانب غياب صناديق دعم المكتبات، وتنقل الكتّاب والناشرين، وغياب دعم جدي لمشاريع الترجمة، وقلة الإعفاءات الضريبية. 

يبقى أن استدامة صناعة الكتب، لا تقتصر على التشريعات القانونية والدعم المالي، بل تحدث في سياق خطط ثقافية أشمل، تنمّي حضور الثقافة في الحياة العامة. مع الإشارة إلى أنَّ عدداً من البلدان العربية يشكو غياب خطة ثقافية بسبب الحروب والأزمات الاقتصادية. 

يذكر أن الرابطة الدولية للنشر المستقل، تضم 980 ناشراً من 60 دولة، وقد استغرقت خمس سنوات في إعداد هذه الخريطة، التي توفّرها على موقعها الإلكتروني. وجاءت خريطة العالم العربي بعد إعداد واحدة مماثلة في أميركا اللاتينية، وفي أفريقيا. وأُعلن عنها خلال فعاليات ملتقى الناشرين المستقلين في العالم العربي والدول الفرانكفونية، الذي اختتم أعماله الخميس الماضي في تونس بمشاركة 29 ناشراً من 16 دولة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows