
يمن ديلي نيوز: قال مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، عبدالله العليمي، إن التعميم بمنع استخدام ما يُعرف بـ”لباس العكفي” في مناسبات الأعراس، يأتي ضمن الخطوات التي اتخذها المكتب لحماية الهوية الوطنية وتنقية الموروث من رموز القمع والاستبداد.
وذكر العليمي في تصريح لـ”يمن ديلي نيوز”، أن التعميم تضمن منع تصاميم الزي العكفي الخاص بـ”عكفة الإمام” وارتداء الزي في العرس، وأن ذلك جاء في إطار مسؤولية المكتب الوطنية والثقافية، وحرصه على حماية الهوية الثقافية الأصيلة.
وشهدت محافظة تعز وعدد من المحافظات اليمنية مؤخراً انتشاراً لدعوات الأعراس التي تظهر العريس وهو يرتدي زي العكفي، كما قامت بعض محلات خدمات الأعراس بتوفير هذا الزي لتأجيره على العرسان خلال الزفاف.
وأشار “العليمي” إلى أن المكتب يعمل على مواجهة محاولات جماعة الحوثي المصنفة إرهابية، إعادة إنتاج رموز القمع والاستبداد التي ارتبطت بفترات مظلمة من تاريخ اليمن.
وأضاف مدير مكتب الثقافة في تعز: “التعميم يهدف إلى تنقية الموروث التعزي من كل رموز السلالة والإمامة البائدة، لما فيه من تشويهٍ للذاكرة الجمعية، واستهانةٍ بتضحيات اليمنيين في سبيل الحرية والكرامة”.
ما هو الزي العكفي؟
وفي ما يتعلق بالخلفيات التاريخية للزي العكفي، قال العليمي لـ”يمن ديلي نيوز” إن زي العكفة لم يكن مجرد لباس، بل كان رمزًا لوظيفة قمعية مارسها أفراد ينتمون إلى طبقة موالية للإمامة، وكانوا يُكلّفون بتنفيذ أوامر الإمام بالقوة، بما في ذلك الاعتداء على المواطنين ومصادرة ممتلكاتهم.
يتكون الزي وفق “العليمي” من معطف داكن وسلاح تقليدي، كان يُستخدم لترهيب الرعية وتجسيد الهيمنة الطبقية، وكُرّس كأداة لإبقاء المجتمع في حالة خضوع دائم، مقابل توصيف فئة معينة بـ”السادة.
كما يرتبط زي العكفي بالزي العسكري الذي استخدمه الامام لجيشه ولخدمه والذي كان يمثل الذراع الأمنية القمعية للأئمة، ويُطلق لمهاجمة المعارضين وتصفية كل صوت يطالب بالحرية أو العدالة أو حتى بتحسين أوضاع الناس المعيشية.
لغوياً فإن مصطلح العكفي مشتقة من عكف على الشيء أي أقبل عليه مواظبًا، و لم يصرف عنه وجهه في اهتمامه بالشيء، كما في قوله تعالى: “يعكفون على أصنام لهم” أي يقيمون عليها.
ويقول مسنون إن العكفي هو العسكري الذي يرسله عامل الإمام إلى شخص معين أو منطقة معينة لتأديبها بالمكوث فيها، وفرض جبايات واشتراطات لا قبل للمواطنين بها كنوع من التأديب والقمع للشخص أو المنطقة.
العجوز والعكفي
وتكشف قصيدة للشاعر والثائر محمد محمود الزبيري جانباً مما كان يمارسه العكفي من انتهاكات بحق المواطنين في قصيدة حوارية بعنوان “العجوز وعُكفي الإمام”.
العجوز:
يا رب كيف خلقت الجند ليس لهم
عندي طعام ولا شاء ولا نعم
ويلاه مالي أرى وحشا وبندقه
أذلك العسكري الغاشم النهم.
العسكري:
نعم أنا البطل المغوار جئت إلى
عجوزة لم يهذب طبعها الهرم
إنا جنود أمير المؤمنين فلِم
لا تذحبي الكبش يا حمقاء دونهموا ؟
أين الدجاجة أين القات فابتدري
إنا جياعٌ وما في حيكم كرم
العجوز:
يا سيدي ليس لي مالٌ ولا نشبٌ
ولا رجالٌ ولا أهلٌ ولا رحمُ
إلا بنيّ الذي يبكي لمسغبةٍ
وتلك أدمعه الحمراء تنسجم
وهذه البيد فاقطف من هواجرها
ما شئت إنا إلى الرحمن نحتكم
ماذا يريدون من جوعي ومسغبتي
إني لكالحمل المشوي بينهم
يطلبون زكاة الأرض ليس بها
إلّا الحمام وإلّا الحجر والرخم
أم جزية الكوخ لا كانت جوانبه
السودا ولا نهضت في ظله قدم
أم قيمة القبر قبل الموت وا أسفاه
الكوخ قبري فما للظالمين عموا ؟
العسكري:
إني إذن راجعٌ للكوخ أهدمه
يا شافعية إن الكذب دأبكموا.
رمز القمع والاستبداد
وفي 19 مايو/أيار الماضي أصدر مدير عام مكتب الثقافة في تعز تعميماً بمنع لباس “العكفي” في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وفي التصاميم والدعوات للأعراس وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفق التعميم فإن “لباس العكفي” ينتمي إلى الحقبة الإمامية البائدة، والعكفة كرستها الإمامة كأداة قمعية لتنفيذ سلطتها المستبدة، في مقابل توصيف سلالتهم بالسادة، بما يعكس تقسيما اجتماعيا قائما على الاستعباد والتسلط.
وأشار إلى أن “العكفي” كان رمزا للهيمنة والقهر والاعتداء على كرامة المواطنين، لافتا إلى أن إعادة إنتاج هذا الزي في المناسبات الاجتماعية يعد تشويها للوعي التاريخي، واستهانة بذاكرة الظلم وطمسا لهوية تعز الجمهورية المقاومة.
ووجه بالتعميم على محال التصوير والتصميم والطباعة بعدم استخدام صور أو تصميمات تتضمن زي “العكفي”، في بطاقات ودعوات الأعراس.
ودعا مكتب الثقافة، إلى رفع الوعي العام بمخاطر إعادة إنتاج مثل هذه الرموز، وتشجيع المجتمع على تبني موروث تعز الثقافي الأصيل كجزء من الهوية الوطنية ومقاومة الاستلاب الثقافي.
ظهرت المقالة من هو “العكفي”؟ ولماذا حظرت تعز ارتداء زيه في حفلات الزواج؟ أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.