"الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي" على مسرح "بي بي سي"
Arab
5 hours ago
share

شهد مهرجان غلاستونبري (Glastonbury Festival) الموسيقي في بريطانيا، موجة جدل واسعة بعد أن بثّت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بشكل مباشر أداءً لفرقة الراب البريطانية بوب فايلان (Bob Vylan)، تخلّلته هتافات سياسية صاخبة ضد الجيش الإسرائيلي، تردّدت أصداؤها بين عشرات الآلاف من الحاضرين الذين لوّح كثير منهم بالأعلام الفلسطينية.

وأثار المقطع، الذي شهد تكرار عبارة "الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي"، غضباً في الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية، ما دفع وزيرة الثقافة، ليزا ناندي، إلى الاتصال بمدير عام "بي بي سي"، تيم ديفي، مطالبةً بتوضيحات حول المعايير التحريرية المعتمدة قبل بث العرض. وفيما أعلنت "بي بي سي" أنها لن تتيح إعادة عرض الأداء عبر منصاتها، شدّدت على أن "تحذيرات وُضعت على الشاشة خلال البث الحي، تنبّه إلى أن المضمون يتضمّن لغة شديدة اللهجة وتمييزية".

منصة موسيقية أم ساحة احتجاج؟

فرقة بوب فايلان، التي عُرفت بمواقفها الراديكالية، أدّت عرضها قبل فرقة الراب الأيرلندية الشمالية كنيكاب (Kneecap)، المؤيدة للقضية الفلسطينية. خلال العرض، خاطب أحد أعضاء الفرقة الجمهور بهتاف "Free! Free!"، فردّ الجمهور بـ"Palestine!"، قبل أن تتصاعد الحماسة إلى ترديد جماعي لعبارة "الموت للـIDF"، في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي.

وفي لحظة مثيرة للجدل، هاجم المغنّي أحد أصحاب شركات التسجيل، مشيراً إلى خلفيّته اليهودية، ومضيفاً: "عملنا مع الجميع، من أصحاب الحانات إلى الصهاينة". هذه العبارات فُسّرت من قبل مراقبين على أنها تحمل أبعاداً تحريضية ومعادية للسامية، ما زاد من حدّة ردات الفعل، خصوصاً من منظمات داعمة لإسرائيل.

تصاعد الجدل مع تصريحات فرقة كنيكاب (Kneecap) التي أعقبت الأداء، والتي هتفت ضد زعيم حزب العمّال كير ستارمر، وتحدّث ليام أوهانا أحد أعضائها عن نيّته "إشعال شغب" خارج المحكمة في أغسطس/آب المقبل، حيث يمثّل أمام القضاء في قضية تتعلق برفع علم حزب الله في إحدى حفلاته. وقد أضاف بعد ذلك عبارة "تنويه: لا شغب، فقط دعم وحب لفلسطين"، في محاولة لخفض سقف التصريحات. وأضاف أوهانا، المعروف باسمه الفني مو شارا، واضعاً كوفيته الشهيرة "هذا الوضع قد يكون مُرهقاً جداً، لكنه لا يُقارن بما يمرّ به الشعب الفلسطيني".

ووجّه أوهانا تحية لمجموعة "بالستاين أكشن" (العمل من أجل فلسطين)، التي أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر حظرها بموجب قانون مكافحة الإرهاب. كما ارتدى زميله في الفرقة دي جي بروفاي قميصاً مُخصصاً للمجموعة، التي حُظرت بعدما اقتحم ناشطون فيها قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني ورشّوا الطلاء على طائرتين.

وقال كريس جيفريز (32 سنة)، وهو محلل في أحد البنوك، عبر وكالة فرانس برس، إنّ أداء فرقة نيكاب في مهرجان غلاستونبري جعله فخوراً بكونه من محبي الفرقة. وأضاف واضعاً قناعاً بألوان العلم الأيرلندي "إنّها من الفرق القليلة هنا التي تتحدث عن فلسطين".

"بي بي سي" بين الحياد والبث المباشر

واجهت "بي بي سي" انتقادات لاذعة لعدم تدخّلها خلال البث الحي، ولقرارها السابق ببث عرض بوب فايلان كاملاً دون حذف أو تعديل. في المقابل، أوقفت لاحقاً نقل عرض فرقة كنيكاب (Kneecap) مباشرة، مبرّرةً ذلك برغبتها في الالتزام بالمعايير التحريرية، وتقديم نسخة منقّحة على منصاتها الرقمية.

مصادر في "بي بي سي" أكدت أن "المؤسسة لا تمنع الفنانين من الظهور، لكنها تلتزم بضوابطها التحريرية". مع ذلك، اعتبر كثيرون، وبينهم المدير السابق لقناة بي بي سي التلفزيونية، أن الهيئة "أخفقت بشكل كبير، وأظهرت تجاهلاً لمخاوف الجالية اليهودية البريطانية".

الانتقادات لم تتوقف عند وسائل الإعلام؛ فقد طالب ساسة وناشطون منظّمي مهرجان غلاستونبري (Glastonbury) بعدم استضافة فرقة كنيكاب (Kneecap). إلا أن المنظمة الرئيسية للمهرجان، إميلي إيفيس، دافعت عن القرار مؤكّدةً أن "المنصة منفتحة أمام الجميع"، وأنه رغم حساسية المواضيع السياسية، فإن تنوّع الآراء جزء أساسي من هوية المهرجان.

الفن، فلسطين، وحدود التعبير

لم يكن عرض بوب فايلان (Bob Vylan) أو كنيكاب (Kneecap) الحدث الوحيد الداعم لفلسطين على مسارح غلاستونبري؛ المغنية البريطانية نيلوفر يانيا ظهرت وهي تؤدي أغنية خلف شاشة تحمل عبارة "Free Free Palestine"، فيما عُلّقت لافتة مؤيدة لفلسطين على أحد المسارح.

في موازاة ذلك، عاد الإعلامي الشهير غاري لينيكر، الذي غادر "بي بي سي" مؤخراً بعد جدل بشأن منشور على "إنستغرام" اعتُبر معادياً للسامية، إلى الساحة مجدداً من خلال مقابلة حيّة في المهرجان. أعرب لينيكر عن تعاطفه مع الأطفال في غزة، وقال إنه يريد "أن يكون صوتاً لمن لا صوت لهم"، مضيفاً أنه كان يرغب في مشاهدة كنيكاب (Kneecap) لولا تعارض توقيتهم مع مقابلته، مختتماً بموقف واضح: "تحيا فلسطين".

مهرجان في مهب السياسة

ما جرى في غلاستونبري (Glastonbury) هذا العام يعكس بوضوح تقاطع الثقافة الشعبية مع القضايا السياسية العالمية، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية. في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بمقاطعة إسرائيل ثقافياً، وتتصاعد موجات التضامن الشعبي مع الفلسطينيين، يصبح السؤال أكثر تعقيداً: أين تنتهي حرية التعبير، وأين تبدأ حدود التحريض؟ ومتى تكون المنصة الفنية مجرد مسرح، ومتى تتحوّل إلى ساحة مواجهة؟

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows