كي لا ننسى غزّة
Arab
2 weeks ago
share

طغت أخبار المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران على اهتمام الرأي العام في المنطقة وفي العالم، حتى توارت أخبار المواجهات القائمة الأطول مدّة، كالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزّة، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وبعد 12 يوماً من المواجهة التي بدأتها تلّ ابيب باستهداف منشآت إيرانية عسكرية ونووية، وقادة عسكريين وعلماء ذّرة في إيران، توقفت الحرب، في لحظةٍ بدا فيها أنّ لا أحد من طرفيها خرج كاسباً، رغم حجم الخسائر الكبير في الجانبين. كان على الحرب أن تقف، لأنّ كلّ طرفٍ أوصل إلى الطرف الآخر الرسالة التي يريدها. أفهمت إسرائيل إيران أنّها حققت اختراقاً استخباراتياً كبيراً، مكّنها من توجيه ضرباتها الموجعة لها، بدءاً من يوم المباغتة الأول، فيما أوصلت إيران إلى إسرائيل أنّها تملك قدرة صاروخية وازنة تُمكّنها من ردّ الصاع بالصاع.

بعد ما جرى، وبصرف النظر عن المسارات المقبلة للنزاع بين الطرفين، فإنّ كلّا منهما تعلّم الدرس. نبّهت الحرب طهران إلى مواقع الضعف والهشاشة في منظومتها الأمنية، ونبهت إسرائيل، في المقابل، إلى أنّ المواجهة مع إيران ليست نزهة عابرة، فقد دفعت تل أبيب، بدورها، ثمناً غالياً، يجعلها تحسب ألف حساب إن فكّرت في تكرار مغامرة استهداف الإيرانيين في عقر دارهم، علماً أنّ طهران ردّت معتمدة على قدراتها الذاتية وحدها، بدون دعم من أيّ جهة، فيما كان الحليف الأميركي لتل أبيب حاضراً في كل تفاصيل هجومها، داعماً ونصيراً وشريكاً في التخطيط والمعلومات الاستخباراتية وأيضاً بالانخراط المباشر في مهاجمة منشآت طهران.

فيما كانت إسرائيل تشّن عدوانها على إيران، الذي بدأ بعد أقل من يوم من اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بأغلبية ساحقة يطالب بوقف فوري غير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزّة وإطلاق سراح جميع الرهائن، ظلّت تل أبيب مستمرّة في ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة، مستغلةً انصراف الأتظار نحو ما يجري في الخليج. وحسب تقرير مطوّل نُشر على موقع "بي.بي. سي"، استمرّت إسرائيل، أياماً متتالية، في قطع الإنترنت وخدمات الاتصال عن كامل القطاع الفلسطيني، لحجب الأخبار حول ما ترتكبه هناك من فظائع. وحسب مسؤولي الصحة في القطاع، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 800 فلسطيني خلال الحرب مع إيران، ما يعني أنّ حصيلة القتلى في غزّة فاقت نظيرتها في إيران التي بلغت 610 قتلى بحسب السلطات في طهران.

لم تنتظر إسرائيل هجومها على طهران، لتقتل الفلسطينيين في غزّة وتدّمر ما تبقى في القطاع من مرافق، فالقتل والتدمير في غزّة مستمرّ منذ 7 أكتوبر (2023)، لا بل وقبله، من دون انقطاع، والوحشيّة الصهيونية في تمادٍ مستمر، خصوصاً مع التواطؤ السافر الذي يُجاهر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فمنذ عاد رئيساً إلى البيت الأبيض وعينه على قطاع غزّة، من خلال خطّة شريرة بتهجير من بقوا فيه أحياء إلى أماكن أخرى، وتحويله إلى منتجع سياحي يستثمر فيه، فهو لا يتحدّث إلا بمنطق المستثمر ورجل الأعمال، لا بمنطق رجل سياسة وزعيم دولة، تصف نفسها بالأقوى في العالم.

ما نحن بصدده أنّ من يُذكّرنا بغزّة ليس فقط ما يقترفه العدو الغاشم فيها من فظائع، وإنّما أيضاً ما يظهره المقاتلون من أبنائها من شجاعة في التصدّي له، وقد انتشر، أخيراً، الفيديو الذي يُظهر مقاتلاً فلسطينياً يتقدّم بكلّ شجاعة نحو مدرّعة تابعةٍ لوحدة النخبة الهندسية الإسرائيلية 605 المسؤولة خصوصاً عن تدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية الأخرى، وإزالة الألغام، وفتح الطرق للمشاة والمركبات المدرّعة في أثناء القتال، ويلقي قنبلة على من فيها من جنود، قُتل سبعة منهم، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنديّاً آخر من الوحدة نفسها أصيب في حادثٍ منفصلٍ في القطاع.

اقتربنا، أو أوشكنا، من مرور عامين على العدوان الذي تشنّه إسرائيل على غزّة، وقتل فيه ما يزيد عن 56077 شخصاً غالبيّتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس، حيث سيطرت على كامل أراضي القطاع، واغتالت كثيرين من قادة الفصائل المقاتلة، إلا أنّ ما يجري يشير إلى فشلها في استئصال المقاومة، لا بل وإعادة من تبقى من أسراها، بما في ذلك جثث من قتلوا بنيرانها. إنّها إرادة شعبٍ صاحب قضيّة عادلة باقية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows