"بعد الإبادة".. انعكاسات غزة ومستقبل القضية الفلسطينية
Arab
3 hours ago
share

تحت عنوان "بعد الإبادة: المستقبل الفلسطيني المجهول" (دار كاتاراتا، مدريد، 2025)، يناقش الأكاديميان خوسيه أبو طربوش وإيسايس بارينادا انعكاسات المجازر في غزة على واقع ومستقبل القضية الفلسطينية، محذرَين من مرحلة مفصلية تهدّد بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وتؤسّس في المقابل لتحوّل نوعي في نظرة العالم إلى ما يجري.

يرى الكاتبان أن العدوان على غزّة، الذي شنته إسرائيل على هامش عملية طوفان الأقصى، ليس مجرد فصل مأساوي جديد في صراع طويل، بل لحظة كاشفة لما تم تجاهله لعقود: الطبيعة الاستعمارية للمشروع الصهيوني، منظومة الفصل العنصري (الأبارتهايد)، وانتهاك منهجي للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

ويؤكد الكتاب أن المقاربة القديمة التي سادت لعقود – والتي اعتبرت القضية الفلسطينية "نزاعاً معقداً وقديماً يحتاج إلى تسوية عبر تنازلات متبادلة" – لم تعد قادرة على تفسير الواقع. فبعد المجازر الأخيرة، والإبادة الجماعية التي لا تزال متواصلة، باتت لغة الإدانة الحقوقية والمرجعية القانونية الدولية أكثر حضوراً في التحليلات والمواقف العالمية.

يشدد المؤلفان على أنّ ما بعد الإبادة يجب ألّا يكون استمراراً للوضع القائم، بل فرصة لإعادة طرح الأسئلة الأساسية حول الحقوق والعدالة. ويقولان: "الاستعمار لا يُشرعن، والفصل العنصري لا يُفاوض عليه، والإبادة لا يجوز التغاضي عنها، والسلام لا يكون إلا بالعدالة".

مقاربة قائمة على تفكيك البُنى الكولونيالية وإحقاق الحقوق الأساسية

في هذا السياق، يعيدان تأطير القضية الفلسطينية بعيداً عن أطروحات "حل الدولتين" والمفاوضات الثنائية العقيمة، باتجاه مقاربة قائمة على تفكيك البُنى الكولونيالية وإحقاق الحقوق الأساسية للفلسطينيين، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير.
وبينما لا يقدّم الكتاب أجوبة جاهزة حول شكل الحل السياسي القادم، فإنه يؤكد أن ما بعد الإبادة ليس كما قبلها: إذ لم تعد إسرائيل تُقرأ فقط بوصفها دولة ذات نزاع حدودي أو أمني، بل قوة استعمارية تنتهك القانون الدولي بغطاء دولي وتواطؤ إقليمي.

التحوّل اللافت – بحسب الكاتبين – هو اتساع رقعة الوعي العالمي بحقيقة ما يحدث في فلسطين، خصوصاً في الأوساط الأكاديمية والحقوقية وحتى داخل قطاعات من الرأي العام الغربي التي كانت تعتبر نفسها "محايدة" أو "غير معنية". وهذا الوعي، وإن لم يترجم بعد إلى تغيير سياسي ملموس، فإنه يعكس تحولاً في السردية قد يؤسس لمرحلة نضالية جديدة على المستوى العالمي.

يرى أبو طربوش وبارينادا أن المستقبل الفلسطيني بات اليوم مفتوحاً على احتمالات متعددة، من ضمنها تصاعد المقاومة المدنية، أو تطوير أدوات جديدة للمحاسبة الدولية، لكن المؤكد أن "إعادة الاعتبار للرواية الفلسطينية" أصبحت شرطًا أساسيًا لأي حل عادل.

ويختتمان بالقول إن فلسطين بعد الإبادة ليست فقط ضحية تبحث عن عدالة، بل قضية عالمية تمس كل من يدافع عن حقوق الإنسان وكرامة الشعوب، مؤكدين أن "اللامبالاة لم تعد خياراً، كما أن الحياد في زمن الجريمة ليس حياداً، بل تواطؤ".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows